“البحث العلمي في لبنان، قيادته وأخلاقياته”… مؤتمر في الجامعة الأنطونية

رعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير شؤون مكافحة الفساد نقولا تويني حفل افتتاح مؤتمر “البحث العلمي في لبنان، قيادته وأخلاقياته” الذّي نظمته الجامعة الأنطونيّة بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية والوكالة الجامعية للفرنكوفونيّة ورابطة جامعات لبنان في الحرم الرئيس للجامعة الأنطونيّة في الحدت-بعبدا بمشاركة جمع من الأكاديميين والباحثين المختصين من جامعات محلية وأجنبية.

تويني

نقل الوزير تويني الى المشاركين في المؤتمر تحيات الرئيس عون ودعمه واهتمامه الشديد بموضوع المؤتمر الذي يوائم بين أولويّتَين للعهد هما الأخلاقيّات والبحث العلميّ مذّكرا أن الاستثمار في البحث العلميّ يعتبر أولويّة من أولويّات وخطّة النهوض الاستراتيجيّة التي وردت في خطاب القسم. في كلمته، ثمّن الوزير تويني مبادرة الجامعة الأنطونية في تنظيمِ هذا اليومِ الدّراسيّ في سياق تعميمِ مبادئِ الشرعة التي أنجزها المجلس الوطني للبحوث العلمية وسلوكيّاتها وتعميق التفكُّر في أركانها وتطبيقاتها، في مواضيع مهمّة، مثلَ أخلاقيّات الأحياء والانتحال الفكريّ والتلفيق العلميّ وأخلاقيّات قيادة البحث العلميّ في الجامعات. كما ثمّن جهود المجلس الوطني للبحوث العلمية والتعاون القائم بين المؤسّسات الجامعيّة في إطار رابطة جامعات لبنان. وممّا قاله : ” ها أنا ذا الّذي ائتمنه صاحب الفخامة ودولة رئيس الحكومة على أوّل وزارةٍ تكون وظيفتها الأولى والأخيرة مكافحةَ الفساد، أُعلن من هذا الصرح الجامعيِّ الكريمِ أنّ لا بدّ لمثل ذلك الإصلاح الاجتماعيِّ – الاقتصاديّ أن يعتمد أوّلاً على المثال الَّذي تشكّله نخبة المجتمعِ اللُّبنانيّ الفكريّة، ألا وهي جماعة الجامعيّين العلميّين، في دفاعها المستمرّ عن القيمِ الأخلاقيّة في ميدان البحث العلميِّ وتنشئة الشباب الجامعيِّ على تلك القيم، وبخاصّة: البحث عن الحقيقة واحترام كرامة الإنسان” مشددا على أهميّة الاستثمار الفكري والعلمي خصوصا وأن الدول المتقدمة باتت ترتكز اليوم على التراكم المعرفي ودعم البحث العلمي.

نقولا تويني

الأب وليد موسى

وكانت الجلسة الافتتاحية استهلت بالنشيد الوطني بعدها ألقى رئيس رابطة جامعات لبنان ورئيس جامعة سيدة اللويزة الأب وليد موسى كلمة تمنّى خلالها أن يتمتّع أهل السياسة، قادة ومسؤولين، بالحسّ الأخلاقي الذّي نبحث عنه عند العلماء ونعتبره جزءا من عملهم وعلامة مميّزة لكل بحث أو دراسة. هذا وتوّجه باسم رابطة جامعات لبنان الى راعي الحفل وقال: ” نعم يا فخامة الرئيس، أتعبنا أهل السياسة بالصراخ والظواهر الصوتية. ليتنا جميعا نتحصّن بالأخلاق ونعمل من أجل الانسان وكرامته.” وأردف: “في عالمنا اليوم، عالم الحداثة والتواصل والتكنولوجيا، وفي أكثر بلدان العالم تطورا وحضارة، نشعر بأزمة فقدان القيم في الشرق كما في الغرب: الانسانية في خطر، الايمان في خطر، الحرية والديمقراطية في خطر والعالم يعيش حروبا متتالية ومتنقلة ويأتي الارهاب، بكل مظاهره وأنواعه، عنفيا أو نفسيا، ليفضح حقيقة الحضارة المزيفة التي تلّف مجتمعاتنا” لافتا الى أنه انطلاقا من هذا الواقع،  نشعر كجامعات لبنانية أو عالمية، بمدى المسؤولية وبعمق الرسالة التي يجب أن نقوم بها وتابع: ” ليس دورنا أن نعلّم طلابنا فقط وأن نحملّهم شهادات جامعية بل نحن مدعوون الى دور جديد يقوم على الحوار والبحث والابداع، وهو دور محاط بكثير من علامات الاستفهام خصوصا لناحية المسؤولية الأخلاقية وتحديد الجهات التي تضع المعايير والقواعد وتأمين كلفة وعدّة البحث….”

الأب وليد موسى

الدكتور معين حمزة

نوّه أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة بالجهود التي بذلتها الجامعة الأنطونية والخبراء المشاركين لتنظيم فعاليات هذا المؤتمر العلمي موضحا أن المجلس أنجز خلال هذا العام من ضمن رؤيته العلمية برنامجين جديدين ويتعلّق الأول بوضع شرعة متكاملة للمبادىء الأخلاقية للبحوث العلمية في لبنان تكون ضامنة لمصاقية البحوث والباحثين ومؤسساتهم وقد وقعتها الى الآن 19 جامعة ومؤسسة معنية بالبحوث. وأعلن في هذا السياق عن تنظيم مؤتمر اقليمي خلال شهر تموز المقبل بدعم من منظمة الأونيسكو لنقل هذه التجربة الى دول عربية والاستفادة من خبرتها في آليات تطبيقها. أما البرنامج الثاني فيتمحور حول اقرار المجلس عقود تعاون جديدة في تمويل مشاريع البحوث مع أربع جامعات في لبنان مبنية على مبدأ تقاسم الكلفة وهي الجامعة اللبنانية والجامعة الأميركية في بيروت وجامعة القديس يوسف وجامعة الروح القدس-كسليك مؤكدا في هذا الاطار أن ثلاث جامعات أخرى قد طلبت الانضمام الى هذا البرنامج الاستراتيجي وبذلك تصبح قيمة الدعم المالي لمشاريع البحوث حصرا الذّي يؤمنه المجلس عبر هذه الشراكة وللمرة الأولى في تاريخ البحوث اللبنانية 6 ملايين دولار ما يعني تمويل حوالي 200 مشروع بحث في مختلف المحاور العلمية والتقنية والاجتماعية والانسانية بمعدل يتراوح بين 20 و40 ألف دولار لكل مشروع.

الدكتور معين حمزة

أرفيه سابوران

بدوره، تحدّث مدير مكتب الشرق الأوسط في الوكالة الجامعية للفرنكوفونية ارفيه سابوران فلفت الى  أهميّة البحث في دفع حدود المعرفة وفي توفيرها اجابات محسوسة للقضايا الكبرى في مجتمعاتنا مشيرا الى أن الوكالة تعمل جاهدة لتطوير البحث العلمي وهي انخرطت منذ أكثر من سنة في عملية تفكير ودراسة حول استراتيجيتها الجديدة للسنوات الأربع القادمة والتي ستطرحها  خلال الجمعية العمومية لأعضاء الوكالة التي ستعقد في مراكش في المغرب في شهر أيار القادم علما أن البحث العلمي وفق ما أورد سابوران يواجه تحديات عدّة تسعى الوكالة الجامعية للفرنكوفونية الى مقاربتها مثل التعاون البحثي والتشبيك بين المؤسسات، وتنظيم أكثر فعالية على المستوي الوطني كما المؤسساتي يرتكز الى تحديد  الأولويات في ما خصّ المواضيع البحثية وتحسين الادارة عبر اعتماد الجودة والأخذ بعين الاعتبار المسائل الاخلاقية، واعتماد سياسة تشجع البحث وتوثق روابطه مع العالمين الاجتماعي والاقتصادي كذلك تشجيع الابتكار كعنصر تغيير شامل في مواجهة التحديات المجتمعية في حقول مختلفة كالصحة والبيئة والطاقة والتغير المناخي….

الأب جرمانوس جرمانوس

الأب جرمانوس جرمانوس

بعدها، ألقى رئيس الجامعة الأنطونيّة الأب جرمانوس جرمانوس كلمة أعرب خلالها عن سرور الجامعة الأنطونيّة بمبادرة المجلس الوطني للبحوث في وضع شرعة للمبادىء الأخلاقية للبحوث العلمية في لبنان مؤكدا أن اليوم الدراسي  يندرج  في سياق هذه الشرعة خصوصا وأنه يعالج العلاقة بين قيادة البحث في لبنان وما تنصّ عليه الأخلاقيات. هذا وأكدّ على ضرورة ايجاد هيئات ناظمة ومسارات تطبيقية فاعلة تساعد على تنفيذ المبادئ التوجيهية المتعلقة بالأخلاقيات العلمية.

جرمانوس الذّي شكر رئيس الجمهورية لرعايته كما جميع الأفرقاء الذين دعموا وساهموا في تنظيم هذا الحدث، ركّز على دور الأكاديميين والباحثين في نقل الأسس الأخلاقية للطلاب من خلال التزامهم بها وممارستها وتطبيقها فعليا كلّ في مضماره.

جلسات

وعقدت خمس جلسات على امتداد النهار تناولت أولاها شرعة المبادىء الاخلاقية للبحث العلمي في لبنان وأخلاقيات علوم الحياة والتوثيق الالكتروني والانتحال، الغشّ وعدم الأمانة في البحث العلمي جذورها والوقاية منها. أما الجلسة الثانية فتطرقت الى البحث العلمي في الجامعات اللبنانية، وادارته وأخلاقياته، تحديدا الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة العربية وجامعة البلمند وجامعة سيدة اللويزة وتمحورت الجلسة الثالثة حول قيادة البحث في فرنسا والبحث العلمي والحدود الاخلاقية. أم الجلسة الرابعة فعالجت البحث العلمي في جامعة القديس يوسف وقيادته وأخلاقياته وبرنامج دعم البحوث في المجلس الوطني للبحوث العلمية. أما الجلسة الخامسة والأخيرة فأحيأها أمين عام المجلس الوطني للبحوث الدكتور معين حمزة وتركزت حول خلاصات وتوصيات اليوم الدراسي.

اترك رد