مازن ح. عبّود
(كاتب- لبنان)
ادى تراجع اسعار النفط العالمية الى إعادة إنعاش الاقتصاد العالمي الذي مازال يرزح تحت تأثيرات ازمة التقلص المالي التي عكست خللا في النظام النقدي العالمي، ازمة دفعت بالكثير من الاقتصاديين الى الدعوة الى تعديل معاهدة “بريتون وود”، والعودة الى مقترحات “كينس” التي كانت قد اهملت، فالمارد الدولي قد انتقل من طور الدائن الى طور المدين.
تراجع أدى الى تقلص النمو في مطارح وتعزيز النمو في مطارح اخرى. عانت الدول النفطية وتكبدت خسائر جراء تراجع الأسعار الا انها ضمنت استمرار اعتماد الأسواق على النفط كمصدر وحيد للطاقة بوصفه الأقل تكلفة في ظل سعي بعض الاقتصاديين والجهات الدولية للبحث عن مصادر بديلة عنه.
فكان ان قلّصت الدول النفطية ميزانياتها واعادت رسم أولوياتها وسياساتها، في ظل تضاؤل مداخيلها النفطية.
تراجع أسعار النفط أنقذ اليورو وأوروبا من كارثة حقيقية وأعطى جرعة دعم الى اليونان فاق تأثيرها أي تدبير اتخذته أي دولة او منظمة. فضخ تراجع اكلاف الفاتورة النفطية بعض الحياة في شرايين بعض الدول او أسهم في منعها من الموت سريريا.
لكن هل عرف لبنان ان يستثمر في تراجع اسعار النفط مثلا؟ هل عرف بلد الأرز كيف يوظف هذا التراجع في الاستثمار في مشروعات النقل المشترك والطرق ومشاريع جديدة عصرية او في انشاء معامل جديدة للكهرباء تكون أكثر فعالية؟؟
لقد كان من الممكن فرض ضرائب على صفيحة البنزين واخواتها، وكان يمكن تمرير هذه الضريبة لو تمكنت الحكومة والمجلس من اقناع الناس بانّ الأموال التي كانت ستجبى كانت ستوضع في صندوق خاص يستعمل لتطوير البنى التحتية من طرق وكهرباء وما شابه. لكن الحكومة أضحت تفتقر الى ثقة الناس بعد فشلها في إدارة ملف النفايات وكل الملفات المتعلقة بحياة الناس اليومية. كما انّ المجلس دخل في سبات الرئاسة ولن يستفيق الا بعد تدخل ساحر ما يدخل الى جسد البلد المائت ترياقا إقليميا ودوليا يعيد اليه الحياة.
لقد فوّت لبنان على نفسه كما في كل مرة فرصة من ذهب لحل الكثير من المشكلات التي تشكل عائقا امام تطوره الاقتصادي.
فزيادة الفي ليرة على صفيحة البنزين كانت قد مررت لو انّ الشعب اقتنع انه لن يمض ساعة لعبور بضع كيلومترات ما بين نهر الكلب والكازينو، لكان الشعب قد اقتنع لو انه أدرك بانّ التغذية من التيار الكهربائي ستزداد وليس تغذية التيارات والطبقة الحاكمة من المال العام، لكان الشعب اقتنع لو أدرك انّ الناس ستدفع فاتورة كهرباء واحدة بدل اثنتين.
طبعا ليس الشعب هو المسؤول المباشر بل المناخات السياسية غير المساعدة للنمو التي تعهد غالبية ساسته بخلقها بمؤازرة إقليمية.
لا يمكن ان يستمر القلة ممن هم في السلطة في اغتيال البلد على هذا النحو، نعم ولا يمكننا ان نغفل خطر العقوبات المالية التي بدأت الولايات المتحدة الامريكية بشهرها في وجه الحزب بهدف دحره في سوريا والتي ستطال الاقتصاد اللبناني برمته، لا يمكننا التلهي بعد اليوم وجعل البلد ساحة، ولتشكل الانتخابات البلدية ومضة لا بل دافعا لإجراء كل الانتخابات وإعادة تفعيل المؤسسات بشكل يضمن وجودنا ويجعل السياسة في خدمة الاقتصاد والتنمية والبلد، لا نريد ان نختنق بسمومنا وغازاتنا وسياساتنا المدمرة وفرصنا الضائعة، ولنستفيق وليستفيق الجميع!