اكتشفت بعثة أثرية مصرية في شمال شبه جزيرة سيناء آثار معركة تحرير مصر من الغزاة الهكسوس قبل نحو 3600 عام، وتضم مباني ضخمة محصنة وهياكل آدمية مطعونة بحراب المعركة، إضافة إلى قطع من بركان سان توريني الذي تعتبره أول أمواج مد عاتية (تسونامي) في العالم القديم قبل 3500 عام، وأدى إلى غرق جزء من سواحل مصر.
توحدت مصر جغرافيا وإداريا تحت حكم مركزي نحو عام 3100 قبل الميلاد على يد الملك مينا مؤسس الأسرة الفرعونية الأولى. وفي عصر بطليموس الثاني الذي حكم مصر بين عامي 284 و246 قبل الميلاد قسم الكاهن مانيتون، أشهر المؤرخين المصريين، تاريخ البلاد إلى 30 أسرة حاكمة، منذ توحيد مصر حتى الأسرة الثلاثين التي أنهى الإسكندر حكمها حين غزا مصر عام 332 قبل الميلاد.
تعرض التاريخ المصري لفترات ضعف، منها ما يسميه المؤرخون “عصر الانتقال الثاني” (1786-1567 قبل الميلاد)، وهي فترة الغزاة الهكسوس الذين طردوا من البلاد بعد معارك قادها أحمس الأول، مؤسس الأسرة الفرعونية الثامنة عشرة التي بدأ بها “عصر الدولة الحديثة” أو “عصر الإمبراطورية المصرية” (1567-1085 قبل الميلاد).
يقول محمد عبد المقصود، رئيس بعثة الحفائر في شمال سيناء، إن المباني المكتشفة تتكون من طابقين وصالات وحجرات مبنية من الطوب اللبن، وتقع في منطقة تل حبوة على بعد ثلاثة كيلومترات شرقي قناة السويس في منطقة القنطرة شرق شمالي مدينة الإسماعيلية.
يضيف أنه عثر على هياكل عظمية حيوانية وأخرى آدمية مطعونة برؤوس سهام وحراب، تدل على عنف المعارك بين الجيش المصري بقيادة الملك أحمس الأول والغزاة الهكسوس حتى تم طردهم، إضافة إلى مخازن الجيش المصري وصوامع للغلال، بعضها دائري يبلغ قطره أربعة أمتار وبعضها مستطيل أبعاده 30 متراً في أربعة أمتار وترجع إلى عهد الملك تحتمس الثالث والملك رمسيس الثاني. نظراً إلى أهمية الاكتشاف في تاريخ مصر العسكري، سوف ينفذ مشروع للحفاظ على هذه المباني التي تعد جزءاً من “أقدم منظومة دفاعية في العالم القديم” وإعداد الموقع كمتحف مفتوح للتاريخ العسكري على مساحة ألف فدان.
يوضح أن البعثة اكتشفت أيضا بقايا حريق ضخم لمنشآت أحرقت أثناء المعركة، ما يؤكد ما جاء في “بردية رايند” في المتحف البريطاني بأن ملك مصر أحمس الأول شن هجوماً على قلعة ثارو بتل حبوة ودخل المدينة، وحاصر بعد ذلك عاصمة الهكسوس أفاريس في محافظة الشرقية بتل الضبعة على بعد 50 كيلومترا من تل حبوة.
تمثل قلعة ثارو منظومة دفاعية كاملة للجيش المصري في شمال شبه جزيرة سيناء في عصر الدولة الحديثة وأنشئت لحماية المدخل الشرقي لمصر، وكانت القلعة مقراً ملكياً ومركز قيادة الجيش المصري، وفيها خنادق حول القلاع وموانع مائية ومنحدرات حول الأسوار لمنع تسلقها.
(رويترز)