“السعودية ولبنان – السياسة والاقتصاد: 1943 – 2011” للدكتور عبدالرؤوف سنو… في ندوة في طرابلس

 د. خالد زيادة: نموذج لدراسة العلاقات بين بلدين سحابة سبعين سنة من تاريخهما المشترك

د. نادر غزال: يؤرّخ  لبنان الاقتصادي والسياسي منذ فجر الاستقلال حتى 2016     

       د. رامز طنبور: دعمت المملكة لبنان، ولكنها لم تستثمر فيه سياسيًا، ولم يكن الاستثمار على  مستوى الانفاق

 

“السعودية ولبنان – السياسة والاقتصاد: 1943 – 2001” (بيروت، دار الفرات، 2016)، جديد المؤرخ الدكتور عبدالرؤوف سنو، شكل محور ندوة عقدت ضمن فعًاليًات معرض الكتاب السنوي (43)، في معرض رشيد كرامي الدولي- طرابلس (19 أبريل 2017)، بدعوة من “جامعة الجنان” و”الرابطة الثقافية” و”مركز صلاح الدين للثقافة والإنماء” في طرابلس.

أدار الندوة، د. هاشم الأيوبي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الجنان، وشارك فيها كلٌّ من السفير السابق في مصر الدكتور خالد زيادة، والدكتور نادر غزال، الرئيس السابق لبلدية طرابلس، ومستشار الرئيس سعد الحريري للتعاون الدولي، والدكتور رامز طنبور، عميد كلية الإعلام في جامعة الجنان، وبحضور مؤلِّف الكتاب، وحشد غفير من الفعّاليّات العلمية والثقافية والمهتمين.

وبعد تقديم للعميد الأيوبي، حول سياسة المملكة الثابتة والدائمة تجاه لبنان، القائمة على توافق جناحيه المسلم والمسيحي كركيزة أساسية للتعايش الوطني وازدهاره، أُلقيت المداخلات تباعًا من قبل زيادة وغزال وطنبور، وكان للدكتور سنّو ردٌّ سريع على الكلمات في نهاية اللقاء.

مداخلة السفير الدكتور خالد زيادة

أمور كثيرة يمكن قولها عن كتاب ” السعودية ولبنان”، الذي هو سفر من أسفار كتابة التاريخ المعاصر. ونحن إزاء عمل استغرق اعداده وقتًا،  نظرًا لكثافة المعطيات التي يشتمل عليها، كتاب من ألف صفحة وأكثر يتناول موضوعًا غير مسبوق، بالرغم من الكلام الكثير عن العلاقات بين لبنان والسعودية. وفي هذه المناسبة نقول بأننا نفتقر إلى كتب من هذا النوع تتحدث مثلًا عن العلاقات بين لبنان وسورية أو بين لبنان ومصر. وفي هذه الحالة سيضطر الدكتور عبد الرؤوف سنّو، أن يكتب لا أقل من خمسة الآف صفحة، إذا ما اعتمد نفس الأسلوب والطريقة والمنهج الذي اعتمده في كتابة هذا الكتاب.

هذا الكتاب هو أقرب ما يكون إلى ما نسميه التاريخ المعاصر، لأن الكتاب يتناول مرحلة حديثة بين العامين 1943 و 2011، والحقيقة أن بعض المعطيات التي يذكرها تصل إلى العام 2015، أي إلى مدة قصيرة قبل دفع كتابه إلى المطبعة. فالوقائع التي يذكرها لا تزال آثارها قائمة في حاضرنا، وتتعلق بأحداث لم يكتمل بعضها، فضلًا عن أنّه يذكر شخصيات صنعت ذاكرتنا خلال العقود القليلة الماضية.

وكتابة التاريخ المعاصر لها أهمية كبيرة، خصوصًا بالنسبة إلى أجيال المؤرخين في المستقبل، لأن ما توفّر للمؤرخ عبد الرؤوف سنّو من وثائق وصحف ومقابلات، سيكون توفرها أصعب بعد مرور سنوات أوعقود من الزمن.

وهذا الكتاب الذي يحمل عنوانًا محايدًا: “السعودية ولبنان السياسة والاقتصاد 1943-2011″، هو عن السياسة السعودية والاقتصاد السعودي بالنسبة إلى لبنان. وليس أدلّ على ذلك من المدخل الطويل الذي يصل إلى ما يزيد على ثمانين صفحة، والذي يبسط لنا تاريخ المملكة العربية السعودية السياسي منذ نشأتها الحديثة العام 1926، وتوحيد المملكة العام 1932. ودور مؤسّس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز آل سعود.

والكثير من السياسات والمواقف والآراء والمراسلات تعود إلى شخص عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي أسّس هذه الدولة وبناها بكفاءة نادرة حين كانت السعودية بلدًا فقيرًا لا تملك موارد نفطية أو زراعية أو غير ذلك. ومن المفارقات أن هذه الدولة أو المملكة الناشئة قد اتخذت اسم عائلة على طريقة الدول التقليدية، ولكن في الظروف التي نشأت فيها سمّيت المملكة العربية السعودية العربية، وليس السعودية الاسلامية. بالرغم من أنَّ السعوديين ينتسبون إلى مذهب، وما زالت الشريعة الاسلامية هي دستورهم.

والكتابة عن السعودية حمّالة أوجه، ومن يظن أنّ عبد الرؤوف سنّو قد كتب ما كتب من أجل مجاملة السعودية فهو على خطأ، ومن يظن أن ما كتبه هو لتبرير سياسات المملكة هو على خطأ أيضًا. فهذا الكتاب كُتب لأهمية موضوعه، في مجال التاريخ السياسي المعاصر. وللثقل الذي مثّلته السعودية، حتى في الفترة ما قبل النفطية، خصوصًا أنَّها تضم الحجاز والحرمين الشريفين اللذين يقصدهما الحجاج كلّ عام من كلِّ أصقاع العالم الاسلامي. وقد عرف عبد العزيز آل سعود كيف يعزّز موقع مملكته من خلال هذا الامتياز الفريد.

في هذا الكتاب نحن إزاء أسلوب من الكتابة التي تتناول الوقائع والأحداث وتشرح السياسات والمواقف. كتابة سلسة معززة بالوثائق. وهي كتابة  موضوعية تشرح لنا صفات السياسة السعودية؛ فهذه السياسة كما يقول افتقدت إلى أدوات الضغط (ص 16)، وأنَّها امتازت بالهدوء والتحفظ والصمت، وعدم القدرة على ممارسة الدور في بعض الأحيان، والتراجع عن مواقف سابقة اتخذتها (ص 17)، وبعبارة صريحة يقول: إنَّ السعودية لم تكن تملك استراتيجية تجاه لبنان وأنَّ سياسات المملكة في لبنان لم تحقق أهدافها (ص 21) وإنَّ السياسة السعودية ارتبطت بالسياسة الاميركية وأنّها اتخذت موقفًا من الحرب الأفغانية وخلالها شجّع حركات التطرّف الأصولي (ص 82).

بالمقابل، فإنَّ السعودية لعبت دورًا مهمًا في السياسات العربية منذ الأربعينات من القرن الماضي، وأصبحت فاعلة في الخمسينات، ووقفت ضد “حلف بغداد”. وحتى نهاية الخمسينات من القرن العشرين، فإنَّ ما حكم السياسة السعودية هو الموقف من الهاشميين في العراق والأردن. وإنًّ فكرة إقامة اتحاد هاشمي يضمّ العراق والأردن وسورية ولبنان، كانت تثير مخاوف المملكة والملك عبد العزيز. لذا، وخلال المباحثات من أجل إقامة اتحاد عربي، التي قادها رئيس وزراء مصر مصطفى النحاس باشا، منذ العام 1943، بتشجيع بريطاني، فإنَّ السعودية وقفت موقفاً حذرًا من فكرة الاتحاد، قبل أنْ تحصل على تطمينات، وتقاربت مع مصر للوقوف في وجه فكرة الاتحاد الهاشمي، ونشأت آنذاك العلاقة الايجابية والوثيقة مع لبنان، في عهد الرئيس بشارة الخوري مع سورية في زمن شكري القوتلي، البلدان اللذان كانا أيضًا يتوجسان من مشاريع الاتحاد الهاشمي بقيادة العراق.

وطالما أبدى الملك عبد العزيز، ثم أبناؤه، الذين تسلموا الملك بعده تفهمًا لاستقلال لبنان، هذا التفهم ناجم عن تقدير للصيغة اللبنانية، والدفاع عن استقلال لبنان. فالدفاع عن استقلال لبنان وسورية هو دفاع عن استقلال المملكة عن كلِّ مشاريع الاتحاد العربي الاندماجي. وكان للبنان، حسبما تخبرنا الوثائق العائدة في النصوص التي انطوى عليها ميثاق الجامعة العربية، دورٌ في تعزيز الاستقلالية بالحفاظ على صيغة لبنان وميثاقه، وهو أمر خدم المملكة التي كانت ترفض كلّ نزوع اتحادي.

وعلاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية، لا ترجع إلى عام الاستقلال العام 1943، بل تعود إلى فترة سابقة تتناسب مع تأسيس المملكة العام 1926، حين استعان الملك عبد العزيز بالعديد من اللبنانيين الذين خدموا في إدارته وتسلموا مناصب حساسة في الخارجية. وعين بعضهم سفراء وبعض هؤلاء عملوا في مجال التجارة والأعمال والصناعة، وبعضهم تسلم رئاسة الحكومة في لبنان أمثال حسين العوني ورفيق الحريري.

يخصص المؤلف الجزء الثاني من الكتاب للعلاقات الاقتصادية بين البلدين. ويمكن قسمة هذا الجزء إلى ثلاثة أقسام الأول يتعلّق بالاستثمارات السعودية في لبنان، والثاني يتعلقّ بالجالية اللبنانية في السعودية والمجالات التي يعملون فيها واستثماراتهم وتحويلات اللبنانيين إلى لبنان، أما القسم الثالث، فيتعلّق بالتقديمات السعودية المالية إلى لبنان بالأرقام، بما في ذلك الودائع والهبات والتقديمات والمساعدات الأهلية والاعمار بعد الحرب وبعد حرب تموز 2006.

يختم المؤلف كتابه باستنتاج عام هو خلاصة لمئات الصفحات، ويمكن القول بأنَّ العلاقة بين البلدين كانت في بداياتها تبادلية، فقد وقفت السعودية إلى جانب استقلال لبنان وتنوعه، بينما قدم لبنان للمملكة الناشئة الخبرات والخدمات والكفاءات، فاحتل عدد منهم مناصب ومراكز رفيعة في الادارة السعودية الناشئة(987). لكن وبعد حرب العام 1967، وإزاء الدور المتصاعد للسعودية في الاطار العربي، كان على السعودية أن تلعب دورًا أكبر في لبنان خصوصًا بعد اندلاع الحرب العام 1975، وكانت سياسة السعودية تقوم على إطفاء الحريق اللبناني، ونجحت في ذلك العام 1976، عند تشكيل “قوات الردع العربية”، إلا أنَّ أنَّها سرعان ما انكفأت وسحبت قواتها. وعملت على تشجيع الحوار اللبناني، وذلك في مؤتمري جنيف ولوزان العامين 1983 و1984، وشجعت “الاتفاق الثلاثي” العام 1985. وكانت تعتبر أنَّ رجلها رفيق الحريري هو ضمانتها في لبنان.

ويقول المؤلف أن المملكة عملت على التعويض عن ضعفها السياسي في لبنان بالمساعدات والهبات والودائع المالية لدعم اقتصاده طول ثلاثة عقود متتالية (ص 991). ويرى أنّه بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان العام 2006، بدأ الحضور السياسي السعودي يضعف، بفضل التحالف الذي ربط بين سورية وايران وحزب الله.

ويخلص إلى القول بأنَّ: “رغبة السعودية حقيقية بمساعدة لبنان، بدليل المؤازرة السياسية والدبلوماسية والمساعدات السخية لإعادة الإعمار بعد الحرب، أو اعمار ما تخربه اسرائيل وتدمره. لكن المملكة وجدت نفسها مكبلة اليدين لاعتبارين: الأول أنَّ ليس لديها سياسة خارجية هجومية ضد الآخر، وتتجنب المواجهة والخوض في النزاعات مع قوى خارجية اقليمية أو دولية. والثاني أنها لم تمتلك أدوات الضغط على الساحة اللبنانية، من ميليشيات وقوى أمر واقع تمولها وتغذيها لتدور في فلكها” (ص 993).

كتاب هام هو نموذج لدراسة العلاقات بين بلدين سحابة سبعين سنة من تاريخهما المشترك. وهو مرجع في موضوعه، بل المرجع الوحيد الذي يمكن الركون إلى معطياته ومنهجه وموضوعيته وصراحته.

مداخلة الدكتور نادر غزال

 أولاً: بالشكل – الكتاب يقع في مجلدين: الأول، العلاقات السياسية، ويقع في 622 صفحة، والمجلد الثاني، ويقع في 420 صفحة.

 بمشاركة عدد كبير من أفراد العائلة “هدى غزال” الزوجة، وصهر العائلة المهندس محمد الجمّال، ونجله المهندس حسام، كلّ بحسب اختصاصه، أتى الكتاب بحرفية ومهنية عالية متكاملّا لا يشوبه شائبة في أي مجال تطرّق إليه، من لغة وجداول، وإحصاء، وطباعة، ورسوم بيانية، فهو أشبه بلوحة أدبية رسمتها ريشة عائلية.

يُقال “يُقرأ المكتوب من عنوانه”، صدق القائل بحقِّ هذا المؤلَّف. فمن المقدمة وما تضمّنته من ذكر لجهات أمدّت البحث بالمعطيات بعلم أهمية وأصالة هذا البحث، وما تضمّنه من معارف قيمة بين دفتيه، فهو أشبه  بمرجع تاريخي يؤرّخ تاريخ لبنان الاقتصادي والسياسي منذ فجر الاستقلال حتى العام 2016.

أمام هذا الكم من المعلومات والموضوعات والفصول والأبواب العديدة، لا بد من الاختصار والطرح السريع للأفكار.

الكاتب يهتم بالوقائع والإنجازات، وبالحفاظ على دقة المعلومة وتثيبت مراجعها بأسلوب منهجي وأدبي يجعل قراءته ممتعة وشيقة وغير مملّة.

الإحاطة بالكتاب تتطلب جهدًا من القارئ ليأتي على قراءة المجلدين: مقدمة جامعة وشاملة في بداية المجلد الأول، وانتهى في المجلد الثاني إلى “الاستنتاج العام” الذي لخص الفرضيات البحثية والنتائج التي توصل إليها.

ثانيًا: في المضمون

1) نلاحظ الجرأة الناقدة الإيجابية لسياسية المملكة تجاه لبنان، وأثر عدم وضوح رؤية استراتيجة لها، وعبّر عن ذلك في سياق الحديث عن “قوّات الردع العربية” وانسحاب المملكة منها، ثم “اتفاق الطائف”، تلاه انشغالها بحرب الخليج الثانية العام 1991 وتداعياتها، وقبلها القبول بـ “اتفاق 17 أيار” 1983، ثم الانكفاء في منتصف الثمانينات، ثم الموافقة على “اتفاق الدوحة” بعد دعمها “انتفاضة الأرز” العام 2005، ثم “السين – السين” والاعتذار، ثم العودة من جديد عن هذا الاتفاق العام 2011، وصولًا إلى تغيير استراتيجية المملكة تجاه الصراعات الإقليمية في البحرين العام 2011 واليمن العام 2014.

2) تأكيد المؤلِّف على أن “سياسة المال يؤمن الأمن” لم تعد كافية، وأن المملكة أدركت هذا الأمر العام 2011.

3) تأكيد المؤلِّف فشل السياسة الدفاعية الناعمة التي انتهجتها المملكة تجاه سياسة روسيا وإيران الهجومية في المنطقة، وأنّ هذه السياسة أدت بها وبحلفائها إلى التقهقر والتراجع أمام المشاريع الأخرى.

4) لفت المؤلِّف إلى أنَّ المملكة ضيّعت فرصة ذهبية لدبلوماسيتها التي كانت تهدف إلى لمّ الشمل الوطني اللبناني إبان خروج الجيش السوري من البلاد العام 2005، حيث كانت لديها الرعاية الأميركية والفرنسية لثورة الأرز، ولكن تخوّفها، فتح المجال للنفوذ الإيراني بالتمدد وملء الفراغ بدل السعودي. واللافت، أنَّ المملكة في هذه المرحلة قد حرصت على ملء الفراغ الاقتصادي عبر تعزيز ودعم الاقتصاد اللبناني، ولكن السيطرة على بيروت العام 2008 من قبل الميليشيات، ومن ثم “اتفاق الدوحة”، وفشل “السين – السين” العام 2009 – 2010،  حال دون ترجمة ذلك في السياسة. وبعد سقوط  الحكومة اللبنانية العام 2011، أوقفت السعودية أعمال” مجلس الأعمال السعودي اللبناني” العام التالي.

5) استطاعت المملكة منذ الستينات ولغاية الآن أنْ توازن بين دعمها العمل الفدائي الفلسطيني آنذاك، والمقاومة في وجه المحتل الإسرائيلي، والدعم المطلق للدولة والكيان والمؤسّسات، الأمر الذي جعل لها قبولّا وطنيًّا عابرّا للطوائف.

6) بعد عدوان إسرائيل على لبنان العام 2006، قامت السعودية بترميم 63% من الدمار الذي خلفته في البنى التحتية للدولة اللبنانية.

7) الكلّ يشهد للمملكة على حرصها الدائم في دعم لبنان بشكل فوري منظور وغير منظور، عبر دبلوماسيتها في المحافل الدولية، ومنها على سبيل المثال: “الطائف، ستوكهولم، باريس 1 و2 و2 و3، حيث كانت، في الغالب، الداعم الأكبر له.

8)  لمست السعودية الأثر السلبي لوجود “الترويكا” والهيمنة السورية على الاقتصاد اللبناني، فسعت إلى العديد من المبادرات لرأب الصدع ، ومنها تأسيس “مجلس الأعمال السعودي – اللبناني” العام 2001 (رؤوف أبو زكي وعبد المحسن الحكير).

9) لفت المؤلف إلى تاريخ الجالية اللبنانية منذ الثلاثينات، وكانت لفترة رابع أكبر جالية بعد المصرية والهندية واليمنية، والأكثر ثقافة وتنوّعًا، كما في دورها الفاعل في دعم الدولة اللبنانية والأقارب.

10) بلغت التحويلات اللبنانية إلى البلد الأم العام 2010 (8) مليارات دولار، أربعة مليارات منها من السعودية، و2.5 مليار من باقي دول الخليج العربية، و 1.5 مليار دولار من باقي أنحاء العالم.

11) أبرز الكتاب فصلًا شيقًا ومفصلًا بشكل كبير للشركات والعائلات اللبنانية التي كان لها دور بارز على مستوى اقتصاد المملكة. كما أفرد بابًا للحديث عن الحجّ وتاريخه وتطوّره والملاحظات حوله. وكذلك عن توسعات الحرمين الشريفين.

12) لم ينس المؤلف ذكر أبرز الاستثمارات السعودية في لبنان، على المستوى العقاري والمصرفي والسياحي وسواها.

13) أعطى المؤلف القارئ قصص نجاح باهرة للبنانيين، وحفّز القارئ أن يحزو حزو صانعيها: معوض وصالحة والحريري وأفرام ورزق الخ…

ثالثاً: في المنهجية

1)عنوان المؤلف يثير الاهتمام وخاصة لسببين: أما الأول ربط السياسة مع الاقتصاد وليس مع الاجتماع أو سواها من أمور مرتبطة بالديموغرافيا أو الجيوسياسة. وحين تقرأ الكتاب تصل إلى الاستنتاج بأن السعودية ربطت موقفها الاقتصادي من لبنان بالموقف السياسي ترابط المتلازمتين. أما السبب الثاني، فنستغرب التاريخ 1943 – 2011، في حين أن الكتاب يتحدث عن السياسة والاقتصاد بين البلدين لغاية العام 2016. إلا أنه،  أراد التدليل على أمر خطر وهو دفع بالعلاقات السياسية السعودية – اللبنانية إلى فضاء آخر، ألا وهو إسقاط حكومة الرئيس الحريري وسقوط (اليس – اليس) على أثرها.

2)  يقع فهرس المصادر والمراجع في حوالى 50 صفحة، وهذا من دلالات الجهد المبذول في هذا   المرجع البحثي، ويؤكد أنه يصلح ليكون مرجعاً أكاديمياً للباحثين في الدراسات العليا في الجامعات  والمعاهد.

3) بالرغم من أن المؤلِّف كان متجرّدًا في نقل الوقائع السياسية والحقائق الاقتصادية، إلا أنّه كان يعبّر بشكل سلس عن مواقف يمررها بكلمات قليلة وموجزة تعكس فكره ورأيه السياسي بما يجري على الساحتين المحلية والدولية، من دون إسفاف في التعبير أو ركاكاة في المبنى أو خروج عن السياق العام للبحث.

4) المهارة العالية في تبويب الكتاب، حين راعى المؤلِّف في تبويب فصوله أبراز المحطّات لجهة التاريخ، والأثر لهذه الأحداث على الجانبين السياسي والاقتصادي، بحيث أنك تستطيع قراءة القصة متسلسلة محبوكة عبر قراءة عناوين الفصول والأبواب.

موجز مداخلة الأستاذ الدكتور رامز طنبور

 الأطار السياسي

  • الموقف السعودي من استقلالية لبنان وسيادته نتج عنه توتر العلاقات مع الدول المجاورة والقوى الموجودة في لبنان خارج إطار الشرعية.
  • انعكاس الوقاع الإقليمي على لبنان (مصر – سورية – إسرائيل).
  • الدعم السعودي للشرعية اللبنانية، وليس الدعم للفرقاء المتنازعين.
  • الدعم السعودي الدبلوماسي – المالي ..
  • لم يكن للمملكة، (بل إنها لم تسع) كي يكون لها تأثير مباشر ودعم مباشر لفريق لبناني قوي يُمسك بالأرض، بل اعتبرت نفسها لكلِّ اللبنانيين، ولم يعتبرها كلُّ اللبنانيين معهم.

وفي هذا الصدد يقول المؤلف: “ولأنًّ المملكة افتقدت إلى الميليشيات وإلى القوى الفاعلة على الأرض، كانت ذات تأثير ضعيف في فرض مبادراتها، أو إيجاد حل للمسألة اللبنانية لا يرضى عنه النظام السوري المهيمن على البلاد، خصوصًا أنًّ إسرائيل وسورية، كانتا تتقاسمان الفوذ سرًا في لبنان”.

يمكن القول: إن المملكة دعمت لبنان عبر كلِّ المراحل، ولكنها لم تستثمر فيه سياسيًا، ولم يكن الاستثمار على  مستوى الانفاق، ولم يتخذ خطًا مرتبطًا بفريق داخلي يشكل لها قاعدة بنيوية أساسية كباقي الفرقاء الإقليميين والدوليين.

وقد حاولت المملكة الاستعاضة عن ذلك بالمساعدات والهبات والودائع المالية…فكان دعمًا عامًا للدولة وللجميع، ولجماعات معظمها مصنّف سياسيًا. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ضعف السعودية السايسي؟

  • أحيانًا بالضغط: دعوة الرعايا السعوديين لمغادرة لبنان أو عدم زيارته، والانكفاء الدبلوماسي والسياسي..
  • الإطار الاقتصادي
  • نقطة قوة المملكة في التقديمات المالية والتنموية للبنان.
  • اتفاقات تجارية بين لبنان والسعودية (1931 – 2009)… 15 اتفاقية.
  • الملتقيات الاقتصادية العربية – السعودية – اللبنانية (1995 -2012)… 7 ملتقيات.
  • التحويلات المطردة للبنانيين العاملين التي وصلت العام 2015 إلى 4 مليارات دولار من السعودية فقط تساوي نصف تحويلات اللبنانيين في العالم.
  • استثمار اللبنانيين في السعودية، وإتاحة فرص العمل.
  • المساعدات، الودائع المالية والهبات، …أثرت إيجابًا في الاقتصاد اللبناني وضبطه واستقراره، وذلك للتوازن مع العجز، وأحيانًا لدعم حضور مؤيديها.
  • في الشكل والمنهج
  • قائمة مفصلة للمصادر والمراجع المتنوّعة والغنية.
  • تنوّع الفهارس، وقائمة الجداول، وقائمة الرسوم والبيانات.
  • طرح موضوعي وعلمي شيّق ومفصّل.

أخيرًا، أتمنى على المؤلف البحث في المرحلة اللاحقة  2012 – 2017، لما فيها من تحولات كبرى لتكون تتمة لهذه الموسوعة التي بين أيدينا.

أخيرًا، كان للدكتور سنّو مداخلة سريعة، أشاد فيها بمداخلات الأساتذة الأكاديميين، وبصبرهم على قراءة سفره الضخم. كما بحضور مميّز لأكاديميين ومثقفين. واعتبر أنَّ تجاوز الكتاب المرحلة التاريخية – الزمنية المخصصة له، يعود أنَّه أراد أنْ يستشرف تطور الأحداث، لكي يكون القارئ على بيّنة من أمور مهمة أو خطيرة، قد تكون أكثر تأثيرًا. ولفت سنّو إلى الصعاب التي واجهته في الحصول على المعلومات، وأسف لأنَّه سعى إلى استقائها من أبناء شخصيات لبنانية عملت في المملكة، من دون جدوى، باستثناء السيدة رانيا أفرام، كريمة الوزير والصناعي الراحل جورج أفرام. وأشار، إلى أنَّه تواصل مع مؤسًسات سعودية وأفراد للحصول على المعلومات، ولم يحقق نجاحًا سوى في حالتين اثنتين. حتى أنَّ رئيس الجالية اللبنانية سمير كريدية تخلّف عن تزويده بالمعلومات عن نشاط الجالية، لأسباب مجهولة. وفي لبنان، أضاف سنّو، لم يولي بعض الأشخاص المحسوبين على العلاقات الاقتصادية السعودية اللبنانية، اهتمامًا لموضوع تاريخي معاصر عن المملكة.

 

اترك رد