باريس  والمطعم اللبناني

من أدب الرحالات

باريس .. تستحضر  سحر الشرق ؟

منذ كنت صغيرة وتعلمت القراءة والكتابة وأنا أعشق الكتب  ذات الأوراق الصفراء الرقيقة  التي كانت تأتينا من المشرق العربي، وخاصة  من لبنان بلد الجمال والفن والأدب.

كنتُ انبهر  بسحر الشرق لما  قرأت  للعديد من الكتاب العرب من بينهم الكاتب الكبير نجيب محفوظ وثلاثياته الساحرة  “السكرية، قصر الشوق، وبين القصرين”، التي الهمتني وسحرتني وأخذتني بقصصها الجميلة إلى حارات وشوارع وقصور القاهرة، وحيثيات الاحداث التي شوقتنا أكثر لحب هذه المدن الساحرة الآتية من زمن الأساطير والثقافات المتعددة ولها نكهة السحر الخيالية  المستلهمة من قصص ألف  ليلة وليلة، و قاهرة المعز ومهد الفن والحضارة والجمال،  والحب الذي  ينبع من قلوب ذاك  الشعب العريق.

وبعدها تعلقت بجمال  المسلسلات العربية  وخاصة المسلسلات اللبنانية التي كانت تقدم باللغة العربية، هذه اللغة التي عشقناها ولا أنكر أنهم كان لهم الفضل أننا تعلمناها.  من كل هذه الثقافات المتنوعة، بقيت اللهجة اللبنانية عالقة في ذهني حتى الآن.

 وفي شهر ديسمبر الماضي 2017 عندما كنت في باريس  رافقت ابنتي من أجل الدراسة  كنا كل صباح نذهب  الى مطعم ومقهى صاحبه  من لبنان لنتناول الفطور،  واحيانا نتناول الغذاء، وكنا نجلس دائما في طاولة منعزلة، وفي نفس التوقيت تقريبا من كل يوم، تدخل سيدة  لبنانية لتشتري الفطور ، فيستقبلها  النادل واعتقد أنه  كان صاحب المطعم، بحديثه الجميل الذي يشرح القلب ، يحادثها بكلام غاية في الاهمية { اهلين يا ست الستات يا لجميلات يا أنيقة يا وردة  الصباح كيفك اليوم مبين مرتاحة كثير ومبتسمة  مبسوطة وووو}،  كلام يترك المرأة تشعر بأنها هي ملكة الجمال وأميرة الاميرات  وسيدة راقية وووو ..

وفي اليوم الثالث استقبلها بنفس الكلام الجميل ، ولحسن حظي أنني  رأيت تلك السيدة وهي تدخل المطعم، فانبهرت لما رأيتها  وهي  سيدة هزيلة طاعنة في السن كما نقول  نحن {هربت للغسال} ..؟ فقلت ربما هو يمازحها وله مصلحة فيها؟ او قريبته، المهم طرحت عدة تساؤلات في  فكري، ولما خرجت  السيدة سألته، هل هذه السيدة نفسها التي تقول لها هذا الكلام كل صباح، قال  لي أي  سيدة تدخل المطعم اعاملها بنفس المعاملة مهما كان سنها، مهما كان  مستواها الاجتماعي أو  الثقافي، فالمرأة هي جوهرة الحياة..؟

حينها أدركت  أن الرجل اللبناني يكرم المرأة مهما كانت صفتها أو سنها ، وبغض النظر عن جمالها أو فارق المستوى الاجتماعي، لأنها  ضيفته  ويجب أن يكرمها، ويعاملها معاملة  طيبة.

 

اترك رد