تحت شعار «الفن في خدمة القضايا الإنسانية والتراثية»، تشهد بيروت معرضين هذه الأيام: الأول للبريطاني توم يونغ الذي يكرس ريشته لتوثيق معالم البيوت التراثية والتحذير من مغبة هدمها معتبراً إياها من صميم الحضارة اللبنانية، والثاني للفنان التشكيلي اللبناني علي طليس الذي يعاني داء التوحد، وتعكس لوحاته القدرات العالية التي يتمتع بها من يعانون هذا المرض على المستويين الفكري أو الفني.
برعاية السفارة البريطانية افتتح الفنان البريطاني توم يونغ معرضه «فن التربية» ه في 28 سبتمبر في نادي اليخوت في الزيتونة باي في بيروت، ويستمر لغاية 30 سبتمبر، وهو من تنظيم جمعية Teach a Child.
يتضمن المعرض 50 لوحة زيتيّة اختيرت من أشهر أعمال يونغ الفنيّة التي قدّمها في بيروت على مدى الأعوام الخمسة الماضية، من بينها أعمال مستوحاة من مشاريعه لتحويل الأبنية القديمة الثلاث Villa Paradiso، The Rose House
وAl Zaher إلى مراكز ثقافية. كذلك يتضمّن المعرض لوحات جديدة حول مدينة بيروت المعاصرة فضلاً عن عمل لم يُكشف سابقاً نفذّه يونغ في فندق Holiday Inn – البناء الذي يمكن رؤيته من موقع المعرض.
يستكشف الفنّان في المعرض مواضيع الزوال، والذاكرة، والتحوّل والتناقض عبر أساليب عدة من بينها الانطباعية، والسريالية، والرمزية والتجريد. وفي وقت يعبّر فيه عن تلهّف وحنين إلى الماضي وعن خوف من التطوّر العصري، يبتكر إحساساً سامياً من الضوء والمساحة.
يجمع «يونغ» بين الرسم والهندسة ومساعدة الأطفال المحرومين، ويعمل غالباً مع أطفال من الأيتام لإطلاق مشاريع ومعارض جماعية. من هنا جاء تعاونه مع Teach a Child تطوّراً طبيعياً ومناسباً، فالجمعية منظمة غير حكومية تؤمّن الدعم المادي للأطفال عبر المناطق اللبنانية لتسجيلهم في المدارس الرسمية، بغض النظر عن جنسهم، أو دينهم، أو مكان إقامتهم أو أدائهم. ويتشارك الفنّان مع الجمعية بفكرة أنّه يجب التحرّك لتحسين ظروف الأطفال في لبنان بهدف تأمين مستقبل أفضل للجميع.
في هذا السياق يعلّق يونغ: «أشعر بحماسة لكون هذا التعاون يسمح لي بدعم العمل السامي الذي تقوم به جمعية Teach a Child في لبنان». بدورهم عبر أعضاء الجمعية المنظّمين للمعرض عن حماسة لتأمين فرصة اقتناء لوحات فنيّة لمعجبي الفنّان والمساهمة في تعليم الأطفال المحتاجين في لبنان في آن.
البيت الزهري
يندرج «من التربية» ضمن سلسلة معارض توم يونغ التي أقامها في السنوات الماضية في بيروت من بينها معرض «في البيت الزهري» ( 2014)، وهو بيت أثري يقع على تلة مشرفة على البحر، وقد اختاره لرسمه بعد تردد أخبار عن إمكان هدمه وبناء برج عالٍ مكانه، فاعتبر ذلك هدماً لملامح من ثقافة بيروت، واستوحى من أجوائه مجموعة لوحات ركز فيها على خصائص البيت وطريقة انتشار الضوء في داخله، إضافة إلى توثيق التناقضات التي تعيشها بيروت، ذلك أن القصر يقع في منطقة مليئة بالأبراج السكنية العالية، وتجاوره المنارة القديمة ومدينة الملاهي.
برعاية وزير الاتصالات في لبنان جمال الجراح وحضوره، عرض الفنان علي طليس باقة من لوحاته الجديدة خلال معرض بيروت للفن – Beirut Art Fair، وهو الثامن الذي تقيمه شركة «ألفا»، بإدارة أوراسكوم للاتصالات، للفنان طليس في إطار مواكبتها المستمرة له وللجمعية اللبنانية للتوحد ضمن برنامجها للمسؤولية المجتمعية «ألفا من أجل الحياة».
حمل المعرض عنوان «البيوت التراثية اللبنانية»، وتضمّن 17 لوحة، هي مزيج من الثقافة والحضارة اللبنانية، تجسّد بيوتاً لبنانية تراثية، فأتت منسجمة مع موضوع معرض بيروت للفن الذي قدّم خلاله فنانون لبنانيون وعرب وعالميون أعمالهم.
برع طليس مرة جديدة في إظهار موهبة فنية عالية وعبَر عن عالم التوحد إلى جانب عالم الفن من خلال لوحاته. واكبته في المرحلة التحضيرية للمعرض ريتا مكرزل، نقيبة محترفي الفنون التخطيطية والرسوم التعبيرية في لبنان، في ورش عمل متخصصة.
عاد ريع المعرض إلى طليس والجمعية اللبنانية للتوحد، وسبق أن عرض الفنان أعماله في بيروت وخارجها، ومن أبرز محطاته الفنية معرضه الخامس PopArt حيث جسد بحرفية هذا الفن مستخدماً تقنية الطّبشور الزّيتي لرسم الـبورتريه، فضلاً عن التكعيب والباستيل…
*****
(*) جريدة الجريدة.