أصدرت “الحركة الثقافية – انطلياس” بياناً وجهت فيه تحية وفاء إلى محمد دكروب المثقف الكبير الذي ترك يراعه وحلق بعيداً، جاء فيه: “برحيله يخسر الوسط الثقافي عقلا متنورا وقلبا محبا وروحا متوثبة دائما بشبابها وتفاؤلها بالمستقبل. ان الحركة اذ تتقدم بواجب العزاء من عائلته ورفاقه وأصدقائه تتمنى على القادرين ان يقوموا بجمع تراثه الغزير والعمل على طبع مخطوطاته. وعلى كل حال فأمثال راحلنا يستمرون خالدين في ذاكرة شعبنا الذي كافح محمد دكروب طوال حياته دفاعا عن قضاياه الكبرى”.
بدأ الوعي الثقافي لدى الراحل يتفتح مع والده الأمي صاحب مطعم الفول في اطار الاحاديث المتبادلة في سهرات بلدته صور. في الكلية الجعفرية التي أنشأها المجتهد عبد الحسين شرف الدين، تعرف على بعض الأساتذة. وقبل صف السرتفيكا اضطرته الحياة للعمل مع والده إلا انه استمر بالمطالعة في شتى المجالات وكانت مجلة (الكاتب المصري) نافذته الى الثقافة الأوروبية والأجنبية.
بعد وفاة والده عمل سقاء وبائع خبز وياسمين واشتغل في البناء والسنكرية. واخذ يكتب القصص ويرسلها الى جريدة التلغراف حيث كان يشرف على القسم الثقافي الأديب والمفكر رئيف خوري. تأثر بمحمد عيتاني الذي كان يدرس في صور، كما تصادق مع حسين وكريم مروة اللذين عرفاه على القيادات في الحزب الشيوعي. وهكذا بدأ ينشر القصص في مجلة الطريق. ثم اصبح مسؤولا عن مجلة الثقافة الوطنية التي استمرت حتى العام 1959 وقد كتب فيها كبار المثقفين اليساريين. عاش في الاتحاد السوفياتي نحو سبع سنوات حيث تزوج فتاة روسية. وقد لاحظ جو سيطرة الاجهزة في تلك البلاد واستمرار التمايز الطبقي.
تسلم مسؤولية تحرير مجلة الطريق، وساهم في دعم التيارات الابداعية في الحرب عام 1974. كلف بكتابة تاريخ الفترة الأولى للحزب فألف (جذور السنديانة الحمراء) حيث انصف دور فؤاد الشمالي. وهكذا بقي طوال 30 سنة متحملا مسؤولية تحرير مجلة الطريق، الأمر الذي سمح له باقامة علاقات طيبة مع الكثير من الكتاب والمفكرين. وكانت هذه المجلة قبل توقفها عن الصدور عام 1993 توزع بين 5 – 6 آلاف عدد.
ترك دكروب 10 مؤلفات، ومئات الدراسات والمقالات ومقدمات الكتب والقصص، كما ترك المئات من المقالات في جريدة النداء وغيرها والمقابلات الاذاعية والصحفية. في الفترة الاخيرة اعاد طبع الطريق، كما أعد 13 كتابا مخطوطا جاهزا للنشر. شارك في كتاب مئوية رئيف خوري الذي اصدرته الحركة الثقافية – انطلياس في معرض الكتاب (آذار 2013). وورد اسمه في البطاقة المطبوعة والموزعة من بين المشاركين في الندوة المزمع قيامها في الثاني من تشرين الثاني القادم في الاونيسكو عن رئيف خوري، بالاشتراك بين حركتنا والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وبلدية بلدة نابيه موطن رأس رئيف خوري.
وختم البيان: “كان صديقا كبيرا لحركتنا وكم كان سروره كبيرا عندما حضر معرض الوثائق والصور عن تاريخ الحركة النقابية اللبنانية خاصة في مجال الطباعة بمناسبة اعلان بيروت عاصمة ثقافية (تشرين الثاني 2009). وكان للحركة شرف تكريمه كعلم ثقافة في لبنان والعالم العربي، الرعيل 23 عام 2008، في المهرجان اللبناني للكتاب”.