رشيد بوجدرة فقد شعبيته وهو اليوم يحاول إثارة اهتمام الجماهير بإلحاده..
وسمير قسيمي يحتاج إلى مراجعة أوراقه لمعالجة شعبيته المتدنية
حوار أميرة لزيار
يتحدث الكاتب مولود بن زادي لصحيفة الصوت الآخر عن المشهد الأدبي في الجزائر وينتقد الكتاب الجزائريين، كما يصرّح عن جديده المتمثل في رواية شرع في كتابتها أخيراً بعنوان “فتاة من النمسا”، ويقطع على نفسه عهداً بعدم المشاركة في الصالون الدولي للكتاب حتى يحصل على دعوة رسمية.
ما شعورك وأنت اليوم تزور وطنك الجزائر قادما من بريطانيا، وكيف تقضي وقت فراغك؟
والله أشعر بسعادة لا توصف وأنا اليوم معكم في هذا الوطن الغالي الجزائر. أحاول الاستمتاع بكل لحظة من لحظات هذه العطلة القصيرة. كل شيء له علاقة بهذه البلاد له تأثير في نفسي.. الهواء، الحر، الشمس، الليل، النبات الذي لا نرى مثله في بريطانيا.. أفتقد حتى الغبار الذي يملأ الجو أحيانا، وأفتقد هذه صخب الشوارع وفوضى الأسواق وكل شيء جميلا كان أو قبيحاً..
أنفق الكثير من وقتي رفقة الأهل والأحباب. أتوق دوما إلى الاستمتاع بمجالستهم ومحادثتهم والمرح رفقتهم. أنفق بعض الوقت في القراءة وقد شرعت الان في قراءة رواية “مملكة الفراشة” لواسيني الأعرج. وأزور الشواطئ الجزائرية فأنا مولع بالسباحة والاسترخاء والاستمتاع بأشعة شمس الجزائر.
هل يشارك مولود بن زادي في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر هذه السنة؟
لن أحضر شخصيا، فقد قطعت على نفسي عهدا بعدم حضور هذا المعرض إلى أن أحصل على دعوة رسمية من الهيئات المنظمة لأني لا أرى لماذا يحصل بعض الأدباء على هذه الدعوات ونحرم منها نحن ونحن جميعا أدباء ولنا مؤلفات مسجلة في المكتبة الوطنية ورواياتنا تدرس في الجامعات الجزائرية.
لكن روايتي الجديدة “مَا وَرَاءَ الأُفُقِ الأزْرَق” ستكون حاضرة وسيكون معرض الكتاب الدولي في الجزائر الفرصة الوحيدة للحصول عليها في الجزائر. ستشارك روايتي أيضا في المعارض العربية.
وماذا عن فترة ما بعد المعرض، هل تفكر في عمل روائي جديد؟
. نعم، سأشرع قريبا في رسم مخطط رواية جديدة وعدت بها الجماهير منذ سنوات طويلة.. رواية مثيرة مليئة بالأحداث تقع أحداثها في كل من بريطانيا والنمسا وفرنسا وإسبانيا وتحمل كل سمات الأدب المهجري بعنوان “فتاة من النمسا” ستجمع بين الرومانسية والواقعية وستكون مقتبسة من قصّة حقيقية.
هل للحياة في المهجر تأثير في كتابتك؟
أكيد، فالمهجر متمثل في بريطانيا غرس في بذور الإنسانية وعلمني تقبل الآخر واحترام الرأي الآخر.. المهجر أيضا أضفى على مؤلفاتي نزعة تشاؤمية وحملني على الهروب إلى الطبيعة وغرس في نفسي حب الأوطان وجعلني أقدر قيمة هذه الأوطان أكثر من أي وقت مضى.. يقشعر بدني تأثرا وأنا أرى علم الجزائر يرفرف في السماء، أو أسمع النشيد الوطني… الحنين إلى الوطن ينعكس في كتابتي. فقد قلتُ في مقدمة رواية “رياح القدر”
” يجرفني تيار الحنين في طريقه، فأتدحرج، وأسقط في بركة الألم والغمّ، فيخرج من أعماقي أنينٌ معبّرٌ عن شيء ممّا أشعر به نحو بلادي:
رَحَلْتُ عَنْكِ يَوْماً يَا بِلادِي،
فَغِبْتُ، ومَا كَانَ الأمْرُ بِيَدِي،
ومَا غِيَابِي عَنْكِ إلاَّ بِالجَسَدِ،
فَبِرُوحِي وفِكْرِي مَعَكِ للأبَدِ.”
كيف ترى المشهد الأدبي في الجزائر؟
للأسف يسود المشهد الأدبي عزوف عن القراءة يقابله إغراق السوق بالمؤلفات الأدبية. فالعرض يفوق الطلب ومع ذلك يصر بعض الزملاء على نشر رواية كل سنة بدلا من التريث قليلا واستثمار بعض الوقت في نشر ثقافة القراءة وخلق الأجواء الملائمة لإيصال ما نكتب إلى الجماهير.
ماذا تقول عن أمين الزاوي؟
أمين الزاوي يجمع بين كتابة الرواية والمالية، ويكتب بلغتين. وليس ذلك بالأمر اليسير. أمين الزاوي صريح، يعلم جيدا ما يريد ويجتهد لتحقيق غايته. حتى وإن اختلفنا في مواضيع مثل اللغة – واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية – يجمعني وإياه الإيمان بالحرية والحضارة والانفتاح على الآخر.
وما رأيك في رشيد بوجدرة؟
. رشيد بوجدرة في تصوري لم تعد له شعبية مع تزايد عدد الروائيين وزيادة المنافسة لا سيما من الأقلام الشابة. فهو اليوم في تصوري يحاول إثارة اهتمام الجماهير بموضوع إلحاده وإثارة الشفقة ودعم الأدباء والمثقفين بإثارة موضوع تعرضه للإهانة.
لماذا امتنعت عن تأييد رشيد بوجدرة في قضية الكاميرا الخفية؟
لأنّ الأمر في اعتقادي كان يتعلق ببرنامج ترفيهي استغل نقطة ضعف رشيد بوجدرة المتمثلة في عدم وضوحه في موضوع عقيدته، إذ أنه أعلن عن إلحاده ثم عدل عن قراره وأعلن إيمانه مجددا أمام شاشات التلفزيون ولم يبد واضحا أبدأ.. لا أتصور أن رجال قناة النهار المتحضرون قصدوا إهانته وإنما إثارته وكان بإمكان بوجدرة الامتناع عن الرد على الأسئلة. برنامج الكاميرا الخفية معروف عالميا بسعيه لإثارة الضيوف لتبين ردود فعلهم. ورد بوجدرة كان سيئا حيث أنه تلفظ بكلمات بذيئة ودفع رجال القناة أمام شاشات الكاميرا، وهذا تصرف لا يليق بأي أديب في العالم. إن كان ذلك إهانة، يحق له اللجوء إلى العدالة والقانون فوق الجميع. فالأمر شخصي ولا يتطلب الدعوة إلى احتجاجات جماهيرية دعا إليها أدباء ومثقفون نظروا إلى المسألة بمنظار العاطفة، ليتخذ بعضهم موقفا منه لاحقا نتيجة انتقاده زملاء في حوارات.
ربما كلمة عن سمير قسيمي الفائز بجائزة آسيا جبار السنة الماضية؟
سمير قسيمي حاول الإشراف على برنامج “موعد مع الرواية” لكنه للأسف فشل فيه وكان ذلك متوقعا منذ البداية لأنه كان يفتقد الشفافية والعدل. ومع أن سمير اختار القيام بهذه المهمة ولم يفرضها عليه أحد إلاَّ أنه امتنع عن إدراج اسمائنا في قائمته ورفض الرد على رسائلنا واستفساراتنا، وهو ما دفعنا إلى اللجوء إلى الإعلام والرأي العام لكشف حقيقة البرنامج. وقد ساهمت ضرباتنا في انهيار هذا البرنامج.
سمير قسيمي ككاتب، أعتقد أنه أخطأ منذ البداية عندما حصر كتابته في موضوع واحد هو الوجودية الذي لا يفهمه المجتمع ولا يهتم به، وكتب بأسلوب يغلب عليه اللف والدوران والغموض إضافة إلى الأخطاء اللغوية الكثيرة. فرغم كل الإمكانيات المتاحة له مثل الدعاية والأسفار واللقاءات، ورغم فوزه بجائزة آسيا جبار المثير للجدل، لا نرى أثرا لذلك. فنحن لا نرى اهتماما بما يكتب ولا نرى تفاعلا كبيرا مع منشوراته في منابر التواصل الاجتماعي يليق بهذه المنزلة. وفي تقديري، يحتاج قسيمي إلى مراجعة أوراقه والخروج من نفق الوجودية وتناول مواضيع متنوعة تثير اهتمام الجماهير أكثر.. حتى لا تذكر الأجيال المقبلة أن الوجودية كانت سبب تعثره.
قدمت رواية “ما وراء الأفق الأزرق” في طرح جديد للأدب المهجري كيف تصف هذه التجربة؟
رواية “مَا وَرَاءَ الأُفُقِ الأزْرَق” تعرض نمطا عمرانيا جديدا في تصنيف الرواية لن أتحدث عنه الآن كيما يكون مفاجأة للقراء. أعد الجماهير أن عمران هذه الرواية سيكون مختلفا عن عمران الرواية المعروف.
رواية” مَا وَرَاءَ الأُفُقِ الأزْرَق” أيضا محاولة مشاهدة العالم من زوايا مختلفة وهذا من تأثير الحياة في بيئتين مختلفتين وهما البيئة العربية وبيئة المهجر بريطانيا.
رواية “ما وراء الأفق الأزرق” تضفي طابع الواقعية على الأدب العربي المهجري المعروف عادة بالرومانسية لأنها رواية سيرة وبوح وروايات البوح نادرة في الأدب العربي.
لمن يقرأ الكاتب المهجري الجزائري مولود بن زادي من الكتاب العرب والعالميين؟
الحياة في المهجر جعلتني انفتح على كل الحضارات والثقافات في العالم. فإني أحاول أن أقرأ لكتاب من مختلف الثقافات والخلفيات. واللغة الإنجليزية تسمح لي بذلك وهي لغة عالمية تترجم إليها المؤلفات من كل لغات الدنيا.
لكن بشكل عام، أفضِّل قراءة مؤلفات كتاب عرب من أمثال ميخائيل نعيمة (أعشق نزعته الإنسانية) وطه حسين (أحب نظرته التحررية) والمنفلوطي (البارع في وصف الألم والدموع) وتوفيق الحكيم (أبهرتني سعة خياله) كما أقرأ لكتاب انجليز.. فثقافتي بشكل عام عربية انجليزية.
ما هي الروايات العربية التي تستهويك؟
روايات واقعية وإنسانية على منوال أعمال ميخائيل نعيمة وبقية أدباء المهجر. أحب أيضا الروايات الخيالية.
ماهي المواضيع التي تهتم بها وتتمنى الكتابة فيها؟
إلى حد الآن كل ما كتبته واقعي. بدأت الآن أفكر في الرواية الخيالية وسيظهر فيها تأثير توفيق الحكيم وميخائيل نعيمة في كتاب المرداد. وسأتناول فيها موضوع الوجود بلا ريب. وسيكون السؤال إلى أي حد سيسافر بي مركب الخيال العجيب.
كلمة أخيرة لقرائك الأعزاء؟
أود أن أدعو القراء الكرام إلى قراءة رواية “مَا وَرَاءَ الأُفُقِ الأزْرَق” التي ستكون حاضرة في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر. وسيكون هذا المعرض الفرصة الوحيدة للحصول عليها. فإن كانت رواية “رِيَاحُ القَدَر” تعد قلبي لأنها تعبر عن عواطفي، فإن رواية “مَا وَرَاءَ الأُفُقِ الأزْرَق” تعتبر عقلي لأنها تعبر عن تفكيري ومواقفي التي قد لا أبوح بها في الواقع.
أدعوكم أيضا إلى متابعتي في مواقع التواصل لا سيما الفايسبوك. وأخيرا أقول لكم إني اليوم سعيد بوجودي معكم في هذا الوطن العظيم الجزائر. وبعد أيام سأرحل إلى لأعود إلى ديار الغربة. لكن أعدكم أني لن أكون بعيدا.
ومَا غِيَابِي عَنْكم إلاَّ بِالجَسَدِ،
فَبِرُوحِي وفِكْرِي مَعَكم للأبَدِ.
*****
(*) الاثنين 21 أغسطس 2017