(حَولَ رِوايَة “أَقدار” لِمُورِيس وَدِيع النَجَّار)
أَن تَتَعَرَّفَ إِلى أَدِيبٍ، مِن سُطُورِ كِتابِهِ، فَهِيَ المَعرِفَةُ الحَقَّةُ، الَّتي تَنَبَّأَ بِها مُتَنَبِّي العُصُور: “وَخَيْرُ جَلِيسٍ فِي الأَنامِ كِتابُ”.
***
فَيا نُعْمَى مُجالَسَةِ كِتابِ “أَقدار” لِلأُستاذِ المُرَبِّي مُورِيس وَدِيع النَجَّار، تَتَفاعَلُ مع أَشخاصِهِ وأَحداثِهِ، الواقِعِيَّةِ، اللَّصِيقَةِ بِحَياةِ النَّاسِ، دُونَ تَكَلُّفٍ وشَطَط. وَهَل غَير هذا الأَدَب؟
***
تَعَدَّدَتِ الشُّخُوصُ، وتَعَدَّدَت أَقدارُها، كَما أَحوالُ النَّاسِ في كُلِّ زَمانٍ ومَكانٍ، في وَطَنٍ ومَهاجِر. يَشُدُّها رِباطُ الرَّاوِي، لَكَأَنَّها مِن صَمِيمِ القُرَّاء.
***
صِناعَةُ النَّثرِ، بِصِياغَةٍ أَدَبِيَّةٍ، بَهِيَّةٍ ساحِرَة.
ولَكَم جَنَيتُ مِن قُطُوفِها التَّعبِيرِيَّةِ، وسُمُوِّها الرُّوحِيّ.
وكَم وَشَّاها جَمالُ المُوَشَّحِ والزَّجَلِ والعَتابا، مِن فَرائِدِ الرُّوحِ اللُّبنانِيَّةِ، ونَشِيدِها السَّرمَدِيّ.
***
فَإِلَى المُفَتِّشِينَ عَن لُبنانَ، بَينَ الفِتَنِ الدَّائِمَةِ، المُفتَعَلَةِ، مِن زُعَماءِ دُنيا ودِينٍ، وهُم لا دُنيا ولا دِين.
أَلا، فَلُبنانُنا، هو عِندَ أُدَبائِنا وعُلَمائِنا، يَحمِلُونَ الرَّايَةَ، تَحتَ كُلِّ سَماءٍ، إِلى أَبَدِ الآبِدِين! آمِين. “وَنَبنِي أَنَّى نَشَأْ لُبنانا” (شاعِرُ القَرنَينِ، سَعِيد عَقْل).
***
لُبنانُ، على ما هو لُغَةً وحَقِيقَةً (قَلبُ رَبِّنا). لُبْ = قَلْب. نان = رَبُّنا، مِن الآرامِيَّةِ، لُغَةِ السَّيِّدِ المَسِيح. ومِنها التَّوأَمُ، السُّريانِيَّةُ والعَرَبِيَّةُ، وأَبجَدِيَّاتُ العالَم. يُوحَنَّا، آرامِيَّةٌ، تَعنِي تَحَنَّنَ الرَّبُّ، على ما في الإِنجِيلِ المُقَدَّسِ، والقُرآنِ الكَرِيم.
***
تَعَمَّدُوا إِخفاءَ الحَقِيقَةِ، فَقالُوا: لُبنان، يُوحَنَّا، ابراهِيم، مُوسَى، عِيسَى، إِرَميا، إِشَعيا، مطانيُوس، بَعَلبَك… مَمنُوعَةٌ مِن الصَّرْفِ، لِأَنَّها أَعجَمِيَّة. هل في بِلادِ العَجَمِ مِن هذه الأَسماء؟ كَي لا يَقُولُوا، لِأَنَّها آرامِيَّةٌ، وتَتَجَلَّى الحَقائِقُ الكَونِيَّة!