“مِداد: فن الخط العربي في الحياة العامة والخاصة” عنوان المعرض الذي تنظمه دار النمر (١٢ أبريل- ١٢ أكتوبر ٢٠١٧)، ويبحث في تطوّر الخطّ العربي وأهميته، بدءا من القرن الثامن للميلاد وصولا حتى القرن العشرين. القيّمة على المعرض رايتشل ديدمان.
أكثر من مئة عمل تمّ اختيارها من مجموعة النمر الاستثنائية، تتضمّن مروحة واسعة من المخطوطات والأوراق قديمة والاقمشة والخزفيات والدروع والقلائد. لا يلتزم مداد بترتيب زمني او جغرافي محدد، بل يتكشّف أمامنا حسب المواضيع والأفكار، مستعرضا السبل التي تطرّق فيها الخطّ الى مفاهيم مثل العامّ والسياسي، والخاصّ والشخصي، والأدائي والشاعري عبر العالم العربي بل أبعد من ذلك أيضا.
ينقسم المعرض إلى أقسام عدة:
تاريخ الخطّ العربي – أحد عشر غرضاً تحملنا عبر تطوّر الخطّ بدءا من الكوفي والمغربي وصولا الى الأقلام الستّة والنستعليق.
المواد المستخدمة والتدرّب – نظرة الى التجربة الحسيّة لممارسة فنّ الخطّ، نظرة يزيل الغموض عن هذه المهنة، وتقدّر عمل النُسّاخ المميّز.
الدين والعمران والسلطات الحاكمة – الخطّ العربي كتعبير عن السلطة السياسية الحاكمة، والسلطة الدينيّة، والتصريح العلني عن الايمان الشخصي.
العبادة الفردية، والجسد والتعاويذ – أغراض تجسّد القوّة الخاصّة والحميمة للكلمة في التعاويذ والطلاسم.
الأداء والتقوى والشعر- العلاقة المتبادلة بين النصّ المكتوب والموسيقى والأداء الشفهي والالقاء، مع تركيز خاص على التصوّف.
الخطّ العربي أبعد من البلاد الإسلامية المركزيّة – تحوّلات الخطّ العربي وانتقاله الى المغرب العربي والصين والهند وداغستان، بالإضافة الى قرآن فريد بخطّ عبد محرّر.
السلطنة العثمانية في مرحلتها الأخيرة، الخطّ والمجتمع- الخطّ العربي في البلاط، السلطاني، دور النساء كخطّاطات وراعيات للفنون، وصعود سلطة معلّمي الخطّ.
الخطّ في الطباعة والإنتاج الآلي – النقلة النوعية من الكتابة اليدويّة الى المطبعة والخطوط الطباعيّة العربية، والإنتاج الآلي والكيتش.
كذلك يقدّم مِداد خمسة أعمال فنيّة معاصرة أُنتِجت خصّيصا للمعرض كاستجابة للمجموعة وأفكار المعرض ومفاهيمه، ستكون معروضة طوال فترة المعرض. الاعمال هي للفنانين مروان رشماوي ومنيرة الصلح وروي سماحة وجنى طرابلسي ورائد ياسين.
يترافق مِداد مع برنامج عام للجمهور العريض والمختصّين والأطفال.
كاتالوغ المعرض بعنوان مِداد، الخطّ العربي في الحياة العامّة والخاصّة وهو من تأليف د. ألان فؤاد جورج، سيُطلق في أيلول ٢٠١٧.
دار النمر
دار النمر للفن والثقافة مؤسسة فنية مستقلة غير ربحية وفضاء ثقافي تفاعلي في قلب بيروت. تتخصص الدار بعرض منتجات ثقافية قديمة وحديثة ومعاصرة من فلسطين وبلاد الشام، وإن كانت نشاطاتها لا تقتصر على ذلك.
تسعى المؤسسة إلى تعميق الوعي التاريخي والنضوج الفكري من خلال مساهمات المتخصصين والكتّاب والمؤرخين والفنانين والموسيقيين والسينمائيين من الإنتاج الثقافي الذي يتفاعل مع القضايا الاجتماعية والتيارات السياسية التي تلعب دوراً في تشكيل المنطقة. دار النمر مسؤولة أيضاً عن مجموعة النمر الفنية.
مجموعة النمر الفنية
تم جمع مجموعة النمر الفنية على مدى أكثر من أربعين عاماً. مازالت المجموعة تنمو، اذ يتم إضافة قطع جديدة بعد انتقائها وتمحيصها لما تحمله من قيمة جمالية وثقافية وتعليمية. تغطّي المجموعة بما تحتويه من قطع فنية حوالي العشرة قرون، وتأتي من مناطق تحمل إرث الثقافة الإسلامية أو تتفاعل معها، وتسلط الضوء على تطور التاريخ السياسي للمنطقة.
من أبرز القطع التي تتضمّنها المجموعة هي مخطوطات، ونقود، وقطع خزفية، وتحف زجاجية، وأسلحة ودروع، وأقمشة، وأدوات معدنية، وتحف خشبية مطعّمة بالصدف، وأيقونات وصلبان مسيحية من القدس، وفخار أرمني أيضاً من القدس وأعمال فنية فلسطينية حديثة ومعاصرة بالإضافة إلى لوحات ورسوم لمستشرقين.
رامي النمر
وُلد رامي النمر في نابلس، فلسطين وبدأ شغفه بجمع الأعمال الفنية في سنٍّ مبكرة. تضم مجموعته أعمالاً تعبّر عن هوية متعدّدة الأوجه وراسخة في فلسطين. والأهم أنها تعيدنا بالذاكرة إلى زمنٍ كانت فيه الحدود مفتوحة ومن دون عوائق، وكان مسار التبادل الثقافي للفنون والأفكار خالياً من العراقيل.
نمت مجموعته لتصبح احتفالاً تذكاريّاً يروي قصّة البقاء والصمود في وجه محو الذاكرة وتشويه الهوية. لم يكتفِ رامي النمر بزيادة مجموعته الخاصة، بل رغب أيضاً في مشاركة الآخرين بها، لذا أسّس دار النمر للفن والثقافة في العام 2015 للتشجيع على فتح نقاشٍ سليم حول القطع التي تتضمّنها المجموعة، وللتفكير في سردية جديدة للمنطقة العربية تكون أكثر تماسكاً وشاملة للجميع. كما أنه أطلق المجموعة الفنية الخاصة بمصرف “فيرست ناشونال بنك” (FNB) في العام 2009. وهو عضو في مجلس إدارة عددٍ من المؤسسات الثقافية، من بينها المتحف الفلسطيني في بيرزيت.
قطع مميزة في المعرض
قرآن بيد أيوبا سليمان ديالّو (في قسم الخطّ العربي أبعد من البلاد الإسلامية المركزيّة)
نَسَخ هذا القرآن أيوب بن سليمان ديالّو (١٧٠٢- ١٧٧٣م) وهو من عائلة مسلمة من بلاد البند الواقعة في السنغال حالياً. عام ١٧٣٠م، أرسله والده لبيع اثنين من العبيد وشراء الورق بثمنهما. لكنه فشل في الاتفاق على سعر مناسب مع قائد إحدى السفن الانكليزية فقرّر الذهاب الى داخل البلاد لإيجاد شارٍ. وفي الطريق، أُسرته قبيلة منافسة وباعته الى قائد السفينة ذاته الذي تفاوض معه سابقاً.
بعد شهر واحد، رست السفينة التي تحمل ديالّو في أميركا حيث بيع لصاحب مزرعة تبغ. هرب عام ١٧٣١م، ولكن سرعان ما قُبض عليه. فأخبر القاضي، وهو رجل إنكليزي يُدعى ” بْلُويت “، عن تعاسته لعدم قدرته على ممارسة شعائره الدينيّة. فكان أن أُعيد الى المزرعة وسُمح له بكتابة رسالة الى والده يخبره فيها عمّا آل إليه وضعه. ولدى مرور الرسالة بإنكلترا في طريقها الى أفريقيا، قرأها السياسي جايمس أوغلثورب، الذي قرّر شراء ديالّو من صاحب السفينة.
في عام ١٧٣٣م، وصل ديالّو الى إنكلترا حيث تمّ إعتاقه وأصبح مشهوراً نوعاً ما في الدوائر الأرستقراطية الى حدّ تعريفه الى الملك جورج الثاني والملكة كاثرين التي قدّمت له ساعة ذهبيّة. وفي تموز عام ١٧٣٤م، عاد أخيراً الى بلاده حيث قام بتأسيس علاقات تجارية متواصلة مع البريطانيّين. نَسَخ ديالو هذا القرآن من الذاكرة خلال إقامته في إنكلترا.
من الأعمال الأخرى المعروضة كتاب مواعظ مسيحيّة لبطريرك القدس أثناسيوس الخامس مصدره الأراضي المقدّسة، سوريا أو لبنان، يعود تاريخه الى بداية شباط ١٦٦٣م (القسم الثالث). تحتوي هذه المخطوطة على ست وستين موعظة. من المرجّح أنها كُتبت أصلاً باللغة اليونانية، لكنّ الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في فلسطين كانت من أوائل الكنائس التي تبنّت استخدام اللغة العربية بشكل واسع منذ القرن التاسع على الأقل، في نصوصها التعبّدية والدينيّة.