هل صدقتِ؟!

حسيبة طاهر

(أديبة وروائية وشاعرة جزائرية مقيمة في كندا)

دقت باب مكتب مدير المستشفى:
– أرجوك أرجوك يا سيدي ساعدني ساعدني، أبي، أبي بين الحياة والموت ولا ينقصنا إلا القليل لمبلغ العملية… وقد سمعت كثيراً عن كرمك ومحبتك للخير …
رفع عينيه باستغراب كاد يوّبخها… لكن ملامحها الفاتنة جعلته يصمت، يخرس …
–  حسنا حسنا، تفضلي آنستي ما الخطب؟؟
– أبي أبي تلزمه عملية، عملية مستعجلة، وليس لدينا المبلغ الكافي… لا ينقصنا إلاّ القليل… فقط القليل  .
– حسنا يمكنني أن أدفع عنك ما ينقص … على أن تعملي جليسة لأطفالي هذا المساء … لدي إجتماع هام جداً، وزوجتي مسافرة ….
– موافقة موافقة يا سيدي شكراً شكراً …
–  تفضلي عنوان الشقة .
فتح لها الباب … تفضلي، قال .
جلست، أين الأطفال ؟؟
–  نائمون … ليس عليك إلا الجلوس هنا وإن بكى أحدهم أو طلب ماء ساعديه .
–  حاضر .
– ثم بدأ يسألها: منذ متى وأبوها مريض… وما مرضه، وهل هي مخطوبة… وهل هي طالبة أم موظفة؟؟ وبدأ يقترب منها … أخذ راحتها بين يديه قبّلها، ذهلت، لكن استسلمت.  المهم المال، والدي،العملية، إخوتي ما زالوا صغارا …. /قالت في نفسها/ .
كان يبتسم ويفتح أزرار قميصها،ملقيا عليها مواعظ براغماتية، أن الإعانة بالإعانة والمعروف بالمعروف …
–  والأطفال؟؟ قالت .
– قال ; هههه…هههه….هوووو… وهل صدقت يا عززتي…هههه؟
– كانت ترتدي ملابسها والدمع ينهمر من عينها.والمال،  قالت محمرة خجلة كأنها ما زالت تطلب معروفا … رغم أنها بعد ماحدث تطلب أجرها المستحق؟؟
– حاضر … فقط أسرعي بالخروج الشقة لصديقي وهو سيعود الآن.
نزلا الدرج،كان يصفر ….كانت تبكي … وصلا الشارع.
قال: سأستقل الحافلة 401 إلى اللقاء يا عزيزتي.
قالت: والمال ياسيدي ؟؟
قال: هههه … هههه…آسف ياعزيزتي …وهل صدقتِ ؟؟
أنا لست مدير المستشفى،أنا أحد معارفه صادف دخولك أني كنت أنتظره … إذ كان باجتماع،فأردت أن أستمتع قليلا بكرسي المسؤولية … والمضحك أني مفلس وكنت أنتظره لأقترض منه مبلغا كعادتي…ههه…هههه … والله لو معي مالا لأعطيتك،لكن…
هههه… هل صدقتِ القصة ؟؟ صدّقي أو لا تصدّقي … وأسرع إلى الحافلة … التي زمجرت وغاصت وسط أمواج البشر والمركبات…
دق هاتفها جاء صوت أمها نائحاً: أبوك … أبوك يا وردة …. أبوكيييييييي…

 

اترك رد