إياد قحوش
(كاتب- سوريا)
يكثر الحديث عن الفن الهابط وخاصة بين معشر الموسيقيين والمطربين وهذا الحديث الذي بدأ من زمن بعيد ولن ينتهي قريبا أصبح مادة سهلة للشهرة وللتشهير معا ، والطريف في هذا الخصوص أن بعض من صُنف بين مروّجي الفن الهابط في ثمانينات القرن الماضي مع انتشار اغنية الوجبات السريعة أصبح من نقاد الموجات المتتالية والمتلاحقة للفن الهابط الحديث .
إلا أن أكثر مايزعج في الأمر وعبر جميع مراحل الفن الهابط (من مرحلة السلميّة إلى مرحلة قطع الرؤوس ) أن التصنيف يعتمد بشكل أساسي على نوع الموسيقا التي ترافق الفن الهابط ضاربين بعرض الحائط أهمية الكلمة ودورها الأساسي في نجاح العمل الفني وفشله . وقد انتشرت أعمال بعض الموسيقيين والفنانين الذين ينتقدون الفن الهابط وهم يغنون كلمات لا تمتّ للشعر ولا للشعر الغنائي بصلة .
أوجه السؤال التالي لأولئك الفنانين : تبحثون عن إنقاذ الفن من الذين يدعونه فتنتقدون الموسيقيين الذين يقدمون نغمات صاخبة مليئة بالضجيج وخالية من اللمسات السحرية والإبداعات الجمالية بينما أنتم لاتكترثون للكلمة إطلاقا لابل فإنكم تختارون كلاما ممجوجا بجمل خلبية المعنى ومليئة بالتكرار السطحي والغبي وغالبا ماتكون هذه الكلمات لكم . إننا نرى موسيقيين يكتبون الكلمات لأنفسهم ولكن ماهو شعوركم لو كتب الشاعر كلمات ولحنها وغناها بنفسه ؟
الجواب : هذا هو الهراء بعينه والهراء هنا هو الهبوط الشاقولي.
على المطرب وكذالك على الموسيقي احترام قدسية الشعر ومهما كان اللحن جميلا والصوت باهرا فإن كل أغنية لاتحمل كلمات جديدة تحافظ على مستوى رفيع للشعر إنما هي فن هابط قد يستسيغه صيوان الأذن ولكن لن يقبله قلب السمع .
إن الإستهتار بالكلمة الذي نراه عند المطربين والموسيقيين والملحنين أمر مريب يجعلنا نشك بالذائقة الأدبية عند بعض أصحاب المواهب الفنية ويدعونا للتساؤل إن كان انتقادهم للفن الهابط حقيقيا ورغبة منهم في رفع مستوى الفن أم أن ذلك مجرد رغبة في إحداث جلبة إعلامية و ضجيج في ساحة الإنترنت طلبا للشهرة ؟!
في البدء كانت الكلمة ومنها ينطلق الإبداع والفن والذين يعزفون “بإصبع واحد” أو يغنون “بحبل صوت واحد ” ليسوا أقل تشويها للفن من الذين يكتبون شعرا “بإصبع واحد” .
اللهم قد بلغت .