جديد “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”

” أصداء حول “مقابسات زريقيّة” للدكتور مصطفى الحلوة” و”فاكهة الكلام” للدكتور أحمد حمصي

مارلين وديع سعادة

(أديبة وشاعرة-لبنان)

صدر حديثًا ضمن “منشورات مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافيّة” كتابان، الأوّل بعنوان “أصداء حول “مقابسات زريقيّة” للدكتور مصطفى الحلوة”، ويتضمّن وقائع توقيع كتاب “مقابسات زريقيّة” المذكور والمقالات التي تناولته، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الصور الملوّنة عن وقائع الحفل.

أما المنشور الثاني فهو كتاب شعريّ للدكتور أحمد الحمصي بعنوان “فاكهة الكلام”؛ وأيّة فاكهة؟! تقع بينها على الأجود والأفخر والأطيب، ما يمنحك حلاوة الشكل ومتعة المذاق!

فاكهة زيّن بها د. حمصي مائدته العامرة بجنى كلّ المواسم… كانت فيها للربيع حصّة كبيرة، هذا الربيع الذي اغتُصب في زمننا فتشوّه، وفقد أجمل معانيه… عاد مع الحمصي لينبض بالحياة والجمال، عاد يدعونا لنركض في ربوعه ونتنعّم بأزهاره الكثيرة الألوان وضوع عبيره!

“جيشٌ من النبت يجتاح الثرى فإذا/ رأيته خلته بالزهر يعتمرُ

من أصفرٍ لا يرى للتبرِ نسبتَه/ وأحمرٍ ليس يدري ما هو الخفرُ

كأنّما الأرضُ طِرْسٌ والربى كَلِمٌ/ والزهرُ فيها حروفٌ حبرها المطرُ” (ص 16).

تحطّ على المائدة فيأبى “طيرُ الهوَى” (ص 18) إلا أن يخطفك ويحلّق بك عاليًا! طُبع حضورُه الآسر على الغلاف الخلفيّ للقصائد، فحلّق على الضفّة الأخرى ليبقى ماثلًا للعيان فاعلًا في القلوب:

“سَقَيتُ بدمعي في الظلامِ قصائدي/ وقلتُ لها: كوني ضُحًى لصباحي

وأطلقتً من ليلِ المحابرِ أحرُفًا/ فحلّقْنَ طيرًا غيرَ ذاتِ جَناحِ

وجَوّلْنَ في الدنيا وعُدْنَ لدفتري/ جِراحًا مُدَمّاةً بكلِّ سلاحِ”.

ثمّ تقع بين ثماره على قصائد للغزل فيها “مساحة تليق بشعوره المرهف” – وفق تعبير كاتب المقدّمة الدكتور سابا قيصر زريق – امتدت بين “خدّك” (ص 15) التي كتبها وهو لمّا يزل في سنّ الطفولة: “بضع عشرة سنة” – كما يشير في الهامش – و”يا حلوة الصوت” (ص 21).

ثم يصيبنا دوار الكلمات اللذيذ، في بحرَيْ الشاعر ومداهما الآسر! وندرك أنّ قراءة واحدة قد لا تكفينا لسبر غور معانيه وروعتها! “بحران..” (ص 23)، قصيدة تختزن عصارة الفكر وجَوْدة الكَلِم، نأى عنها عالمُنا وأضحت غريبة عنه… نلاحظ أنّ الكلمة لدى الحمصي ما تزال متربّعة على عرش الأصالة، يرود بها ويصول ويجول، فها هي “المُنْيَة” (ص 28) ترقص وتقفز، تعلو وتنخفض بين المعنى وضده، لتعود فتقف مستقيمة تحت أنامله البارعة والمسيطرة:

“وإذا قلتَ للآمال هلمُمْنَ أقبلت/ تمايلُ في زهوٍ وتبطئ عن عمدِ

فودّعتُ صباهنَّ من دون حسرةٍ/ وطلّقت كبراهنّ من دون حقد”.

ويأتينا “أقحوان الشعر” (ص 34) يمورُ تحت نسمات النقد الملتهبة، فيحترق منها كلّ ما فيه علّة، ويستوي الصحيح بعد عبورها… وتُرفع أطباق وتوضع غيرها، ما نظمه من أيام الدراسة الجامعيّة (ص 51)، وقصائد في حبّ الرسول (صلعم) (ص 59) ثم قصائد في الأسرة (ص 67)…

ولا نغادر مائدته إلا وقد حمّلنا منها شيئًا من قديم ثمار اللغة وأجملها وأحلاها، ذاك الذي فاتنا الاستمتاع به في لجّة انغماسنا وتيهنا، وركوبنا موجات العصر، لاهثين فوق الزبد غافلين عن خوض الماء بحثًا عن مرجان الأعماق!

(21- 2- 2017)

اترك رد