ربع لتر فن

 

 

على المسرح فنان يعرف بفنه. وبالصالة التي تسع خمسمائة شخص نحو النصف. والأضواء التي لا تثبت على حال والنهر تعد بليلة أسطورية. قدم الفنان أعضاء فرقته وذكر أهم ما قدم في السنوات السبع الماضية منذ نشأته. ثم قال الذي يعرفنا يرفع يده وتفاجأ أسعد بحبيبته التي تدهن بشرتها بالعسل ترفع يدها.

هي المرة الأولى التي يرى فيها الفنان وفرقته. وحبيبته التي جاءت من مقتل الملوك. وتجشمت السفر آلاف الأميال، كانت رأته قبل وقوع الزلزال بأيام. حين تشققت الأرض وطلبت ثأرها.

قال أسعد في سره ما علينا. عله يقدم الآن ما يسعد الخاطر.

بعد الأغنية الأولى نظر أسعد في عيني محبوبته السمراوين الباسمتين خلف نظارتها. ثم إلى شفتيها المدهونتين بروج أصفر لا يكاد يبين. ومال على عنقها كأنما عفويا حتى شم نفسها ورائحة جسدها.

الفنان لم يتوقف عند تقديم الأغاني. والجمهور كان يأخذ منه المذهب ويتجاوب في التو. والتصفيق لم يتوقف إلا ليعود. كل من بالصالة طرح الضيق وقص الخيبة من أحشائه. ونسائم النهر وشوشت الشوق بعطر الياسمين.

بعد نحو عشر أغانٍ دخل الفنان عليى إيقاع راقص. نظر أسعد لمحبوبته وهو يضحك. قالت والفرحة قد أكسبت عينيها بريقا: ترقص؟

قال: يعني لو نهضت لن تتردد؟

احمر وجهها الأبيض بغتتة ودفنت رأسها في صدره. حضن رأسها وربت على ظهرها ثم أطلقها وجذبها إليه بالكرسي.

أسعد كان هائما. قلة النوم فكفكت الشجون وألانت اليابس. فمنذ عرف بقدوماه بعد غيبتها عصر أمس ولم يذق طعم النوم. أخذه القلق الذي يصاحبه دوما ليلة الامتحان. والفنان خفف من وقاره. صارت أطرافه تتحرك عليى وقع الإيقاع. وإذا رأى أغلب الجمهور يرقص،  همس لها: لم يبق غيرنا.

قالت وحمرة الدم تحيل خديها إلى تفاح:

لن أقوى على مواجهة كل هؤلاء.

قال وهو يجذبها من فوق الكرسي جذبا: أي هؤلاء يا شقيقة البدر؟. أتظنين أن أحدهم يرانا؟. قومي فقد أكل بعدك أحشائي.

اترك رد