إيلي مارون خليل
(أديب وشاعر وروائي وقاص- لبنان)
ويهاتفكَ “الحبيبُ” ذات صدفةٍ غروبيّة! يعذوذب غروبُك على غُصّة خانقة! فتحيا الحالةَ ونقيضَها. تحاول تُغلّب الفرح، ينغّصه عليك الحزن. تحاول تُغلّب الأمل، يندفق منك اليأسُ. تحاول… تحاول… يتفجّر فيك ما تأباه، ترفضه، تكرهُه. ويُقيم فيك!
تستمع. فأنت في الّلهفة الأقصى لسماعه. تحديدًا: لسماع ما تُحِبُّ منه، “حبيبُك” الـْ ـكُنتَ تظنّ أنّك أقلْتَ نفسَك من حُبّه، أو أقصيتَه، فنسيته، فمات فيك. فمن دهر لا نهائيّ البُعْد لم تلتقيا. لم تتبادلا الكلام ولا الإنصات. تقولُ: سأُصْغي بكلّيّتي كاملةً. أشتاق إلى سماعه. أتوق أعرف ما يَوَدُّ القول، ولا أقول “التّبرير”. أرغب في ألّا يبرّر. أجد أنّ في كلّ تبرير شيئًا من كذب. ما أمْقتُه مَقْتًا كلّيًّا وشديدًا.
تستسلم لنغم صوتِه الـ ـيُغرِقك في نشوة ملآنة؛ لفرادة صوتِه بين الأصوات جميعًا. تتذكّر لويس أراغون وقولَه: J’entends vibrer ta voix parmis tout le bruit du monde!
كم كان على حقّ هذا الشّاعر!
تتابع استسلامَك للصّوت الّذي ينفذ إليك، كلّك، يجري دمًا في عروقك، ينسم نسيمًا عَبْرَ جِلدِك، يعصف روحًا فيُحييك! فلا تعود تركّز في ما يقول. لا تعود تنتبه لأيّ كلمة. تخشع أمام “الحبيب”، جمرَ الحَنانِ، تَقوى الاطمئنانِ، فَيض العرفان!
يتوقّف الكلام، أو ينتهي! لا تعرف. تخجلُ تسأل.
أنْهى ما رغبَ “الحبيبُ” في إيصالِه، أم تبيّن له أنّ “الحبيبَ”، “حبيبَه” في “غير عالَم”!
تُنصِت أكثر من دون أن تقول شيئًا! تنظر إلى فَراغ فَضاء مكتبِك، يتراءى لك أنّ “الحبيب” يُركّز في وجهك، فهو يراك. يراك ويعجب لاستغراقك في الفَراغ! يعجب، يتساءل: ماذا يرى في الّلاشيء!؟
يهزّ المِهتاف يمينًا وشمالًا. يقرّبُه إلى أذنه اليُمنى. فاليُسْرى. فيقلّبه أمام عينيه. يقلب شفتَه السُّفْلى، يُغَطّي بها منتصفَ العُليا. يُعيد الآلة إلى مكانها. يتراخى على المقعد الواسع الوثير. يُغمِض عينَيه يحلُم قي ما لا تعرفُه! تفعل، تمامًا، مثله. وحين تصل إلى الأحلام، تعرف إلى مَن تحنّ إلى أن تحلمَ به. لكنْ لا تريد. لن تريد. تُكابر. أنت تكابر!
تتنهّد. تريد ألّا تنهدَّ. تريد تفرح، تسعد. تريد تحلَولي الحياة. تريد يزدهر العمر. مهما طال قصير! ألبُعد يُفَحِّم العمرَ. يُطفئ نارَه. تكاد تختنق. يُقفَلُ بوجهك المَدار!
(ألاثنين 20-6-2016)