ألسّيرة الوردة !

ريمون شبلي

(أديب وشاعر-لبنان)

raymond chebli  george kerbaj

غُرْ في الجحيمِ وغَلْغِلْ في لَظاهُ ! أ لا

يَكفيكَ، شيطانُ ، ما تِنِّـينُكَ  اْفتَعَـلا؟

غَلْغِلْ..ويَصرُخُ جُرْحُ المُرهَقينَ: متى

يَمْحـو الـرَّبيعُ وُحـولاً تَنشُرُ العِلَلا؟

“والآدميُّ “يُصلِّي، والصَّلاةُ سَنًـى،:

قُمْ يا نُهوضُ، أرى في الكأسِ بعضَ طِلى

يا لَلسُّقوطِ تَخطَّـى حَدَّهُ الـوَحِلا

كـأنَّه اخْتـَطَفَ الإيـمانَ وارْتَحـلا

يَـدورُ يَخدِشُ دَرْبَ الرَّبِّ يَنْخَرُها،

يُشـوِّهُ  الخُـلُقَ الـورديَّ والجَـلَلا !

* * *

مَنْ يَـرتدي صورةَ الفادي يُماثِلُهُ؟

قُلْ لي ، أَقُلْ : ها فؤادي يَنْحني جَذِلا

لـهُ ، وقـد غَـلَبَ الدُّنيا يَفوزُ بما

يُـرضي السَّماءَ ومـا من نَبْعِها نَهِلا

لـه، يَصـونُ ثَـرى لبـنانِهِ وطناً

حُرًّا، ويُعْـلي اسْمَهُ بالشَّمسِ مُكْتحِلا

لـه، يَجـودُ بمـا  أُعطيهِ موهبةً ،

بـها  يَزيدُ على الـتّاريخِ مـاَ نَبـُلا

لعمـقِ كِلْمتِـه وهْي السِّلاحُ، ولا

سلاحَ آخـرَ يبنـي السِّلْـمَ مُكتمِلا

لِكَفِّـهِ انْفتَـحَتْ ” صَنيِّنَ” مُرتدياً

ثوبَ الثُّـلوجِ، ونـهراً فاضَ مُحتفِلا

لنُبْـلِ خُلْقيَّـةٍ فيـهِ … لثـورَتِهِ

علـى الفسادِ تَـبُـثُّ النُّورَ والأَمَلا

لقـلبهِ المُمتـلي حُـبًّـا ومَغْفِـرةً،

لفـكرِه يَتحـدَّى الجَـهْلَ والكسَلا

ولاِسْتقـامةِ نَهْـجٍ خَطَّهُ قِـيَمـاً،

ولاِشْتعـالِ ضمـيرٍ شــادَه جبَلا

لدفءِ صوفيَّةٍ تَشدو لمَنْ  عَـشِقَتْ

أصفى الأناشيدِ تنْأى في المدَى شُعـَلا

ولاِشْتراكيَّةٍ تَمحو التَّطرُّفَ…بـلْ

تَبْـني  المسـاواةَ ، تُعْلي العَدْلَ مُشْتعِلا

فـلا فقيـرٌ يَلُـفُّ البؤسُ  خِرْبَتَه،

ولا غنـيٌّ جَــنى أمـوالهُ وعـَلا

ولا عبيـدٌ يَدوسُ  الذُّلُّ هامتَهُـمْ ،

ولا أميـرٌ يَـرى كُرسِيَّـهُ زُحَـلا !

مَنْ ذا ؟كما جورجُ كرباجٌ، أباً عَلَماً

قدِ ارْتَدى صورةَ الفادي…وكم جَمُلا!

يا لَلطَّهـارةِ يَعْلَـوْلي بـها بطـَلاً

لا لاِنْتهاءٍ …ألا طُـوبى لهُ بَــطلا !

يا  لَلعـباءةِ  سـوداءً مقـدَّسـةً

جَثا لـها شجرُ الأجيـالِ مُبْتَـهِلا !

* * *

قُلْ لي ، أَقلْ : قَلَمي، نَشْوانُ  مُبتـهِجٌ،

يَسْمو خُشوعاً ، يُناجي المجـدَ والمُثُلا !

قِـفْ يـا زمانُ ، ورُدَّ  التَّـائهينَ إلى

نورِ الإلهِ، وزِدْ  في وِسْـعِها السُّـبُلا

قُلْ للسُّقوطِ :اغْتسِلْ وابْرَأْ . وما سَرَقَتْ

يـداكَ من شـمسِنا أَرجِعْهُ مُغتسِلا !

****

كـرباجُ ، يا وجـهَ رُهبانٍ  يُتوِّجُهُمْ

زمانُـهمْ  صفوةً تَهـدي ، ورمزَ عُلى

يا سيـرةً وردةً ، بـورِكْتَ  مُنتصِراً

على سُدى  دُنْـيويّاتٍ… ومُحتـمِلا

في العُمْـقِ إيمانَكَ الدَّافي، ومُـحْتمِلاً

يـراعةً  تَـرسُمُ الآيـاتِ والقُبَـلا !

حـروفُ كُتْـبِكَ مـرآةٌ لما اخْتَمَرَتْ

ثقافةٌ فيـكَ تُغْـني العَقْـلَ والعُقَـلا

ومـا تَوهّـجَ  في رؤيـاكَ مُنغمِسـاً

في  عـالَمِ النَّفـْسِ واللهِ ومُبتهِــلا

****

مَنْ ذا ؟ كما جورجُ كرباجٌ ، أباً عَلَماً

قدِ ارْتدى صورةَ الفادي…وكم جَمُلا !

خمسونَ من عُمـْرِه السـَّبعينَ كَرَّسها

للـرَّبِّ  يَخـدُمُه، بالفـكرِ مُشتغِلا

رسـالةً عاشَها الخمسيـنَ… يا فرَحاً

عجـائبيّاً، وبَـذْلاً  يَغْمُـرُ الرُّسُـلا

رَبَّاهُ ، زِدْهُ عقـوداً بَعْـدُ! مَنْ وَهَبَتْ

حــياتُنا  مِـثْلَه ، يا  طيبَهُ مَثَـلا!

*****

(*) ألقيت في الندوة حول كتاب الأب جورج كرباج “سفر أناشيدي” في مسرح بلدية جديدة-المتن، ضاحية بيروت الشرقية في 29  مايو 2014

roses 1

اترك رد