غفوة العربي الأخير

wasini

واسيني الأعرج

(روائي جزائري)

هل هذا الأنين الذي يأتيني من بعيد، هو نشيد قلبك العظيم؟ وهذا الكورس الجنائزي الملون بالصمت وموسيقى الغياب، من يتقدمه؟ الحروب التي سرقت طفولتي في وقت مبكر، أكلت ما تبقى من الأحبة،

وأوقفت شمس البارحة عند حدود الجبل الميت ورمّلت الأحلام والأسواق ونساء الحي اليتيم.

 أحرقت ما ظننته واقفا إلى الأبد، ولن يمسسه خوف ولا نار. امنحني يا رماد قوة الله لكي لا ابكي على وقع يأسك. يا سيد السلالات البعيدة، حيث ولا نار إلا نار البروق التي تشق سماء جافة لكي تمطر، امنحني يا جدي بعض القوة لكي أستمر في عالم لم يعد يأبه بالصراخ من حوله. الصحراء أصبحت بلا صدى. والجبال العالية انحنت عند اقدام حملة النار وعربات الموت.

دعني أنام قليلا داخل هذا النشيج وعندما أستيقظ أتمنى أن يكون كل شيء قد انتهى. هذا النشيد المؤذي الذي يخرج من قلبك يا جدي، يأخذني في غيّه حد التلاشي.

إني أراهم ينسحبون نحو الوديان لكن الأرض بحر من سديم وحديد. كان الهنود هم السابقون، وها نحن نركض في أثرهم ونتعثر في كل ثانية في مقابرهم وخوفهم ونتماهى في رميم عظامهم ونغرق في رمادهم.

****

(*) حكاية العربي الأخير

wasini

اترك رد