«متعة العمر» للروائية هدى عيد تتعدد الدروب والغاية واحدة

غلاف الكتاب

«متعة العمر» رواية جديدة للكاتبة اللبنانية هدى عيد صدرت حديثاً عن دار الفارابي في بيروت، تطرح اسئلة حول الوجود والحياة: ما الذي يجعلُ العيشَ محتملاً؟ وما الذي يجعلُ العيش ممتعاً؟ وما هي متعة العمر؟

«يتبيّنُ قارئ هذه الرواية إجاباتٍ ملموسة عن هذه الأسئلة وأعني بـ «ملموسة» نطق بنية الرواية بهذه الإجابات، من دون تدخّل من الراوي»… يقول أ.د. عبد المجيد زراقط في تقديمه للرواية، موضحاً: «يتبين القارئ هذه الرؤية/ الإجابات، في فضاء المتعة الروائية، التي توفّرها بنية روائية يشكّلها نسيج روائي تتنوع خيوطه بين سرد مشوق يمضي خيطياً، ويتكسر مسترجعاً مستبقاً، ووصف دال، وحوار ذاتي وثنائي رشيق يلائم الموقف والشخصية، وإشارات كاشفة يرسلها الراوي في حالات تقتضيها، ما يشكل بنية روائية تمتع وهي تروي سيرة سعي الإنسان إلى متعة العمر».

في وصفه لشخصيات الرواية يشير زراقط إلى أن أدهم الذي سمّاهُ جدّه لأمّه، حميّة، باسم المقاوم العامليّ أدهم خنجر، يتمرّد عندما يشعرُ بأنه متروكٌ من أبويه اللذين انفصلا، «ويبدو واضحاً أنّ تمرده يهدف إلى تحقيق ذاته وإثارة اهتمام حبيبته، وإذ تبادله هذه الحبّ يعيش متعة العمر، ويتغيّر… وجدّه لأبيه مصطفى يعيش سعيداً ما دام يمتلك الأرض ويجعلها معطاء، وإذ يفقد بستانه، ويشاهد فقد أناس لإنسانيتهم يُصاب بالشلل، ثمّ يموت. والجدّ حميّة يبقى في قريته ويقاوم هو وابنه علي، وإذ يستشهد هذا الأخير يبقى أبوه في قريته يحيي أرضه ويحميها، وأبو أدهم يجد متعة عمره في النساء، وإذ يشعر بأنَّ المرأة مستحيلة الامتلاك يغدو مزواجاً، لكن زوجته الأخيرة الشابة تسعى إلى نيل فتى يعوّض لها الفقد المتأتي من زواجها برجل عمره عمر والدها».

يضيف: «هكذا، كما يبدو تتعدد الدروب، وجميعها تفضي إلى تحقيق ما يجعل العيش ممكناً، أو ممتعاً، بالحب، بجنى الأرض، بحماية الوطن، بالجنس الآخر، جميع هذه الدروب تفضي إلى الامتلاك. هذا هو قدر الإنسان المتمثل في أن يسعى إلى امتلاك ما يحقق ذاته، ويوفّر له متعة عمره».

شيرو مريضة!

في ما يلي مقتطف من الرواية:

لا شكَّ في أنَّ قوّة الحبّ طاقة نادرةٌ في الوجود.

سحرٌ إلهيٌّ لم يدرك مخلوقٌ سرَّه المقدس بعد.

أنا أحاولُ، منذ طرقت أناملُه النّاعمه الرقيقة مغاليق قلبي الموجع حتى الموت، أن أبذل جهدي كله، في سبيل فهم علة أسراره ووطأتها، احتفاءً بحلوله ضيفاً على كياني.

الآن أفكرُ أنْ ليس المهم أن ندركَ حقائق الأشياء والأمور، بل المهم أن نعرف كيف نتصرّف فيها، وحيالها متى أدرَكَتْنا.

فليس لنا مخرج سوى أن نجد قيمة لما نقوم به، لما نحسّه ، أو الأجدى لنا الانصراف عن الطريق التي بدأنا بسلوكها.

يسكنني الخواء أحياناً، وأنا أفكر بسرّ الوجود.

لمَ استمرُّ بعدُ بالوجود إذا كانت الخطيئة تسعى بقدمين حافيتين ورائي؟

كلّ الأمور مقلوبةٌ في دماغي رأساً على عقب، بينما يداي مغلولتان بخيوط رقيقة واهية أعجز عن تقطيعها، لأنّ الرؤية منعدمةٌ مساراتُها أمامي.

أودّ لو أصرخ من أعمق أعماقي: أيتُّها العابثة بسبل الحياة التي غُرِسْتُ فيها توقفي. ما عدتُ أملك قدرةً على الصمت الكثير الذي احتواني في لياليَّ السابقات.

أحيا التمزق مذ أدركتِ المشاعرُ سبيلها إلى كياني. منذ طفولتي التي شُطرت إلى نصفين، مذ أدركتُ ذكورتي ومثالُها المفترض به أن يكونَه، يغيب عني. مذ انعدم المنطق في سلوك المرأة التي أحبها أبي.

تمردي كان طفلاً انسرب من العدم عند اقترابها الأول مني. وهي تتقدم في المقهى باتجاهنا، باتجاه كرسي تحتله قبالتي. تبتسم لي كأني طفلٌ تلهيه بلعبة، فاتها أنَّ الطفولةَ ذكاء وكشفٌ وخرق لكل حُجب الرياء.

*****

(*) جريدة الجريدة.

اترك رد