القاهرة- رحاب عليوة
على خلاف عبارة «لا أدري»، التي تصدَّرت مقدمة كتبها الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين لـ«ثلاثة أعمال مختارة»، صدرت أخيراً عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة في القاهرة، في إطار السلسلة التي يشرف عليها الشاعر جرجس شكري، يستطيع القارئ أن يستخلص لماذا كتب الشاعر، ولماذا يعاد الآن نشر تلك القصائد التي كتبت في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. إنها الحيرة والوصول، الرغبة والعوائق، الأمل والضياع، وغيرها من المعاني والأسئلة التي ألقت بثقلها على الشاعر، فخفَّفت عنه أوراقٌ بيضاء حملتها، لتعيد تجسيد نفسها الآن في زمن يستوعب تلك المعاني ربما أكثر من أي وقت آخر. الكتاب يتألف من 401 صفحة، ويتضمن دواوين «الشوكة البنفسجية»، «أميرال الطيور»، منازل النرد».
في مقدمة حملت عنوان «أسئلة على أبواب هذه القصائد»، يقول شمس الدين: «مرَّت عليَّ سنوات طويلة وأنا أقرأ الشعر وأكتبه، ولا أدري على وجه التحديد أين موقعه: بين المتعة والألم، بين الصحو والسُكر، بين الحكمة والمجان…». الحيرة ذاتها سيطرت على الشاعر المصري عبدالمنعم رمضان الذي تولى تقديم ذلك الكتاب، متسائلاً من أين عليه أن يبدأ، «أمِن جيل شعراء الجنوب اللبناني ممَن أنتجتهم الحرب، ثم الجيل الذي تلا هؤلاء وكان شمس الدين أحد أعمدة أربعة فيه، إلا أنه انصرف عن ذلك».
في مطلع الثمانينات، كتب شمس الدين ديوانه «الشوكة البنفسجية»، ومن قصائده: «عودة ديك الجن إلى الأرض»، «أنا قاسم الرعد بين الدماء/ سأكسر في الأرض ميزانها/ وأطلق في السهل وعل البكاء/ وكي أسترد من الشمس عداد قلبي/ سيلزم أن أسترد الفضاء/ وأن أضبط الدمع/ في نبعه الأزلي الذي لا يزول…». ومن ديوان «أميرال الطيور»: «أن أصبح عبد الله المقتول/ لا عبد الله القاتل/ هذا دأبي/ من أول حرب قامت في التاريخ/ وكنت ضحيتها الأولى/ حتى آخر حرب تجري…»، هكذا عبَّر شمس الدين في التسعينات عن إشكالية القاتل والمقتول المستمرة ما استمر الإنسان لأنه هو سببها قبل نتيجتها، «… وتأمل فيه/ كمن يتأمل في صورته/ فرأى سبب الملهاة/ لا شيء سوى وجه المرآة».
ويشار إلى أن هذه المختارات صدرت ضمــــن سلسلـــة «إصدارات خاصة»، بغلاف للفنانــــة نســــرين محمــود، فيما ساهم الفنان حسن جوني في الرسوم الداخلية للكتاب.
****
(*) جريدة الحياة 19 يناير 2017.