صفوح منجد أطلق كتابه “قصر نوفل” في مركز رشيد كرامي الثقافي

mounged

أطلق رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الكاتب صفوح منجد مؤلفه الجديد “قصر نوفل”، في لقاء عقد بعنوان “ذاكرة حية لمستقبل واعد”، في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي بطرابلس – قصر نوفل، بدعوة من بلدية طرابلس وغرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال، ونقابة المهندسين في طرابلس، وجمعية تجار طرابلس، ومؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، والمجلس الثقافي للبنان الشمالي، وحضور حشد من المؤسسات البلدية، الجامعية، التربوية، الهيئات الإقتصادية، الثقافية والإجتماعية.
منجد

بعد النشيد الوطني ونشيد الفيحاء لشاعر الفيحاء سابا زريق، وكلمة ترحيب من عضو الهيئة الإدارية للمجلس الثقافي محمود طالب، ألقى منجد كلمة قال فيها: “كتاب قصر نوفل لم يبصر النور بين ليلة وضحاها، لقد ظل الأمر يجول في خاطري منذ أن بدأت الكتابة الصحافية قبل نصف قرن، لكن هالني أن الغموض يحيط بهذا القصر وبصاحبه ولم أحصل منذ ذاك الوقت سوى على روايات متناقضة ومعلومات مغلوطة”.

وأضاف: “إن الفضل في إجتماعنا اليوم في هذا الصرح، يعود إلى رجلين كبيرين، الأول هو قيصر نوفل المجهول بالنسبة للكثيرين، لكن وجدت من خلال إطلاعي منذ مدة وجيزة على سالنامة ولاية بيروت العائدة إلى مفتتح القرن، أن قيصر نوفل شغل مناصب عدة دفعة واحدة في النظام العثماني في تلك الفترة التي أنشأ فيها قصره المهيب، وإنتهى من بنائه في العام 1898، أي في أواخر القرن التاسع عشر، فقد تبوأ نوفل عضوية مجلس إدارة لواء طرابلس في العهد العثماني آنذاك، وفي الفترة نفسها شغل هذا الرجل عضوية مجلس إدارة الشوسيه التي كان لها دورها في مد سكة الحديد، كما كان عضوا في مجلس إدارة شركة الترامواي الذي كان من المقرر أن يسير على الكهرباء كما كان الحال في بيروت، لكن بسبب تأخر وصول الكهرباء إلى طرابلس بعد العام 1931، إكتفت الشركة بالعربات التي جرتها البغال على سكة حديد”.

وتابع: “أما الرجل الثاني فهو الرئيس الشهيد رشيد كرامي، الذي قام بمبادرة خلاقة في العام 1968، عندما كان رئيسا للحكومة ووزيرا للمالية آنذاك وكان قصر نوفل قد بيع إلى رئيس بلدية طرابلس الأسبق الراحل محمد مسقاوي الذي إشتراه على أن تقيم فيه زوجته نهى شوق من مدينة الميناء التي رفضت السكن في هذا القصر الرحب، نظرا لما يتطلبه ذلك من تفرغ ومن خدمة، ما جعل القصر عرضة للبيع، لكن الرئيس كرامي إستحصل على مرسوم بإستملاك القصر بطبقتيه الأرضية والعليا لصالح وزارة المالية على أن تمنح الطبقة العليا هبة لبلدية طرابلس شرط تحويلها إلى مركز ثقافي وهكذا كان، أما الطبقة السفلى أي المخازن وعددها ثمانية، فما تزال حتى اليوم عائدة إلى وزارة المالية”.

زريق

ثم تحدث رئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية سابا زريق، فقال: “إن ما لفتني في الكتاب، إلى فرادة موضوعه، هو شرحه الوافي والمقتضب في آن، لكل ما يتعلق بمبنى أضحى منذ نشوئه معلما طرابلسيا بإمتياز، كما برج الساعة العثماني المنتصب أمامه، وشاهدا أمينا على أفراح وأتراح فيحائنا، ووصفه لمحيط القصر وبيئته أي ساحة التل التي – لم تكن تنام – على حد قول مؤلفنا”.

وأضاف: “إنطلق الكاتب من محيط القصر إلى ساحة التل، فتطرق إلى موقعها الجغرافي ودورها الإجتماعي الجامع، وما حوته من حوانيت ومقاه ومطاعم، ودور سينما ومكتبات. ولم يكتف المؤلف بوصف القصر وهندسته بل إنتقل إلى موافاتنا بمعلومات مفيدة عن التحولات في وجهة إستعماله عبر قرن ونيف، التي آلت إلى تكريسه مركزا ثقافيا بلديا يحمل اليوم إسم مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، الذي أصبح المقر الفعلي، وإن غير الرسمي، للمجلس الثقافي للبنان الشمالي الذي أتحف رواده بالعديد من الندوات والمحاضرات والمؤتمرات، وإستضاف المعارض على أنواعها”.

وختم: “إن فيحاءنا تحتضن معالم أخرى تنطق بتاريخ وإرث ودور تستأهل أن يتناولها الكتاب على غرار ما تناوله منجد في كتابه، وأن الأمل كبير أن يحفذ هذا الكتاب كثرا للانكباب على إصدارات مماثلة تلقي ضوءا شاملا ووافيا على تراث حجري شاهد على تاريخ مجيد عبر”.

الحسامي

بدوره، ألقى أمين سر جمعية تجار طرابلس غسان الحسامي كلمة قال فيها: “لطالما أتحفنا منجد بكتبه ومراجعه ليشعل ذاكرتنا على تراث طرابلس وتاريخها وحضارتها وصورتها البهية المشرقة كما كانت عليه، ولعل وجود هذا القصر ووجودنا فيه وإختياره ليكون عنوانا لكتابه الجديد دليل على أهمية المنطقة التي إختارها قيصر نوفل لبناء قصره، وعلى رؤية نوفل لمستقبل هذه المنطقة تل الرمل”.

وأضاف: “شهدت المنطقة تحولات تاريخية كبرى وحطت على رملها الأحمر أول طائرة فرنسية، وبنيت فيها السرايا العثمانية والحديقة العامة، وسرعان ما أصبحت الساحة واجهة طرابلس وقلبها النابض ليل نهار تضج برواد المقاهي والمطاعم والفنادق والمسرح ودور السينما لتشكل المدخل الرحب للمدينة التاريخية والأسواق ضمن وسط تجاري مزدهر بالعديد من المؤسسات التجارية والمصارف ما شكل حضورا وإستقطابا عزز دور طرابلس المركزي كعاصمة إقتصادية لمحافظة لبنان الشمالي”.

وتابع: “اللقاء يشكل مناسبة لفتح ملف كل ما يحيط بقصر نوفل، مناشدين كافة المعنيين ودعوتهم إلى طاولة مستديرة تضم أهل العلم والإختصاص ونقابة المهندسين والبلدية بضرورة الإستعجال بمخطط توجيهي عام لطرابلس، نتشاور فيه بغية النهوض من هذا البؤس الشديد، ومنح الجيل الصاعد بعض الثقة والأمل بمدينته، مواكبين أعلى معايير الحداثة والتطور والتقدم”.

بعيني

من جهته، قال نقيب المهندسين في الشمال ماريوس بعيني: “في كل مرة يصدر فيها كتاب جديد لرئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي يفاجئنا الكاتب بمعلوماته الغزيرة وحبه لطرابلس وعشقه لها، وهكذا هو الحال مع كتابه الجديد الذي يضعه اليوم بين أيدينا، هذا الكتاب الأنيق برسوماته وزخارفه ومضمونه، والذي أتى كتحفة تليق بموضوع الكتاب وهو هذا الصرح الأثري والتراثي والحضاري الذي خلفه لنا الوجيه الطرابلسي قيصر نوفل”.

وأضاف: “هذا القصر الذي لطالما شدنا إليه كمهندسين لما يحتويه من كنوز معماريه وتصاميم هندسية، والذي تم تشييده في بداية القرن العشرين على يد مهندسين ومعماريين لبنانيين وإيطاليين، فجاء ليمزج بصورة فنية راقية بين حضارتين وإسلوبين، وجاء الكتاب ليكشف بعض الغموض الذي أحاط بالقصر وبصاحبه في آن معا”.

وتابع: “جمالية الكتاب وبراعة الكاتب تنبثق من ذلك المزج بين القصر وموقعه في ساحة التل، ذلك الموقع الذي لطالما شدنا إليه بتنوعه الحضاري والسكاني وبمؤسساته التجارية والإنمائية والترفيهية، فقد كان التل محطة يومية لنا، ونحن الذين ولدنا في محيطه ودرسنا في تلك المدارس التي كانت قائمة في جوار هذه الساحة، وكم أمضينا فيها الساعات الطويلة في مرحلة شبابنا نستمتع بما تعرضه دور السينما من أفلام ذلك الزمن الجمي، لأو نمضي بعض الوقت في مقاهيها أو نتسوق”.

وختم: “كم نشتاق لعودة الساحة إلى تألقها، وإلى تلك المشاهد الرائعة التي يستذكرها الكاتب، والتي أعادنا إليها من خلال تلك الصور والمشاهد التي لا تنسى والتي ما تزال حية في نفوسنا، ونحن على يقين أن بلدية طرابلس وسائر الهيئات والمؤسسات المعنية، ونحن منها كنقابة مهندسين نضع إمكانياتنا وقدراتنا في سبيل إحياء هذا التل إنمائيا وتجاريا وحضاريا”.

دبوسي

وألقى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة توفيق دبوسي كلمة، قال فيها: “في كل المحطات الإنمائية كان البشر والحجر هما الأساس وما زالوا كذلك، فالبشر وأولادهم وأحفادهم متواجدون بيننا، ويحافظون على إرث المدينة، وفي الوقت نفسه الكل يفكر كيف بالإمكان أن نكون بمستوى التاريخ وتحدياته وتطلعاته المستقبلية، ولدينا كل المقومات الفكرية والعلمية والتخصصية والثقافية للقيام بدور مماثل لما قام به أجدادنا الذين كانت إمكانياتهم متواضعة، وأنجزوا الكثير في هذه المدينة العريقة”.

وأضاف: “طرابلس لم تكن مدينة إقتصادية للبنان فقط، فقبل لبنان الكبير كانت مدينة إقتصادية لكل المنطقة، وأول غرفة تجارة وصناعة وزراعة في هذه المنطقة أي المنطقة العربية سنة 1870 تأسست غرفة تجارة طرابلس بمرسوم عثماني، لذلك على صعيد التاريخ طرابلس مهمة وعلى صعيد الجغرافيا كذلك، واليوم لدينا كل الطاقات والإمكانات لكن لدينا ايضا مشكلة الإدارة، وأزمة كبرى هي مشكلة فلسطين واليوم هناك مشاكل المنطقة في سوريا والعراق وليبيا وكل المنطقة العربية تقريبا ملتهبة”.

وختم: “لدى طرابلس كل المقومات لتلعب دورا مهما جدا على صعيد المنطقة وعلى صعيد لبنان، إنطلاقا من موقعها الإستراتيجي الذي لم يستطع أحد مصادرته وما يزال لدينا مرفأ مهم بمساحاته الشاسعة وإمكانياته الكبيرة، ومعرض دولي وسكة حديد سيتم تلزيمها لإعادة تشغيلها قريبا ومدينة تراثية ومصفاة، لذلك لدينا مدينة لديها كل المقومات لكي تلعب دورا مهما في حياة لبنان وتشكل قيمة مضافة بكل الإتجاهات لبنانيا وعربيا ودوليا”.

قمر الدين

كما تحدث رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين، فقال: “نلتقي مع هذه النخبة المميزة من طاقات البلد الثقافية لنحتفي بإطلاق كتاب قصر نوفل، ولا شك أنه حدث ثقافي هام نظرا لقلة المعلومات والمصادر التي تشير إلى هذا الصرح العمراني الذي نشأ قبل قرن ونيف من الأعوام على يد صاحبه رجل الأعمال والإقتصادي الشهير قيصر نوفل، وكأن به أراد تشييد هذا القصر لتبقى ذاكرته ماثلة في أعيننا وفي ذاكرتنا معا”.

وتابع: “لقد عاصر قصر نوفل وما يزال الزمن الجميل الذي ساد مدينة طرابلس ومناطق الشمال، هذا الزمن الذي نشتاق إليه ونسعى جميعا في محاولة للعودة إلى أجوائه إنطلاقا من قصر نوفل مرورا بساحة التل ووصولا إلى كل أنحاء المدينة، ولا اخفي عليكم سرا فروزنامة المجلس البلدي الجديد تضج وتزدحم بالنشاطات والإجتماعات في سعي دؤوب لإعادة الحياة والإنماء والإزدهار إلى كافة ربوع المدينة، إنطلاقا من قصر نوفل، ونحن ندرك ان الصرح يحتاج إلى تجديد الصيانة لتطال كافة أقسامه الإنشائية والعمرانية من الدرج إلى سطح القرميد، مرورا بما يحتاجه من أجهزة وأدوات بما يليق بالقرار الذي إتخذه الرئيس الشهيد رشيد كرامي عندما كان رئيسا للحكومة ووزيرا للمالية في العام 1968، حينما إستحصل على مرسوم قضى بإستملاك هذا القصر لصالح وزارة المالية على أن يتم إنشاء مركز ثقافي بلدي في الطبقة العليا وهذا ما حصل”.

وختم: “تميز هذا النشاط بمشاركة فعالة من قبل المجلس الثقافي للبنان الشمالي على وجه الخصوص منذ تأسيس المجلس في رحاب هذا المركز في العام 1970 وحتى اليوم، سيما أن المجلس يتخذ من مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي مقرا لإجتماعاته الدورية والسنوية، ويقيم في أجنحة هذا القصر أنشطته المتعددة من ندوات ومحاضرات ومؤتمرات إلى جانب المعارض الفنية إضافة إلى الملتقيات الشعرية والأدبية والثقافية، ونحن نثمن الخطوة التي إتخذها المجلس الثقافي الشمالي بدعوته الكتاب والمؤلفين والشعراء والروائيين بتزويد المكتبة العامة في المركز الثقافي البلدي بنسخة أو أكثر من إنتاجهم الثقافي والأدبي والشعري والقصصي”.

ثم وزع الكاتب مؤلفه على الحضور.

اترك رد