البروفسور الأب يوسف مونس
حبنا للاخرين يستيقظ فينا
بعد موتهم ورحيلهم عنا او فراقهم لنا
نقضي عمرنا بالحروب والمنازعات والصراعات والمشاكسات والعراك والكره والبغض والحقد وبتدمير كرامة وصيت وسمعة الآخرين ويأكلنا الحسد والغيرة طوال عمرنا وحياتنا معهم. وفجأة يستيقظ فينا حبهم لحظة موتهم او غيابهم او رحيلهم ونأخذ بالتأسف واللوعة والتأوه والاسى على فقدهم وغيابهم نغتابهم كل لحظة بعد ان نلتقي بهم وبعد غيابهم عنا، لا نرى فيهم اي حسنة، بل مجموعة من النواقص والعيوب والخصال البشعة السيئة.
الكذب يملأهم والكبرياء في رؤوسهم وفجأة عند موتهم نراهم ملائكة رحمة وكرم وكبر ومحبة وعطاء وتواضع. غريب امر ضمائرنا. انها تقتل الاخرين بأحكامها السيئة وترفعها الى مصاف الكمال عند الموت. حقا نحن فريسيين كذبة نكيل بمكيالين كما يقول السيد المسيح. مكيال غيرتنا وحسدنا وكرهنا وبغضنا وحقدنا وازدرائنا طالما الاخرون Furieux desir de sacrifice le musulman,
Fethi BENSALRA, Amazon Seuil France
ريتا فرج، السفير 4/7/2016 المسلم رد على كيف تكون الاكثر سلاماً.
احياء يتمتعون بنعم عليهم وبمكيال آخر عند موتهم وعندما يكفون عن البقاء والوجود وعندما لا يستطيعون الكلام والحضور. من حقارتنا وقلة تهذيبنا وفساد اخلاقنا كل هذا ينبع من امراضنا النفسية ومن ضعف شخصيتنا ومن كمية كبيرة من عقولنا المكبوتة والمدفونة في اعماق قلوبنا ووجداننا ومن تركيبتنا الملأى بالغيرة والحسد وعجزنا عن ان نرى فيهم مواهب ونعم من كرم الله عليهم ومن عظمة مجهودهم الشخصية وابداعهم وكدهم وسهرهم في العمل والعطاء والتألق السنتنا خناجر في ظهورهم من كل هذا نطول السنتنا بحقهم كالسنة الافاعي اننا ننزل خناجرنا في ظهورهم، ونطلق نكاتنا الساخرة بوجههم وعند غيابهم ونغمز بعيوننا ضدهم استهزاء بهم وتجريحاً بهم في حضورهم وتدميراً في غيابهم بقساوة وشراسة الذئاب التي تكلم عنها «هوبس» «Hobies» و«القانية» القاتلة فينا التي قال عنها هيغل انها رغبة فينا لقتل الاخر ويصح عندها قول سارتر «الاخرون هم الجحيم» «l’enfer c’est les autres» انهم جحيم تدمير الوجدنات من نهش الآخرين والغائهم. وقد صرخ مار بولس قائلاً:
«اذا نهشتم بعضكم لا تفنوا بعضكم» فلا نكتفي بنهش صيت الآخر وفرادته وكرامته بل نفنيه من الوجود ونعدمه من الكينونة.
محبة الله خلاصنا
كل ذلك ينبع منا لان محبة الله ليست فينا ولا يسلك يسوع الرحوم في قلوبنا والروح القدس هجر من سلوكنا وتصرفاتنا…
من هنا يقول مار بولس كثرت فيكم الامراض والآلام. آلام النفس وآلام الجسد ونهشتكم الامراض النفسية والعصابية وكثرت فيكم الاضطرابات العقلية والسلوكية من المتوحش. وابتعدتم عن الاتزان والسكون الشخصي والهدوء الداخلي ودخلتم عواصف العنف وزوابع الكره والحسد والاحتقار… والأنانية والاعجاب بالذات والنرجسية.
الحب طريق ودواء شفائنا
وحده الحب هو طريق ودواء شفائنا وخلاصنا من كثرة الجراح التي نسببها للآخرين ولذاتنا.
كما ان الهتنا لا تعود تحمل كما قال المسيح: «سم الافاعي تحت السنتهم» او نتوقف عن كوننا «قبور مكلسة والناس يمشون عليها ولا يعلمون».
الحب خلاصنا وقيامتنا
وحده حب الاخرين هو درب خروجنا من ذاتنا المدودة ومن انانيتنا ونرسيسيتنا الحب هو دواء شفائنا وبلسم وتطيّب جراحنا وقيامتنا من قبور موتنا الوجودي والنفسي والانساني حيث دفننا البغض والحسد ووضعت الغيرة من نجاح الاخرين ومن تميزهم الحجر على قبور قلبنا واعيننا واصابتنا ضربة العين الضيقة التي تنزل الشر باب آخرين والصدر الضيق الذي يختنق من خيرهم ونعم وكرم الله عليهم.
( خاتمة: تعالوا الى الحب)
في النهاية تعالوا الى الحب تعالوا الى الصدق في معاملاتكم مع الاخرين مزقوا اقنعتكم الكاذبة ووجوه ليالي «البرباره» التي تلبسونها طوال عمركم، كونوا في الحق لان الله حق هو. نعم «الله حق» كنا نقول عندما يقرع جرس الكنيسة ونصلّب يدينا على وجهنا ونقول: «الله حق» لنكن في انسانيتنا ووجودنا الحقيقي ونكون في حب الله لكي نكون لان الله محبة هو. ولا نقضي عمرنا نعجن ونخبز على نار افران حقدنا وكرهنا وحسدنا وغيرتنا وكبريائنا ونرجيسيتنا وانانيتنا خبز البعض وخمير الموت. فنخرج من مدينة طاعوننا ومن فريسيتنا ومن البستنا الطويلة الاهداب واطواق رقابنا البيضاء التي تليق لنوع من آخر من الكائنات… ونطير كالنسور الى اجواء الحرية والحب والحياة.