مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(أديب وروائي وقاص وشاعر وناقد- لبنان)
ارتَبَطَ اسمُ الأَرمَنِ في أَذهانِنا، عندنا في لبنانَ، بِمَهارَةِ الصَّنعَةِ وإِتقانِ الحِرَفِ اليَدَوِيَّةِ والنَّشاطِ والحَيَوِيَّة.
وواكَبَ ذِكرَهُم، في العالَمِ، مَأساةُ اقتِلاعِهِم مِن أَرضِهِم، وتَشتِيتُهُم في مَطارِح الدُّنيا؛ أَرضِهِم الَّتي أَسَّسُوا عليها أَوَّلَ كَنِيسَةٍ بِإِيمانٍ صافٍ قَوِيم.
لقد حَدَثَ لهذا الشَّعبِ الحَيِّ المُسالِمِ ما حَدَثَ والعالَمُ غارِقٌ في جُنُونِهِ المُطبِقِ، والعَقلُ عاجِزٌ أَشَلُّ، والحَربُ العالَمِيَّةُ الأُولَى في أَتَمِّ استِعارِها.
فحتَّى لا يَكُونَ لِوَصمَةِ العارِ التَّارِيخِيَّةِ ذُرِّيَّةٌ تَتَنامَى على العُصُور…
ومِن أَجلِ أَن لا تَجِدَ سَقطَةٌ كُبرَى مِن سَقَطاتِ الإِنسانِ احتِضانًا وذاكِرَة…
وكَي لا تُزهِرَ الأَحقادُ وتُثمِرَ…
وخِيْفَةً مِن أَن تَنشَأَ أَجيالٌ على مَنطِقِ الثَّأرِ، والأَخذِ بِالدَّمّ…
ومِن خَشيَةٍ أَن تَتَحَوَّلَ أَنسامُ أَراراتَ النَّدِيَّةُ البارِدَةُ إِلى رِيحٍ سَمُومٍ تَخنُقُ الأَنفاس…
فإِنَّنا نَأمَلُ مِن تُركِيا الحَدِيثَةِ، الَّتي تَتَهَيَّأُ لِلدُّخُولِ في عالَمٍ يَرعَى حُقُوقَ الإِنسانِ، ويُقَدِّسُ حُرِّيَّةَ إِيمانِه…
نَأمَلُ مِنها، وهي البَلَدُ الجَمِيلُ الَّذي أَنجَبَ نَاظِم حِكْمَت وأُورهان يامُوق، أَن تُزِيلَ دِمنَةً كُبرَى بِأَخضَرَ مِن أَرضِها الفَيحاءِ ومُعتَقَدِها السَّمحِ، مُعِيدَةً لِلخَلَفِ مِمَّن ظَلَمَتهُم نَزْرًا مِن غَمْرِ حُقُوقِهِمِ الضَّائِعَةِ، لِنَنسَى، جَمِيعًا، زَلَّةً قاصِمَةً، ولنُسقِطَ، مِنَ التَّارِيخِ، إِحدَى صَفَحاتِهِ السُّود!