السفير د. هشام حمدان
تشرفت يوم الاربعاء 26 نيسان 2017 بقبول دعوة من ادارة مدارس الاشراق لحضور ندوة علمية مع رائد الفضاء الأميركي الدكتور دونالد توماس الكاتب والمحاضر الجامعي وعالم الفضاء في وكالة ناسا. اقيمت الندوة في فاعة الرسالة الاجتماعية في عاليه برعاية كريمة من المجلس البلدي للمدينة وبالتعاون مع جامعة البلمند- حرم سوق الغرب.
استمعت بكثير من الاهتمام الى شروحات الدكتور توماس. هو ارسل رسالة الى المستمع عن أهمية التمتع بارادة صلبة وثبات وعناد للوصول الى تحقيق أحلامهم. وشرح كيف انه تقدم أربع مرات من وكالة ناسا للالتحاق ببرنامجها لرواد الفضاء قبل ان يقبل طلبه. هو لم يأت بجديد بهذا الصدد فقد أكد القول المأثور ” من طلب العلى سهر الليالي. وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. لكن كان لافتا بالطبع انه لم يشر في اية لحظة الى انه سعى الى واسطة مع هذا الزعيم او ذلك السياسي. وقال انه ذهب يبحث عن السير الذاتية لكل الذين قبلتهم الوكالة فأغنى نفسه بما وجده لديهم ولم يجده في نفسه.فتعلم الغوص وقيادة الطائرات الصغيرة الخاصة والقفز بالمظلة بل انه استقال من عمله لينتقل الى هيوستن ويعمل في ناسا كمهندس كل ذلك بغية تعزيز سيرته واغنائها.
ولد الدكتور توماس عام 1955 في كليفلاند اوهايو لكنه بعد تجربته الفضائية صار يشعر كم هو سخيف التفكير بهويات وطنية معينة بدلا من التفكير بالانتماء الى كوكب واحد يفترض ان ندافع عنه لأن كل ما فيه يجمعنا ويرسم مصيرنا الواحد.
وقال انه تابع دراساته في جامعة كورنيل لكنه لم يكن من الطلبة المتفوقين وظلت علاماته على المستوى العادي. وهو دخل ناسا في العمر 39 سنة وخضع لأربع سنوات من التدريبات الضرورية قبل ان ينطلق في رحلته الاولى الى الفضاء.
كانت اللحظة الأولى لانطلاقة الجرم كولومبيا الذي حمله الى الفضاء عام 1994هي ابرز ما طبع في ذاكرته. فالدفع القوي الذي شعر به في ظهره مع بداية انطلاق الجرم جعله يشعر كأنه جزءا من قوة الدفع التي قذفت الجرم بسرعة تزيد عن 200 كلم في الساعة ليصل الى الفضاء في اقل من سبع دقائق. جال الفضاء
هو جال الفضاء برفقة آخرين بينهم رائدات فضاء وقطع ملايين الأميال في عدة مئات المرات حول الأرض. فقطع في الرحلة الاولى ستة ملايين ميل في 236 دورة واستمتع برؤية جبال هملايا وقمة ايفريست في آسيا وجبال كيليمانجارو الأفريقية والشعب المرجانية الضخمة في آسيا وغابات الامازون في البرازيل واميركا الجنوبية وغيرها. ورأى البراكين وهي تشتعل وتقذف حممها عاليا كما رأى النقطة الزرقاء في وسط التورنادو الذي كان يدور حول نفسه بسرعة 200 ميل في الساعة .
رحلته الأولى في الفضاء استمرت 354 ساعة قطع خلالها 236 دورة وكانت كل دورة حول الارض تستغرق ساعة ونصف فقط بينها 45 دقيقة في القسم المضيء و45 دقيقة في قسم الظلمة. وقد كانت تلك التجربة هامة له وللعلماء على الارض الذين كانوا يدرسون آثار انعدام الجاذبية على جسده وعضلاته اضافة الى الصور التي كان يبعث بها عن الارض. وأكد انه كان حزينا لما رآه من ممارسات للانسان تساهم في القضاء على ثرواتنا الطبيعية ونظام التوازن البيئي.
وشرح الدكتور توماس عن واقع حياة رائد الفضاء الذي يمكنه ان يطيركسوبرمان في الكبسولة. وعرض صورا تبين كيف يبقى شعر الرواد والرائدات متطايرا. كما شرح كيف كانوا يأكلون ويشربون ويستخدمون الحمام ويمارسون الرياضة والنوم والطباعة على الكومبيوتر. وقال انهم لا يتحممون بل يستخدمون ليفة ومواد لا تحتاج للماء. وشدد انه مع فقدان الجاذبية لا يعد لدينا ما يسمى فوق وتحت. وخلص موضحا ما شعر به لدى عودته الى الأرض وما احتاج اليه من وقت لاستعادة توازنه.
ارغب ان اعرب عن تهنئتي الصادقة لكل الذين شاركوا في تنظيم الزيارة للدكتور توماس الذي سيجول لبنان ويقدم محاضرات عن عمل رائد الفضاء. وقد كان لافتا لي حضور عدد كبير من رجال الدين والطلبة بلباسهم الديني. كانوا من أعمار مختلفة وقدموا العديد من الاسئلة باللغة الانكليزية. لا أستطيع ان اتوقع ما يمكن ان يكون انطباع الدكتور توماس لرؤية هذا الحشد المستمع ومعظمهم يرتدي الزي الديني لكني متأكد انهم تركوا لديه انطباعا جميلا يخالف ما يمكن ان يكون رسمته الصورة النمطية عن انساننا. فقد اثبتوا ان مواطننا اللبناني تواق الى الأعالي.