حسيبـــــة طاهــــر
(أديبة وشاعرة جزائرية مقيمة في كندا)
ما أصعب البوح بأغوار النفس في أصقاع تعد على المرء أنفاسه ، تتنبأ بآخرته وتخمن نواياه ، تحاسبه عن أحلامه وتصدر حكما قبل صدورأفعاله…
و حتى ذاكرتنا المنشّأة في ظلال القهر وحسن الكبت والكتمان … قد – بل كثيرا ما – تطوِّعنا بدل أن تطاوعنا، تخوننا تخدعنا تسلط رقابة قهرية وسلطة لامرئية … تختزل الأفكار,، تختن الأقوال ، و تنقِّح المشاعر ، بل تدلِّس التاريخ المحفور على جدرانها المنقوش بخلاصة الروح … وتخضعه لمعاييرهشة فضفاضة مطاطية كـ : المعقول واللائق و السائد …
وتمتزج في أعماقنا أحداث ضبابية مبهمة الدلالة، بين هوامات الطفولة المتعبة وأحلام الشباب المعدمة، ومخلفات فوضى أرواحنا المرهقة ومشاعرنا المدجنة المروضة على اللالتواء والمواراة والتَقِّية …. المدججة بالخوف والرعب واللاأمان… نتفتت أرواحنا كل يوم ويعاد جمعها حتى تلاشت ملامحها من كثرة هرس وضم …
ويبقى القلم أوفى خليل والورق قلب كبييييير ساتر للعورات كاتم للأسرار ، الورق وحده خاصتنا الحقة، تنزف فوقه جروحنا بعنف في كواليس جنون الفكروعريه وعربدته و تمرده، في تلك اللحظات القليلة التي تفلت فيها أرواحنا المغتربة من الرّادارات المسلطة عليها والفخاخ المنصوبة لها … فلا خوف من الورق … لأننا سنضع عليه روثوشات وَعْيِنَا المنافق قبل البث نراوغ أنفسنا قبل غيرنا ونبوح بحقيقة إلا ربع … وقناعة منمقة مُبْهِرة مُبَهَّرة بتوابل الشرق الساحر…