لديّ، اليومَ، تَساؤلٌ جارِحٌ. صارِخُ الألمِ. وهذا الألمُ جسديُّ ـ مادّيٌّ، ومَعنَويٌّ ـ نفسيّ، معًا.
فما هو الجرحُ، في الحُبِّ؟ والجرحُ الصّارِخُ تَحديدًا؟ وكيف يُنتج الألمَ بنوعَيه؟ وإلى أيّ مدى؟ وما قيمةُ ذلك، وأهمّيّتُه؟ وهل ُينتِجُ هذا خَلاصًا ما؟ وكيْفَ؟
تُطرَحُ أسئلةٌ جِدّيّةٌ منذ الّلحظةِ الأولى لنَشْأَةِ حالة الحُبّ. وتكونُ داميةً. وتكون غاصّةً. وتكون خانِقةً. وتكون مُشَكِّكةً: أأحيا حالةَ حُبٍّ حقيقيّة، صادقة، ثَرِيّةً مُثرِية؟ أم يُشَبَّه لي؟ أَأُحِبُّ، حقًّا، بقوّة، بعُمْقٍ، بقواي كلِّها؟ أم هي حالةُ إعجابٍ بجمال قوامٍ، بإثارةِ جسدٍ، بلذائذَ موعودةٍ، بحَنانٍ مَزعوم؟ أَتُحِبُّني هذه الحبيبةُ، حقًّا، الحُبَّ كلَّه، بالصّدق الكامل، بالعطفِ الحقيقيِّ، بالحنان المُطلَق؟ أم يُشَبُّهُ لي؟ أَتُحِبُّني هذه الأنثى، حقًّا، كما أَفترِضُ، حُبًّا كامِلًا، فَرِحًا، بوعْيِها كلِّه، بمسؤوليّة ناضجة؟ أم هي حالةُ إعجابٍ بقَوامٍ، بجسدٍ، بلذائذَ مُنتَظَرة؟
هذه أسئلةٌ فاجعة! تكاد تكرسِحُ الحُبَّ منذ البداية. ألسَّبَبُ!؟ قُوّةُ الشّكِّ، وعُمقُه، وصِدقُهُ، والإيحاء!
مُشكِلةٌ، بل مأساةٌ لا شبيهَ لها! أنتَ تبدأ أجمل ما يُمكِنُ في الحياة، مَقرونًا بأبشعِ ما فيها! تبدأ الحُبَّ غيرَ مُصَدِّقٍ أنّه الحُبُّ!
ما سببُ شكِّكَ هذا؟ قد لا تكون تعرفُ! تشعر به كضرورة لازمة. ألحُبّ يلازمُه الشكّ! ألإيمانُ يلازمُه الشّكّ! ألمعرفةُ يلازمُها الشّكُّ! ألعلْمُ يلازِمُه الشّكُّ! ألصّحّةُ يلازِمُها الشّكُّ! ألثّقةُ يُلازِمُها الشّكُّ! فإذا الشّكُّ قَرينُ كلِّ أمرٍ، كلِّ أمرٍ جميل! ما يُفْسِدُ عليك أيَّ جَمالٍ… ما يشَوّهُ حياتَك، يُنَغِّصُها عليك!
هذا هو ما يُسَبِّبُ نوعَي الألمِ عندك! عيناكَ لا تَغمضان؟ إنّه القلقُ! تفكيرُكَ ضَبابيٌّ؟ إنّه القلقُ! قلبُك لا يستقرُّ؟ إنّه القلقُ! ضغط دمِكَ والقلبِ يتزأبقُ؟ إنّه القلقُ! طريقُكَ غيرُ واضحٍ؟ إنّه القلقُ! حياتُكَ غيرُ مطمئنّةٍ؟ إنّه القلقُ! والقلقُ، إذًا، قَرينُ كلِّ أمرٍ، كلِّ أمرٍ جميل! ما يُفْسِدُ عليك أيَّ جمالٍ… ما يُشَوِّهُ حياتَك، يُنَغِّصُها عليك!
وأنتَ… أن تُعاني!
تبقى المُعاناةُ جمال حياتِك!
وتتقبّل! ترى أنّ المُعاناةَ وردةُ أيّامِك! وعطرُها! والألوان!
تعودُ إلى الحُبّ، تعمل على الثّقة، ألثّقةِ بالحببيب، تُنَمّيها. تقتل الشّكَّ، يَجمُلُ الحُبُّ.
تعود إلى الإيمان، تعمل على الثّقة، ألثّقة بالكتاب، تُنَمّيها. تقتلُ الشّكَّ، يجملُ الإيمانُ.
تعود إلى المعرفة، تعمل على الثّقة، الثّقة بالفكر، تنمّيها، تجمل المعرفة.
تعود إلى العلمِ، تعمل على الثّقة، الثّقة بالمنطق، تنمّيها، يجمل العِلْمُ.
تعودُ إلى الصّحّة، تعمل على الثّقة، ألثّقة بالعِلم، تنمّيها، تجمل الصّحّة.
تعود إلى الثّقة، تعمل على الثّقة، الثّقة بالنّفس، تنمّيها، تجمل، في عينيك، شخصيّتُك.
وترى أنّ شخصيّتَك واثقة وجميلة! تسعدُ.
تعود إلى عدم إغماضة العينَين، تعمل على القلق، القلق الكِيانيّ، تُهدّئُه، تستكينُ، تطمئنّ.
تعودُ إلى تفكيرك، تعمل على القلق، القلق الوجوديّ، تهدّئُه، تستكينُ، تطمئنُّ.
تعود إلى قلبك، تعمل على القلق، القلق الوِجْدانيّ، تهدّئُه، تستكينُ، تطمئنُّ.
تعود إلى ضغط دمِك والقلب، تعمل على القلق، القلق الصّحّيّ، تُهَدّئُه، تستكينُ، تطمئنُّ.
تعود إلى طريقك، تعمل على القلق، القلق من غدر الأيّام، تُهَدّئُه، تستكينُ، تطمئنُّ.
تعود إلى حياتك، تعمل على القلق، القلق على الحياة، تهدّئُه، تستكينُ، تطمئنُّ.
وترى أنّ حياتَك ساكنةٌ، مطمئنّة، وكنتَ رأيتَ شخصيّتَك واثقةً، جميلة، فغرقت في سعادة تأتّت من شَكٍّ ومن قلقٍ!
وإذا بك العاشق الهانئ، تستنتج، بثقة وطمأنينة، أنّ الحُبَّ هو الجوهر، لولاه لما بدأتْ حياة!
(ألأربعاء 20- 7- 2016)