خَيْرُ الإِلْف! 

     

(أُلقِيَت أَثناءَ تَكرِيمِ الصَّدِيقِ الأُستَاذِ أَنطوَان فَاضِل، مُدِيرِ ثانَوِيَّةِ الزَّلقا الرَّسمِيَّةِ، لِمُنَاسَبَةِ تَقَاعُدِه)

أَن نُرجِعَ الزَّمَنَ الحَنُونا، ونَعُودَ نَعبُرها السِّنِينا
ونَرُدَّ لِلأَزهارِ رَيَّاها، ولِلنَّحلِ الطَّنِينا
هذِي المُنَى في البالِ… هل نَرقَى سَناها الغَضَّ حِينا؟!
هَلَّا نَؤُوبُ إِلى المَغانِي الخُضرِ والأَشواقُ فِينا،
فَنَرُودَ أَحلامَ الشَّبابِ، مَفاتِنًا تُغوِي عُيُونا
ونَشُقَّ سِربالًا غَزا أَلَقَ النُّضُورِ، بِنا، مُهِينا!
هلَّا… وأَوهَى القَلبَ مَسراهُ، فَباتَ بِهِ رَهِينا،
وشَواطِئُ العُمرِ السَّرِيعِ بَدَت تَشُدُّ لَنا السَّفِينا؟!
هَيهاتَ! فالماضِي مَضَى، وخَرِيفُنا أَضحَى يَقِينا…
***
يا صاحِبِي… وافَى التَّقاعُدُ، فَلنُعِدَّ لَهُ العَرِينا
هَمَدَ الصِّراعُ فَكُن، على الأَيَّامِ، جَبَّارًا حَصِينا
فَالأُفْقُ إِن تَهتِكْ خَفاياهُ، تَجِدْ دِفئًا كَنِينا
ولقد عَهِدتُكَ ثاقِبَ الرُّؤيا، وفي الجُلَّى مَتِينا
وأَنا سَبَقتُكَ في اعتِزالٍ ما ارتَضَيتُ بِهِ حَزِينا
دَربًا سَلَكناها… وكَم عَنَدَت مَطِيَّتُنا، حَرُونا
إِمَّا لَمَسنا في الخِرافِ، نَقُودُها، وَهْنًا مُبِينا
ما خانَنا عَزمٌ، وذَلَّلنا الشِّعابَ مُهَلِّلِينا
لِغَدٍ بَهِيٍّ نَنتَضِي قَلَمَ الهُدَى زَنْدًا يَمِينا
ولقد زَرَعنا، فَانظُرُوا… مُلِئَ المَدَى، وَفْرًا سَمِينا
والزَّهرُ أَشرَقَ في أَدِيمٍ كان أَحجارًا وطِينا
فَكَفَى جِهادًا، يا أَخِي، وكَفَى عَناءً ما لَقِ
***
يا صاحِبي! كَم نِلتُ مِنكَ تَفانِيًا، ولَمَستُ لِينا
ووَجَدتُ فِيكَ الصَّادِقَ المِعطاءَ، والعَفَّ الأَمِينا
فَلَأَنتَ خَيْرُ الإِلْفِ، والإِخلاصُ، فِيكَ، يَظَلُّ دِيْنا
يا مُؤْنِقًا في كُلِّ ما تَبغِي، وَجَدتُ بِكَ الخَدِينا
تَبقَى الصَّداقَةُ بَينَنا، والوُدُّ يَبقَى ما بَقِينا!
 ***
كُنتَ الأَنِيسَ إِذا فَكِهتَ، وكُنتَ في العَمَلِ الرَّزِينا
ومَعَ الجَمِيعِ أَخًا؛ وكُنتَ، لِمَن كَبا، عَونًا مَكِينا
فَسَلُوا رِفاقَ الدَّربِ كَم كانَ “المُدِيرُ” بِهِم ضَنِينا!
أَنطُونُ! حَسبُكَ أَن تَرَكتَ مَعَ الصِّحابِ لَكَ الحَنِينا
وزَرَعتَ في مَن واكَبُوكَ هَوًى، وتَذكارًا ثَمِينا
ومَرَرتَ كالنَّسَمِ الرَّخِيِّ، فكانَ مَرُّكَ ياسَمِينا!

اترك رد