صدر عن دار المراد/الدار العربية للعلوم ناشرون “معجم الهادي في الأضداد” من تأليف الكاتبة جولي مراد، وهو مكمّل لـِ “معجم الهادي في المترادفات والمتجانسات” الذي غدا أداةً أَثْرت مداركَ المثقّف والطالب اللُّغويّة.
إن الضِّدَّ في العلوم اللُّغويّة مفردةٌ واحدةٌ تدلُّ على معنيَيْن مُتقابلَيْن كالمولى للسَّيِّد والعبد، الجليل للعظيم واليسير، البَيْن للفُراقِ والوَصْل، السُّدفة للظُلمة والضوء، الظَّن للشك واليقين. وهذا الثراء لا نجده في أية لغة أخرى غير العربية. وقد تناول موضوعَ الأضداد لُغويّونَ كثرٌ من الأقدمين، أشهرهم أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في “كتاب الأضداد” بعد اطِّلاعه على مؤلّفات من سبقَهُ، وأضافَ إليها شواهدَ عديدة من القرآن الكريم والحديث الشّريف وأشعار السَّلَف.
أما المعنى الآخر للأضداد الذي يدور حوله هذا المعجم، فهو يكمن في كلمِتَيْن تدلّان على معنيَيْن مُتعاكسيْن كالخير والشرّ، الفرح والحزن، الطويل والقصير، القوّة والضعف، السّلبيّ والإيجابيّ وما شابَهها.
لهذا المُعجم ميزتان إضافيتان قد لا تتوافرانِ في سائر المعاجمِ التي تتناولُ الموضوعَ عينَهُ، وهما تُسهِّلانِ للباحثِ والطالبِ أمرَ استعمالهِ للضِّدِّ في المعنى الذي يريدُه، ودعمهِ بمثالٍ لُغويِّ يُمتِّنُ نصِّه. والميزةُ الأولى هي تنسيقِ هذه الأضدادِ حسبَ المعاني التي يحملُها المدخل الأساسُ، فإذا بحثنا مثلاً عن ضدِّ كلمة “أَبْرأ” نجد أنّ لها معنَييْنِ، الأوّل هو “شَفَى” وضدّه: أعَلَّ، أَمرضَ، أسقمَ؛ والثاني هو “بَرَّرَ” وضدّه: أَذْنَب، أَّدانَ، اِتهمَ، ويفصلُ بينَ هذَيْنِ المعنيَيْن خطٌ مائلٌ. أما الميزةُ الثانية فتكمنُ في الملاحقِ الأربعة التي أُدرجتْ في خاتمة المُعجم، وهي:
- جمل تحمل ضدين: وهي جمل مستلّة من النصوص التي نطالعها في مختلف قراءاتنا: “رأي فيه أخذ وردّ”؛ “الاستثناء يثبت القاعدة”؛ “أكلنا دهراً وصمنا شهراً”؛ “أَمِنَ الكلاب وخاف الناس”.
- جُملٌ مضادة بالمقابلة: إستتبّ النظام – دبّت الفوضى؛ أمِج النهار- أرِز الليل، أمرُّ من الحنظل- أحلى من العسل؛ مضى قدماً- نقص على عَقَبِه.
- أبيات شعرية تحمل ضدين: ربما اخطأ البصر قصدَه/ واصاب الغويّ رشده. يا اُمّة كان حسن العدلِ يُسخطها/ دهراً، فاصبح قبح الجور يُرضيها. فلا الجود يُفنيها إن هي أقبلت/ ولا الشِحُّ يُبقيها إذا هي ولّت. العِلمُ ربحٌ وارتفاعٌ/ والجهلُ خُسرٌ واتتضاع. على رأس عبدٍ تاجُ عزٍّ يُزيّنُه/ وفي رِجلِ حرٍّ قيد ذلٍّ يُهينُه.
- أقوال نثرية تحمل ضدّين: وردت هذه الأقوال على ألسنة الأدباء والفلاسفة، ولم يذكر الكتاب قائليها لأن المقصود منها هو الدلالة على بلاغتها: “لا يؤنسك إلا الحق، ولا يوحشك إلا الباطل”؛ “ليس في الدنيا أحسنُ من الأمانة ولا أقبح من الخيانة”؛ “الدنيا إعلان وإسرار، وإقبالٌ وإدبار، وإخلاء وإمرار”؛ وإني أُقسم بالله لآخُذنّ الوليّ بالمولى، والمُقيم بالظاعن، والمُقبل بالمدبِر، والمُطيعَ بالعاصي، والصَحيح منكم في نفسه بالسقيم.
إن افضل ما يطمح إليه الكتاب ترغيب الطلاب في البحث عن الأضداد لإغناء تحصيلهم اللغوي والأدبي، فهذا الثراء قد لا نجده في أية لغة أخرى.
يستند الكتاب على مراجع عدة مهمة من بينها: “القرآن الكريم”. “الحديث الشريف”. “كتاب الأضداد”، ابن الأنباري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، منشورات المكتبة العصرية، بيروت 1987. “المنجد في اللغة العربية المعاصرة”، دار المشرق، بيروت 2001. “معجم الأضداد”، ميشال مراد وأنطوان قيقانو، دار المراد، بيروت 1997. “قاموس الأضداد الكبير”، عائدة دكرمنجي، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان 2005. “كنز اللغة العربية”، د. حنا غالب، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان 2002. “مجاني الأضداد”، ميشال مراد، دار المجاني، طبعة ثالثة، بيروت 2015. “معجم الجيب للمترادفات والأضداد”، مسعود أبي الرِّجال، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان 2006. “المكنز العربي المعاصر”، إعداد د. يوسف رضا، مكتبة لبنان ناشرون 2006. “المكنز العربي المعاصر”، إعداد محمود إسماعيل صيني، ناصيف مصطفى عبد العزيز، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان 1993. كتب مدرسية متنوّعة للمرحلتين المتوسطة والثانوية.