صونيا رزق الله
(كاتبة- لبنان)
من دواعي محبتي وتقديري للصفحة الثقافية في جريدة الأنوار، أحببت أن أحوّل إهتمامي عن مواضيعي التقليدية لأعبر عن شعوري تجاه هذه الصفحة التي تروق للكثيرين من القراء أكان في لبنان أو خارجه، هذه الصفحة التي أتخيلها كالحديقة الزاهية من كل لون ولون، فيها المواهب الشابة والمخضرمة، رجالاً ونساءً، من كل الفئات والميول، من كل العباد والبلاد، يختلفون في كل شىء إلا في تعلّقهم ومحبتهم لهذه الصفحة الثقافية، وتقديرهم للمسؤول عنها، الذي يُدرَك ُبه ولا يُرى.
هذه الصفحة هي بمثابة المدخل إلى جنائن الفكر والإلهام، تفوح منها عطور المواهب في شتى الميادين: الآداب والشعر والفن، التاريخ الأدبي القديم والمعاصر، النقد البناء، التحليل الأدبي، وتأتي على ذكر كل النشاطات الأدبية. إن من يقرأ هذه الصفحة ، يفرح قلبه، يهذّب روحه، يثقف عقله، وتصبح كأنها غذاؤه اليومي ينتظرها مع إطلالة كل صباح، ويخيب أمله فيما لو تغّيبت عن النشر في يوم من الأيام.
نشتاق لكاتب قرأنا له فيها كتابات أحببناها، فأحببناه من دون معرفته شخصياً، وإذا طال غيابه عنا نستفقد كتاباته، ونفرح عندما يطل علينا من جديد بما عنده من روائع ومواضيع. كل فرد من هؤلاء الكتاب له نكهته، له أريجه، أسلوبه، وميزته. كل له جماله المختلف، تماماً كاختلاف جمال الأزهار في جنائن الجنة.
ندرك جميعاً أن مسؤولا خلف هذا النشاط الأدبي للصفحة الثقافية، رجلاً خفياً لكنه ليس مجهولاً، أنه المتذوق الأول والأرهف للكلمة، لمعناها ومبناها، هو الذي يغوص بين أسطرنا كمن يغوص في قعر البحر ويسبح بين الكلمات ليرفع رأسه بعدها من تحت الماء منتعشاً بما قرأ، فيختار، وينسّق، ينقح عند اللزوم ثم ينشر… وفق المواضيع، وفق المناسبات، وفق التواريخ. ينشر لنا ما كتبنا وما أحببنا تقدمته إلى محّبي القراءة، فيقدمه لقراء صفحته على طبق شهي ومنمّق ، مزّين بالصور واللوحات المناسبة. ومن كان مسؤولاً عن هذا النشاط الأدبي، كان هو الآخر أديباً، إنه أديب بكل ما في الكلمة من معنى، أديب في ثقافته وأديب في خُلقه.
في قلب كل كاتب منا، حتى في قلب كل قارىء منا، كلمة شكر صامتى هو لا يسمعها، إنما هو جدير بها. يتسلًّم إنتاجنا يومياً بفرح ويكون أول القارئين لها. فهو المهتم بهذه الجنائن من المواهب الأدبية، ينسق الأزهار ، يهتم بالبراعم، يسلّط عليها نور الشمس ويسقيها في موضعها، لتظهر بأجمل حللها بحيث يكون راضياً عنها ومُرضياً.
لهذا الأديب والمسؤول الخفي، الأستاذ جورج طرابلسي كل تقدير منا جميعاً،وكل محبة وإحترام، إنه الرجل الذي يعطي الأهمية لكل كاتب منا، وهو بنظرنا الأجدر بالأهمية.
رجائي أن تبقى جريدة الأنوار وصفحتهاالثقافية منارة للعلم والآداب، ومنبراً للشعر والشعراء، ومكتبة لمحبي القراءة في سائر أقطار العالم.