مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(أديب وشاعر وروائي وناقد- لبنان)
ورَجَعتُ، بَعدَ مَسِيرَةِ السَّنَواتِ، لِمَرابِعٍ دَرَجَت بِها صَبَواتِي
فَرَكَعتُ فَوقَ أَدِيمِها في لَهفَةٍ ولَثَمتُ تُرْبًا كَم رَعَى خُطُواتِي
فَشَعَرتُ بِالدِّفْءِ الَّذي قد فاتَنِي مُنذُ ارتَحَلتُ، مُبَدِّلًا عاداتِي،
وحَلَلتُ في صَخَبِ المَدِينَةِ ناشِدًا سَعْدَ المُنَى في بَهْرَجِ الثَّرَواتِ
فَغَرِقتُ في سَعيِي وَراءَ مَناعِمٍ مِ العَيشِ أَلهَثُ خَلفَها بِأَناةِ
ونَسِيتُ أَيَّامًا نَأَت، وتَناثَرَت أَشلاءَ ذِكرَى مِن دُنًى نَضِراتِ
وغَدَت أَمانِي العُمرِ جَنْيَ دَراهِمٍ، وتَقَزَّمَت رُؤْيا السَّنا بِدَواتِي
وتَراجَعَت تِلكَ الأَماسِي الْكانَ في أَندائِها يَسرِي شَجا السَّمَراتِ
سَقيًا لِأَيَّامِ تَداعَى صَرحُها بِمُرُورِ دَهرٍ صارِمِ العَرَباتِ
كانت هَناءَةَ أَنفُسٍ في فَجرِها نَغَمُ السَّماءِ، ومُشرِقُ البَهَجاتِ،
ولَنا، على مَرِّ الطُّفُولَةِ والصِّبا، صَفْوَ الحَنايا في حِمَى البَسَماتِ
هَيهاتَ لو نَأوِي، ولو في غَفلَةٍ مِ الدَّهرِ قَبلَ نِدا النَّذِيرِ الآتِي،
تلكَ المَغانِي، نَستَعِيدُ بَهاءَها، ونُعِيدُ لِلماضِي جَوَى الجَمَراتِ!
***
واليَومَ… هانِي قَد كَسَبتُ، وفي ضَنًى غَمَرَ الدُّرُوبَ بِوَفرَةِ الآهاتِ،
وتَكَدَّسَت فِيَّ الغُضُونُ، وأَثقَلَت حَرَّى الجُفُونِ سَخِينَةُ العَبَراتِ،
والكَسبُ كانَ… دَراهِمًا صُفْرًا طَوَت بِيْضَ الأَمانِي في هَشاشَةِ ذاتِي
فَفَقَدتُ، في رَنَّاتِها، هَزْجَ الصِّبا، وخَسِرتُ، بَعدَ الفَوْتِ، طِيْبَ حَياتِي