وأنا أتأمّل الغَدَ، وأَوَدُّه أفضل المُمْكن، تصدّت لفكري هذه الآية: “ألمستقبلُ؟ هو ما نصنعه، لا ما ننتظِرُه!”
وقد خطرت في بالي، هذه الفكرةُ ذات مرَة! لكنّي استبدلتُها بالآتي: ألمستقبل؟ هو ما نبتكرُهُ، لا ما ننتظرُه! وهي لَتُعاودُني، مُزَقْزِقَةً، بالفرح كلّه، بالسّعادةِ كلّها:
وما أجمل،
ما أشمل،
وما أكملَ،
فكيف أنا وصلْتُ،
وكيف أنا بلغتُ…
عصفت فكرتي، ضجّت:
“مستقبلُك؟ لا تنتظرْه،
إبتكِرْهُ!”
رأيتُ أنّ هذي الفكرةَ ـ الّلمعةَ صحيحةٌ. صحيحةٌ وجميلةٌ. صحيحةٌ وجميلةٌ ومؤثِّرةٌ. صحيحةٌ وجميلةٌ ومؤثّرةٌ وموحية.
ألفكرةُ ـ الّلمعةُ لَمحةٌ موجَزةٌ موجِزة. تخرقُ. وبكونها خارِقة، هي مُمَيَّزةٌ مميِّزةٌ باقية. إذًا، أنت تعودُ إليها مرّةً فمرّة. وتؤوِّلُها كلَّ مرّةٍ. وكلّ مرّةٍ بمعنى. بصورة. بإيحاء. إذًا، فهي ثَريّةٌ مُثْرية. تستعيدُها مِرارًا؟ فأنتَ منها تستوحي، لأنّ تأويلاتِك لها، مُنَوَّعةٌ، مُنَوِّعةٌ، مُلَوَّنةٌ، مُلَوِّنةٌ. بها الحياةُ أغنى جَمالًا، أكثر شُمولًا، أبعد آفاقًا، أشَدّ خصبًا، أقرب مَنالًا. إذًا، فهي تُسْعِدُك، تزرعُ فيك التّفاؤل. في بعض هذا، سِرٌّ من أسرار الحُبّ.
والفكرةُ ـ الّلمعةُ ـ الّلمحةُ صحيحة. موثوقٌ بها. وبكونها موثوقًا بها، هي راسِخةٌ مُرَسِّخة. إذًا، أنت بها تتمثَّلُ، مرّةً في إثْر مرّة. وتؤوِّلُها كلَّ مرّة. كلّ مرّةٍ بمَنْحى، باتّجاه، بضوء. إذًا، فهي مُنيرةٌ تُنير. مِرارًا تستعيدُها؟ فأنت بها تستنير، لأنّ رؤياكَ لها، تُدرِك جوهرَها النّورانيَّ، لُبَّها الإشْراقيَّ. بها نفسُكَ أكثرُ لُيونةً، أقدرُ تمييزًا، أنفَذُ عمقًا، أدَقُّ إصابةً. إذًا، فهي تنيرُك، تُكَرّسُك نبعَ الفَيض. في بعض هذا، سِرٌّ من أسرار الحُبّ.
والفكرةُ ـ الّلمعة ـ الّلمحة الصّحيحةُ جميلة. يؤخَذُ بها. وبكونها بها يؤخَذُ، هي ساحِرةٌ جاذبة. إذًا، أنت إليها مُنْجَذِبٌ، مرّةً فمرّة، لا انقطاعَ، ولا ارتواء. تجد جديدًا جميلًا مؤثِّرًا في كلّ مرّة. لكنّك، في هذا، لا تستعيد لأنّك لا تنقطع عن الانجذابِ، الّلهفةِ، الشَّغَفِ. أنت مُتَّخَذٌ دائمٌ، منسَحِرٌ أبديٌّ، لأنّ حياتَك الجمالَ، انشغالٌ، بالجمالِ، دائمٌ. إذًا، فنفْسُك جميلةٌ خَلّاقةُ جَمالٍ، فأنت سيّد. في بعض هذا، سرٌّ من أسرار الحُبّ.
والفكرةُ ـ الّلمعةُ ـ الّلمحة الصّحيحةُ الجميلةُ مؤثِّرة. لها يُخْضَعُ. وبكونها لها يُخضَع، هي مُهَيمِنةٌ لافحة. إذًا، أنت لها خاِضعٌ حُرٌّ. خُضوعُك الحُرُّ هذا، مُحَرِّرُكَ الدّائمُ ممّا يأسِرُ حدودَك. في بعض هذا، سِرٌّ من أسرار الحُبّ.
والفكرةُ ـ الّلمعةُ ـ الّلمحةُ الصّحيحةُ الجميلةُ المؤثِّرةُ موحِيةٌ. بها تتّسع آفاقُ الخيال، تتضاعفُ ألوانُه، وبكونها تُوسّع الآفاقَ، تُضاعِفُ الألوانَ، أنت أمامها مُتَأَمِّلٌ رائقُ الفكرِ، صافي الوِجدانِ، طاهرُ القلبِ، نقيُّ النَّوايا… ما يُقيمُك حُرًّا مُحَرَّرًا مُحَرِّرًا، لا يجذبُك إلى المادّيّ جاذِبٌ، لا يؤخّرُك عن التّحليقِ مانِعٌ. فأنت زهرةُ المَدى الأنقى، الأرقى، الأبقى، مَداكَ هو الأكثر وَساعةً، الأصفى تَطَلُّعاتٍ. تنظر من عَلُ، فإذا كلُّ ما عَداك إليك يَلهفُ، يَنهدُ. في بعض هذا، سِرٌّ من أسرار الحُبّ.
… وإذا بي أبتكِرُ حُبّي النِّعمة! أبتكرُ حياتي الآتية!
ألجمعة 22- 7- 2016
رائعة من روائعك الكثيرة.
شكرًا، صديقي شربل! رأيُك يهمّني! وأنت النّاقد الصّريح!