فهم طبيعة السيطرة المقصودة
(مقتبس بتصرف)
للاسف حينما نتحدث عن سيطرة الذكاء الاصطناعي على العالم فالذهن ينصرف الى افلام مثل “ترميناتور” او “ماتركس” حيث تخوض الآلات فيها حربا ضد البشر. لكن السيطرة التي نعنيها والتي بدأنا نلمس آثارها هي ارتباط كل مفاصل حياتنا بالآلات واتخاذها القرارات بدلا عن البشر واجبار البشر لا شعوريا على الاختيار الذي يقترحه عليك الذكاء الاصناعي.
مصير شبيه بمصير الاحصنة
كانت الأحصنة هي الوسيلة المُثلى للمواصلات ونقل البضائع، وكانت تستخدم في الزراعة والصناعة، وكانت أهم سلاح في الحروب. وكانت تعتبر محركا من محركات الاقتصاد فماذا حدث؟ بدأت الثورة الصناعية وبدأنا نستبدل هذه الأحصنة بالآلات شيئًا فشيئًا، فجاءت السيارات وعربات النقل وانخفض الاعتماد على الأحصنة شيئًا فشيئًا حتى اقتصر دروها على التسلية فقط.
إنّ ما يحدث في هذه الأيام هو أمر مشابه جدًا، فها هو الذكاء الصناعي والروبوتات تستبدل البشر تدريجيًّا، فالذكاء الصناعي يأخذ مكان العمال العاديين. يكفي أن تدخل أي مصنع أو معمل حتى ترى الأمر بعينيك، فالروبوتات لا تتعب ولا تكلّ ولا تملّ تقوم بعملها دون طلب زيادة في الراتب أو إجازة، شئنا أم أبينا فالروبوتات أفضل من البشر في الأعمال التي تتطلب التكرار، أو في الأماكن الخطرة، أو حتى الأعمال المملة.
في هذه الأيام لا توجد وظيفة إلاّ وتستطيع الروبوتات القيام بها، تخيّل أي وظيفة وابحث عن روبوت يقوم بها وستجد حتمًا. فالروبوت مولي يستطيع الطبخ لربما أفضل بكثير من الطهاة المحترفين، والروبوت سافير يستطيع مساعدة رجال الإطفاء، والروبوت أوشين ون يستطيع الغوص كما يفعل البشر، ولا ننسى دافينشي الروبوت الجراح، وبالطبع باكستر الروبوت متعدد الاستعمال خير عون للبشر في المعامل والمصانع، وغيرها الكثير والكثير.
يستبدل الخبراء كذلك
لم يتوقف الذكاء الصناعي والروبوتات على استبدال العمال العاديين فقط بل انتقل كذلك إلى تجاوز الخبراء كذلك، المثال الأول وهو واتسون ذلك الحاسب الخارق المزوّد بخوارزميات الذكاء الصناعيّ، والّذي استطاع الفوز في مسابقة المعلومات العامة Jeopardy عام 2011، والتي تتطلّب فهم للّغة الإنكليزية ومن ثم الإجابة على العديد من الأسئلة والمعلومات العامة، وبالرغم من هذا الإنجاز العظيم والّذي يُعتبر فوزًا على خبراء وعباقرة المعلومات العامة فإنّنا سنتتكلم عن أمر ثانٍ تمامًا، عن إنجاز آخر لواتسون في عالم الطب.
أمثلة من الطب والحياة:
تبدأ القصة مع امرأة يابانيّة تبلغ من العمر 60 عامًا مصابة باللوكيميا، وقد عجز الأطباء في جامعة طوكيو عن إيجاد علاج فعّال لحالتها، فما كان منهم إلّا أن استعانوا بواتسون الذي قرأ 20 مليون ورقة بحثيّة حول موضوع السرطان، ومن ثمّ قارنها مع حالة السيدة اليابانية، ومن ثم وجد علاجا فعّالا خلال عشر دقائق فقط، وبالطبع تحسنت حالة السيّدة بعد العلاج الجديد.
المثال الثاني، ولا زلنا في عالم الطبّ ولكن الطب النفسيّ هذه المرّة، حيث استطاعت مجموعة من الباحثين في جامعة كالفيورنيا الجنوبيّة تطوير برنامج ذكاء صناعي يلعب دور طبيبة نفسية اسمها إيلي، وليس هذا فقط وإنّما تطوير بيئة افتراضية لإظهار هذه الطبيبة ككائن بشري بصيغة ثلاثية الأبعاد. تتفوق هذه الطبيبة الحاسوبية على البشر في أمرين، الأول وهو قدرتها على التعلم السريع حيث تملك تقريبًا كل ما أنتجه البشر حول الطبّ النفسي بكل الكتب والأبحاث العلميّة والمناهج التدريسية وهو ما لا يستطيع أي كائن بشري بالقيام به، والأمر الثاني هو قدرة هذه الطبيبة على قراءة أدق التعابير البشريّة ولغة الجسد مما يجعلها أكثر كفاءةً على قراءة الحالة النفسيّة للمريض الذي أمامها، وبالتالي أكثر قدرةً على تشخيص الحالة وإعطاء العلاج المناسب.
المثال الثالث ولربما الأشهر وهو بداية عصر السيّارات ذاتيّة القيادة، وتفوقها الواضح على السائقين البشر، فمهما كان السائق البشري يملك خبرة كبيرة فهو معرض للضغوط النفسيّة والصحيّة، وبالتالي مما يزيد نسبة الحوادث، فبكل بساطة الذكاء الصناعي يقود السيّارات أفضل من البشر.
يستبدل حتى المبدعين
اصبح الذكاء الصناعيّ قادرًا على الابداع، فتارةً تراه قادرًا على تأليف الموسيقى، وتارةً تراه يستطيع الرسم، وعزف البيانو وغيرها الكثير من الأمثلة الأخرى.
الانسان في مواجهة الروبوت
إنّ مستقبلنا مع الروبوتات والذكاء الصناعيّ معقد أكثر من مجرد سرقته لوظائفنا، فبوصول الذكاء الصناعي لنقطة التفرّد (يتوقعها البعض في عام 2047)، وهي النقطة التي سيصبح عندها الذكاء الصناعي أذكى من البشر حتى وربما سيملك وعيّه الخاص وقته، سيصبح الذكاء الصناعيّ منافسا لبني البشر في كل شيء حتى في حكم العالم.
سيطرة البشر على الروبوتات
إذا كنتم قد شاهدتم فيلم أنا روبوت (I, Robotالذي صدر عام 2004 من بطولة ويل سميث، فلا بدّ أنكم تذكرون الذكاء الصناعي الذي يُدعى فيكي.. فيكي هذا كانت مهمته جعل حياة البشر أفضل، ولأنّ مهمته إبقاء البشر آمنين فسيقوم بأي شيء ممكن. قام فيكي ومن خلال بعض العمليات الحسابيّة باستنتاج أنّ العدو الأول للبشر هو أنفسهم وأنّهم سيكونون السبب الرئيسي في انقراضهم ومن هنا يقرر فيكي حماية البشر من خلال سلب إرادتهم الحرّة، وبالتالي استعباد البشر والسيطرة عليهم.