ضمن سلسلة المحاضرات عن تراث لبنان في تنوّعه الغني، ينظّم مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت لقاء حول “العنبر اللبناني كنز فريد في العالم” مع مكتشف معظم مواقع العنبر في لبنان البروفسور داني عازار، رئيس الجمعيّة العالميّة لدراسة الحشرات المتحجّرة/ نائب رئيس المجلس العالمي للعنبر، السابعة مساء الإثنين 11 نوفمبر 2013 في القاعة 904- كلية إدارة الأعمال- مبنى الجامعة الجديد- الطابق الأرضي- قريطم- بيروت.
تتخلل اللقاء مداخلتان: الأولى للدكتور جورج طعمة، رئيس المجلس الوطني للبحوث العلميّة/ رئيس الجامعة اللبنانيّة سابقاً، والثانية للمخرج السينمائي فيليب عرقتنجي عن دور عنبر لبنان في الفيلم العالمي “جوراسيك بارك”، وتختمه مناقشة وأسئلة من الحضور. يدير اللقاء مدير المركز الشاعر هنري زغيب.
دموع الآلهة
العنبر أاو الكهرمان أو الكوريا) مادة صمغيّة تلصق بالنباتات وتحفظ لملايين السنين كلّ ما يعلق بها. هو مادة دافئة متلألئة بلون الشمس والذهب، قيمتها بجمالها وصفاتها حجارة كريمة في المجوهرات. هو صمغ نباتي ممتاز لحفظ الحشرات والعناكب وأصناف كثيرة من الحياة البيولوجيّة تعلق فيه وتبقى محفوظة بأدقّ تفاصيل أبعادها الثلاثيّة.
هو في الإنكليزيّة amber (من العربيّة “عنبر” أي البخور)، وفي الألمانيّة einbernest (الحجر الذي يحترق)، وفي اليونانيّة electron لما فيه من خصائص كهربائية، وفي الروسيّة yantar (تميمة لإبعاد الشرور والاتّقاء من صيبة العين).
ورد ذكره في أساطير وميثولوجيات، تحدثت عنه بإجلال وأرجعت تكوينه إلى أنه بقايا من دموع الآلهة.
في لبنان تمّ حتى اليوم اكتشاف ما يزيد عن 400 موضع يتوفّر فيها العنبر، ولا تزال الأبحاث مستمرّة. يجمع العلماء الاختصاصيون على أن العنبر اللبناني هو العنبر الأقدم في العلم، لاحتوائه على كائنات بيولوجيّة متنوّعة وكثيرة، ما يجعله بين أهمّ أنواع العنبر المكتشفة حتى اليوم، لأن تكوينه يعود إلى العصر الطبشوري السفلي (أي 135 مليون سنة)، زمن ظهور أوائل النباتات المزهرة على سطح الأرض، وهذا حدث بالغ الأهميّة في متابعة نشوء الحياة، كما نعرفها اليوم، وفي دراسة تطوّرها عبر ملايين السنوات.
فرادة العنبر اللبناني أنه شاهد على كثير من العائلات البيولوجيّة المنقرضة في جميع البلدان السحيقة الجيولوجيا والطبقات الأرضيّة، وهذه العائلات النادرة لم تعد موجودة إلا في لبنان.
يسجّل عنبر لبنان أرقاماً قياسيّة لأقدم عائلات المفصليّات الأرضيّة، من حشرات وعناكب وحلزونيات أرضية وفقاريات صغيرة، وفي عنبر لبنان أقدم سجلّ محفوظ للتزاوج والحياة الطفيلية.
دراسة الكائنات البيولوجية في العنبر اللبناني أتاحت للعلماء إعادة تركيب بيئة الأرض قبل 135 مليون سنة في المنطقة التي هي لبنان حالياً، وكانت مكسوّة بغابات كثيفة مظلمة تحت تأثير مناخ استوائي حار ورطب. مواقع العنبر في لبنان لا تحظى بحماية رسميّة، وهي مهددة بالتدمير أو التخريب أو الإزالة. لذا يجب إدراج هذا الكنز الطبيعي على لائحة التراث الإنساني العالمي، لأن زوالها خسارة كبيرة للتراث الإنساني، وللمعرفة العلمية، ولدراسة تطوّر الحشرات والمفصليات الأحفورية المتحجرة.
كلام الصورة
1- منظر نادر من طبيعة لبنان قبل 135 مليون سنة
2- في أرض لبنان: أقدم حلزون أرضي
3- في ارض لبنان أقدم ممثل ذبابيات في العالم
4- وأقدم شاهد في الأرض على الحياة الطفيلية