الحب رياض وحدائق أزهاره خضراء وارفة فإذا اعتراه الفتور أخذ في التولّي وأمستْ رياضه شاحبة متهدلة.
فتأويه البلابل والفراشات والأوكار آمنة مطمئنة أو تهجره صاخبة هاربة عازفة.
فما سبيل روائه لتتبرعم أشجاره وأزهاره وتهتزُّ وارفة خضراء يأوي إليها الإنسان والطير؟
سبيله يا سادة هو إكسير الحب .
ذاك الشراب الذى يروي رواء البقاء .
لابد انَّ هذا الإكسير يُبصر الزمان والمكان بكائناته،
هذا الزمان والمكان المألوف لدينا،
يبصرهما فينقّحهما ليأخذ بهذا (الزمكان ) من طيفه وفضائه القبيح إلى فضاء آخرجميل يزداد فيه ….
عمر الحب.
ويبقى
لابد إذاً من تغيير هذه الأرواح الضالة
فتسمو الأرواح بفعله
لابد أن ينساب ويجري أنهاراً .
فنغترفه ونتجرّعه كؤوساً .
كؤوس شفاء.
طعم وسِقاء.
نحن فى أمسِّ الحاجة للحصول على هذا الإكسير ، إكسير الحب…
ألآن نعيش عصوراً نرى فيها كمْ خَرَفَ الحب وهجر الربيع فتساقطتْ أوراقه،
وما خَرَفَ وهجر الربيع إلّا من صنع أيدينا نحن بنو البشر.
لقد جرتْ الأطماع في أوردتنا كمجرى الدم فى العروق فارتشفنا دماء الأبرياء كالعنكبوت المصاصة ,
واشتعلت القلوب بالحقد والحسد حتى أحرقتْ صغارنا وضعفائنا
العالم يغلي بوقود الكراهية في صهريج من الأطماع
ذاك الحب الخريفي الذى ما ارتكزتْ أوراقه في قلوبنا،
هجر القلوب ليبحث عن أغصان جديدة
أتعلمون ما هذه الأغصان؟
إنها خيوط العنكبوت .
طُرد بأيدينا فتشرّد وتوحّشَ
هجر من قلوبنا ليسكن بُيوتات العنكبوت
وهن وضعف
غدر وخيانة
قتل وعقوق
رُحماك يارب
لقد تراقصتْ الشياطين على أسطح طبول الحروب،
وتضاحكتْ شادية فى آذاننا على خرير دماء البشر ،
ولذلك
فقد ارتأينا ان نبحث بحثاً حثيثاً عن الإكسير .
إكسير الحب
ذاك الاكسير الذى يعصب جبين ذاك الحب المقطوع الوريد .
ذاك الإكسير هو ترياق ذلك الحب الطريح المثخن الجراح في الجبين والقلب والوريد.
ذاك الإكسير الذى يدرّ عوامل الحفظ والثبات لهذا الحب حتى يسكن في القلب ويهجر الخريف وأغصان العنكبوت.
هيا لنبنى معاً مملكة الحب.
نخلص إلى أنفسنا ولو برهة نجثو راكعين
او نخشع ساجدين
او حتى نرفع أكفَّ الضراعة إلى السماء ناظرين
ونضع ضمائرنا خلف القضبان مغلولة الأعناق والأقدام
لابد من المحاسبة لتحرير هذا الحب الذي قيدناه بأطماع النفوس
لابد ان تكون المحاسبة إكسيره
لابد ان يكون الخشوع والانقياد إكسيره.
لابد ان يكون التدبر فى الملكوت إكسيره.
فإذا شرب هذا الإكسير تحررتْ تلك الضمائر
ولن ترتوي الضمائر إلّا بالمحاسبة والرضا والعدل.
فهيا…
هيا معا إلى دعوة للتفكير.
لننهض من رقادنا حال حلول الفجرلنبلل شفاهنا بندى السماء الذي منه وُجدْنا لنعلم أننا مِن نبتة واحدة
ولننتظر تنفس الصبح لنعلم أنه لنا جميعاً .
لنستمع الى شدو الطيور طيورنا جميعاً .
هيا نقف سوياً حال طلوع الشمس وغروبها
نور وشفق أحمر
نور في أبصارنا وشفق أحمر دمٌ يجري فى دمائنا
انتبهتْ لنا بالوهبة والمحبة فهلّا انتبهنا؟
هلّا اتخذنا العبرة من رحمتها فرحَمنا؟
تقولون لي كفى لوماً !!!
فهلِ انتهيتم !!!!!
لنذهب إلى تلك الأنهار التي لطالما فتنتا بكنوزها وجمالها لنستوحي من جمالها وكنوزها لوحة الموناليزا الجديدة التى نري في كل أبعادها ذلك الإكسير الذي ينساب عذْباً سلسبيلاً فى حلوق الحب.
لننصهر جميعاً بتكويننا ونتجانس كما تجانستْ مكونات كوننا ثم نعدو حتى نصل إلى مملكة الشُطآن التي نغترف منها ذاك الإكسير الذي يروي شراييننا وأوردتنا.
تلك الشطآن التي يأوى إليها الحب ليستقي
تلك الشطان التي شيدناها بالخلاص إلى ضمائرنا وبتدبر كوننا، ورسّامونا الذين رسموا لنا الموناليزا الجديدة.
لنتصافى كما صفا غيث السماء ,
ونتعاقب لأُطر الحياة كما يتعاقب الليل والنهار،
وننير وجوهنا بالبسمة كما تنير الشمس،
ونتجمل طيباً كما يتجمل القمر،
ونتطلع لحضارة باسقة كما تبسق الأشجار
ونكون ساقين العذب كما تسقنا الأنهار .
كل هذا لنوفر لدينا ذاك الاكسير الثمين الذي يتجرعه الحب.
يتكلم (الحب) الآن إلى الـ (لاحب )..
أخي لا تمدنّ يدك إلى جيبك وتُخرج إليّ سكيناً
خذْ الإكسير من يدي واخرج لى بدلا منها هدية.
اخي لا تفجّر نفسك وتفجّرني معك
خذ هذا الإكسير من يدي واحملني بين يديك إذا تعثّرتْ قدمي.
أخي لا تنظر إليّ نظرة عنصرية أو نظرة كراهية
خذ هذا الإكسير من يدي واعلم إنى أنا أخوك
أخى لا تدهس أطفالى وتجوّعهم وتعرّيهم
خذْ هذا الإكسيرمن يدي وأمنهم وامسح دمعتهم وآويهم
سأحضر لك اخي رايات للسلام فاقرأها
ساحضر لك حمائم السلام فأرسلها
سنزرع ونصنع ونبني كلنا شرقي وغربي شمالي وجنوبي ونمضي قُدماً إلى الأمام نشرب كؤوساً ملآنة بـ
إكسير الحب