بقلم: ليلى بسام
في عامين ونصف العام ارتسمت لوحة سريالية تتقاطع خيوطها بين الداخل والخارج وأصبحت تتصدر معرضا للمزاد السياسي العلني. وإذا كان معرض الأزمة السورية ينتظر جرس البيع والشراء فان جرسا اخر ارقى واكثر صدقية قرع في بيروت مطلقا اول مزاد على فنون سورية ولبنانية وغيرها ستدعم ايراداته اطفالا مشردين جمعتهم الغربة.
ما يقدر بمليون وثلاثمائة ألف دولار القيمة الافتراضية لأكثر من مائة لوحة لفنانين مشهورين، معظمهم من سوريا ولبنان، يجري المزاد عليها باسعار أقل من أسعار المعارض بغية جمع أموال لأطفال النازحين السوريين.
بحسب الأمم المتحدة نصف اللاجئين السوريين البالغ عددهم مليونين، هم من الأطفال، معظمهم فروا إلى لبنان هرباً من الحرب الأهلية في بلدهم، فيما قتل أكثر من مئة الف شخص، خلال أكثر من عامين ونصف العام من العنف.
تقول نورا جنبلاط، رئيسة مهرجانات بيت الدين الدولية ورئيسة المعرض، إن العالم “يغض الطرف عن وقائع الحرب السوريّة المرّة. أكثر من مليوني لاجئ، أكثر من مليون طفل لاجئ ، مليون و200 ألف لاجئ في لبنان وحده، 77 بالمئة من اللاجئين هم من الأطفال والنساء، 85 بالمئة من الأطفال لا يرتادون المدرسة مما يجعل من هذه الوقائع عبئا قياسياً في سجل دول الضيافة”.
وكثر من هؤلاء الاطفال يعيشون في ظروف مروعة في الخيام، أو في مبان مهجورة مع محدودية فرص الحصول على الغذاء والدواء والكساء والتعليم، كما تبين منظمات الإغاثة وأهل اللاجئين.
تضيف جنبلاط لـ “رويترز” أنها لاقت تجاوباً من فنانين ودور عرض للتبرع للمزاد العلني، ويمتلئ مكتبها في بيروت بعشرات اللوحات الضخمة الملفوفة تمهيدا لعرضها في المزاد العلني، تعود إلى 134 فناناً…
تتولى الدكتورة كاثي باتيستا، مديرة قسم الفنون المعاصرة بمعهد سوذبيز للفنون، تنظيم المعرض، ويجري المزاد لبيع اللوحات إلكترونياً إبتداءً من 20 اكتوبر لغاية 8 نوفمبر 2013. وسيقام مزاد علني مباشر في الثامن من نوفمبر في مركز بيروت للمعارض.
تشير جنبلاط إلى أن للمرة الأولى يجتمع هذا الكمّ الكبير من الفنانين من الشرق من اجل هذه القضية، من بينهم: الفنانين اللبنانيين نبيل نحاس الذي يعرض بانتظام في نيويورك، وأيمن بعلبكي الذي تبرع بلوحة عبارة عن رجل يرتدي كوفية حمراء وبيضاء وسوداء.
وتوضح أن بيع اللوحات يجري في مزاد علني على موقع “بادل 8” وهو موقع للمزادات العلنية في الولايات المتحدة، بأسعار أقل من أسعار المعارض وأن فنانين مصريين وإيرانيين وأوروبيين وعراقيين تبرعوا ببعض الأعمال.
وتقدر سارة جوليت رئيسة لجنة الاتصالات في “بادل 8” المقتنيات بمليون وثلاثمائة ألف دولار، وقد تزيد بنسبة عشرين الى ثلاثين بالمئة.
وعرضت لوحة بعلبكي بتسعة الاف دولار، وهو سعر زهيد قياساً بلوحة اكليريك بيعت له في إبريل نيسان الماضي بقيمة 377 الف دولار. في حين أن لوحة نحاس التي تصور شجرة أرز للبنانية عرضت بستين الف دولار وارتفع سعرها على مدار الأسبوع.
يسلط المزاد الضوء على فنانين سوريين شباب تأثر كثر منهم بالانتفاضة وما تلاها من حروب.
وتبرع يوسف عبدلكي بلوحة عبارة عن: رأس رجل مقطوع وعيناه جاحظتان وكتب فوقها عبارة “يا نجمة الصبح فوق الشام عليتي. الأجواد أخذتي والأنذال خليتي”. عبدلكي فنان تشكيلي مشهور من مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا، اعتقل على أيدي النظام السوري في يوليو وغادر سوريا في وقت لاحق.
ومن الفنانين السوريين المشهورين رسام الكاريكاتور علي فرزات الذي قدم أربع لوحات كاريكاتورية، إحداها تجسد رجلين يتصافحان وهما على اكتاف مجموعة من الناس البؤساء الذين كانوا يتشاجرون ويتعاركون من تحتهم.
أما اللوحة الثانية فهي بالابيض والاسود كتب عليها “ذكرى مرور عام على الثورة السورية 2012″، وتصور رجلا يحاول تكميم فم مواطن.
وكان فرزات خطف وتعرض للضرب والتعذيب بحروق في جسده من قبل جهاز الامن السوري لاسكاته ومنعه من رسم صور الكاريكاتور التي لوح بها محتجون وهم ينزلون الى الشوارع.
وحقق فرزات شهرة كبيرة في العالم العربي وخارجه لرسومه الكاريكاتورية اللاذعة للزعماء العرب، مثل معمر القذافي والرئيس العراقي الراحل صدام حسين وفي النهاية الرئيس السوري بشار الاسد. أما الفنانون السوريون الباقون فلوحاتهم كانت أقل انغماساً في الأزمة السورية حيث ينقسم السوريون بشأن الحرب طائفياً ومذهبياً وعرقياً.
تلفت نورا جنبلاط، زوجة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط المناهض للرئيس بشار الاسد، إلى أن اختيار محنة الاطفال اللاجئين أمر غير سياس، وأن ريع المعرض كاملا مخصص لأطفال اللاجئين السوريين في لبنان، لتأمين حاجاتهم من مأكل وملبس وأدوية وتعليم، بواسطة المنظمات غير الحكوميّة العاملة ميدانيا”
تضيف: “حتى بعدما يعبر الأطفال الحدود إلى بر الأمان يبقون عرضة للصدمات وضحية للإحباط. لا شك في أن التهديدات التي تعترضهم، حقيقية وتتضمن عمالة الأطفال والتسول والزواج المبكر والاستغلال الجنسي والإتجار، ناهيك عن السعي اليومي الدؤوب لتأمين لقمة العيش والملبس والطبابة والدراسة.”
كلام الصور
1- نورا جنبلاط
2- لوحة أيمن بعلبكي