هاجسي الأكبر.. الميتافيزيق والمعرفة
حاورته زينب حمود
الشاعر والفيلسوف روبير غانم سابق زمانه وعصره، وفريد قاموسه الإبداعيّ الجماليّ، اللغويّ والثقافيّ المعرفيّ.
شاعر السّرمد والزّمان، وفيلسوف العصر الكيانيّ والكونيّ، البصر والتبصّر، مدينته الفاضلة متجذّرة في المكان، حاضرة في تشاسع الأزمنة وتبادع الخيال والإلهام في أنوار العقل ودهشة التفكّر الخلاّق الذي لا شبيه لسحره في مطارح الكشوفات التي لا تنتهي، ومطارحات الوجدان المنداحة في مسالك العبور وممالك الريّح.
دائماً يتحفنا روبير غانم بجديد فريد عنيد مديد في موضاعات الفلسفة والشّعر والأفكار والأمثلة المعرفيّة النقيّة، وهو في ذلك يجمع أزمنة الأسئلة، بأسئلة الأزمنة، ويطلق مشاوير هداياه فضاءات فيّاضة من وميض، وفيوضات من رؤى، وبهاءات من مرايا تتوحّد في أمكنة الحضور محطّات تغدو نبراساً لمسارات الحياة والبشر ومصائر اللغة.
وفي جديده ولادات ووردات في خمس مجموعات تشعّ في أرض السواد، فتنير مسارب الوحشة وتبدّد أوجاع الوهم. إنّها “ما وراء الخيال”. ينادينا هذا الكتاب من خلف ظلال الوقت للبدء في الرحلة الى ما بعد الخيال، نعبر معه الى عوالم المطلق وبرهات التّراب، ينادي جبران في الوادي المقدّس فيردّ المدى من محابس الجبال شاهراً ورود الحبّ الإلهي.
يعرّج الشاعر بعدها الى كتاب آخر عنوانه “زمان وراء زمان” يحمل في سطوره دهشة العصافير وغزل الحقائق، وقصائد الهواء وومضات المدى وحياكة الريّح، حيث يتواسع الشاعر داخل فضاءت أزمنته التي بلا ضفاف، فيقبض على مزامير الصّباحات المتوهّجة وأسفار الغيم في روابي القمر.
في كتاب ثالث يعيد الشاعر الى دنيا “الفلسفة داء أم دواء” حيث يركّز على فلسفة الطبّ، وطبّ الفلسفة في الكشوفات والحالات والهالات والمعرفة ين الجهل والظّنون، والأسرار المموّهة في التركيب البيولوجي والروحي للانسان وجوهر البحث عن مسألة الموت وما بعده.
الكتاب الرابع “لماذا لا أعرف؟” محتواه الشعريّ – الفلسفيّ ينمّ عن عمقٍ في معرفة الحقائق وتصوّرات المعرفة وبَخُور الملكوت، وقد أيقظ الشاعر القناديل من سباتها وأضاء أبجديّة عرفانيّة جديدة خبّأها داخل مسام أصابعه، وقال “إقرأوا هذا هو دمي”.
في خامس جديده “هنالكات”، أربعة دواوين في ديوان واحد، مع تعليقات من كتّاب وأصدقاءسافروا معه في معراج التنهّدات، حيث شطآن الخفايا، ومزامير الانتظار وكشوفات الأزمنة.
تحوّلات ونَبؤات تفترش الصفحات وتعانق أمطار الوقت وبوّاباته.
روبير غانم في مزاميره الشعريّة وبراكينه الفلسفيّة يبحر بقرّائه الى مسالك الضّوء، يُسكنه فسيح أفكاره وينابيع الدّهشة. يوزّع شموسه على مسارب الزّمان، فاتحاً مقام التّراب والأمكنة، ومقامات الماءوالرّيح، للعروج الى اللامتناهيات والهنالكات…
هنا لقاء معه:
ربّما سَبَقت ولادتي
بداية، مبروك كتبك الجديدة؟
شكراً.. ولكن، لا أدري إن كانت كتبي الخمسة الجديدة.. هي “جديدة” بالفعل، أم أنّها كانت في بال الأزمنة الغوابر، أم، أيضاً، قد سبقتني الى الولادة قبل مجيئي الى هذا العالم المموّه. لن أسترسل أكثر، ولكنني أؤكّد على مقولة ترسّخ قناعتي بأن الزمن يتوالد، بل، يتناسخ من ذاته الى ذاته، وفي لحظة غافلة، ولدتُ أنا.. ووُلدتْ معي مضامين هذه الكتب التي أصبحت جديدة، نعني قد ظهرت الى النور، وربما كان نورها الحقيقيّ الشامل لا يزال خبيئاً في متاهات الأزمنة التي لا ندركها، حتى، مخيّلاتنا في أقصى تجليّاتها والتصوّرات.
ما هي خصوصية كتاباتك؟
-ليست الكلمات او العبارات التي تضيء على خصوصيّة كتاباتي، بل هي “الحالة”، أعني، أنّني في حالة استدامة من البحث عن كلّ لحظة من بَرْق البال يوصلني الى فتْح ثقب – مهما كان لا منظوراً – في جدار المعرفة. من هنا، أبدأ بإبراز خصوصية ما اكتب، أي أن كتاباتي، عبر ما ندعوه “شكلاً عاماً”، إطارها ولبّها وأبعادها ومضامينها وأهدافها… البحث عن المعرفة.. بل، ربّما، عن معرفة تنتشلنا من العَتمات، الى البهاء الكونيّ الشامل.
ساقطة كلّ كتابة إذا لم تكن مغمّسة – ولو بشكل نسبي – بوعاءمعرفاني يقود أبجديّتنا الى العرفان، وليس الى ان تظلّ مكتومة القيد: خرساء، عرجاء… وهذا أنا ضدّه حتى آخر “الضدّ” لأنني مع الإشراق: أوّله والأخير، وإلا فكلّ شيء الى ذوبان.
كتاباتي تنبع من جرح كونيّ يقلقني
جُرْحٌ كونيّ يخضّ وجودي
في معظم كتاباتك وهواجسك تبحث عن المطلق والميتافيزيق. متى سيصل الفيلسوف الى مراده ويقبض على فردوسه؟
بداية، أنا كائن “مطلقيّ” وميتافيزيقي بامتياز. أعني، أنّني كائن متوهَم، وبامتياز كبير. ومن هنا، تنبع كتاباتي على مختلف الصُعد، من جرح كونيّ يخضّ وجودي الافتراضي، ويشتلني في مدائن أفراس الريح وأقاليم الظنون والترائيات.
أجل، المطلق.. الميتافيزيق قضيتي الكبرى. الأسئلة الكبرى في الوجود تخضّ كياناتي وذواتي وحيواتي التي تتكرّر من دون ان أدري، لأنني، بعامّة، جئت – هذا اذا كنت قد “جئت” بالفعل- لكي أعرف. من أين؟ لماذا؟ متى؟… والى أين؟.. وأقف.. بل يقف العقل البشريّ عاجزاً أمام هذه المغلقات الكبرى التي تتواسع في الأمداء والرّؤى، فتتشكّل الاشارات التي (قد) تقود هذا العقل العاجز الى بعض سلوك لطريق المعرفة.. لطريق الحقيقة التي اذا تجاهلناها، سحقتنا، وكان وجودنا بلا أيّ معنى، وهو – اذا شئتِ- ، كذلك بالتمام!
أنا شرسُ عَنادٍ ومطلقات. لا أعرف.. ولكنّ شرفي وعزّتي أنني هجّاسٌ رهّاص حدّاسٌ بالمحاولات.. ألا يشكّل هذا كلّه شيئاً من المعرفة؟
الى كتاباتي.. أعني الى الكتابات النَبَوية عند “الجميع”.. على الجميع أن يأتوا ليقتاتوا من اللحون الداخليّة التي تتداخل شرايين المعرفة، التي، بعيداً عنها لا يستحقّ الكائن (الانسان) أن يستمرّ!
شاعر معرفة
تقول دائماً: “أنا شاعر معرفيّ أبحث عن هُويّتي المفقودة”، ما المقصود في ذلك؟
“الأنا” مفقودة منّي أساسا، تتوغّلها وتذيبها الغياهب والعَتَمات. شعري، حاولت منذ بداياتي (متى البدايات؟ كيف؟ وهل بدأت؟!…) أن أكون في كل ومضة شعريّة، شاعر معرفة بتشاسع كلّي، وإلا، فعدم الكتابة هو الأجدى.
“أنا” الذي هنا، لست “أنا” الذي في بال الأبد. من هنا، أنا “لست” موجوداً” “لأفكّر”، كما ورد في كتاباتي في أكثر من مكان، مناقضاً قول “ديكارت”: “أنا أفكّر، إذا أنا موجود”، كما، وأيضاً، قول “هايدغر”: “أنا موجود، إذا أنا أفكّر”. أن تكون “موجوداً”، هذا يعني أنك “صرت” أنّك “انوجدت”.. وأنا، أشعر بأنني لم أصِرْ بعد، ولم انوجد. من هنا، أبحث عن هُويّة تجذّر وجودي في هذا الوجود الخادع.. لأن الوجود الحقيقي هو أبعد من كل موجود.. يا ليتنا نصل اليه، لكي نصير.
أنا مشّاء أبديٌّ صوب المعرفة
الاستشراف.. قلقي الأعظم
لو لم تكن، روبير غانم الفيلسوف الاستشرافي العرفاني والشاعر النوراني الاشراقي، من تحبّ ان تكون؟
الجواب التقليدي على مثل هكذا سؤال، هو فورا: “أحب ان اكون: “روبير غانم” كلا. أنا سأخرج عن التقليد السخيف والامتجاج المتفّه معلناً سيف الحقيقة، أو، ما أراه حقيقة كاسحة، حادّة، مؤلمة… تقوّلني إنني أريد ان اكون.. “أن أكون”، أولاً، أي ان احسّ، أشعر بالضبط بأنني موجود، ومن ثمّ، أحدّد ماهيّتي.. بل، هُويّتي التي يجب ان احققها.
الاستشراف قلقي الأعظم. النورانيّة عمْقُ أعماق أحلامي التي ما زالت معلّقة في سهوب ما ندعوه وجوداً وتصوّرات لا يفقه معناها إلا من أعطوا نعمة.. الألم.
من خلال هذا الطرْح، أو، هذه المقولة الصافعة، أحبّ أن أظلّ متداخلاً أقاليمي وأحلامي الاستشرافيّة النورانيّة الأحلاميّة التي بلا ضفاف.
أكرّر: جئتُ لأعرف. جئت.. لأصير موجوداً، بالفعل، وليس بالتصوّر. جميعنا، حقيقة، موتى مؤجّلون، والموت شاعرنا الأعظم.
عوالمي متعدّدة الاتجاهات والمفارق.. ورغم ذلك، أضيع فيها مرات، أتية في الهيُولات، ولكنني أعود خائباً.. مسوَراً بانكسارات اللاعارف.. ولكن، في الوقت ذاته، أعود مغتبطاً بأنني حاولت.. وحاولت.. وحاولت… فلعلّني قد أعرف.. وهذا هو الهدف الأسمى في الوجود الحقيقيّ.
مشّاءٌ الى الحقيقة
دائماً تتحدّث بالمعرفة الحقيقية، الحرية الحقيقية، الحياة الحقيقية، الحب الحقيقي، ما هي حقيقة الحقيقة في قاموسك؟
سؤال صافع رائع – كما الكلّ – أمّا، لماذا أعتنق الحقيقة مبدأ، فقد سبق وأشرت في الأجوبة السابقة، ولكنني هنا أسترسل أكثر، فأنا مشّاء دائماً في اتّجاه الحقيقة الحقيقية، لأن كلّ شيء.. أجل، كل شيء مزيّف، تافه، ومرميّ في دهاليز الصَدَأ والقَتَامات والنسيان.
“هذا” العالم محشو بالرّياء المشرّع بالتفاهات، بالثرثرات، بالسخافات… غير متناسين الاجرام الذي شوّه جميع الشرائع ونقاوات السموات والأرض، وراح بنا بعيداً الى جعْل هذا الكوكب المقدّس، كوكباً مدنّساً لا يصلح سوى للكبّ في صناديق القمامة.
خارج مدارات الحقيقة الحقيقيّة، لا شيء يستحقّ الحياة. المجرمون الجهنميّون… قذّروا نقاء هذا الكوكب الجميل حتى الادهاش. الحَيْوَنَة – عذراً من الحيوان- ، طَغَت على الكائنات البشريّة، فتحوّل الكائن (الانسان)، – في المطلق، طبعاً، – الى حيوان، لا كما وصفه “أرسطو” “بأنّه حيوان ناطق”، بل الى حيوان شرس جزّار يلتهم بعض البعض.. ومن هنا خَفَت الضوء على الكوكب، هذا، إذا لم يكن قد غاب الى الأبد.
الحبّ، مثلا، ما هو؟ ومن هو؟ وأين هو؟… لو وُجد فعلاً بشكل حقيقيّ، لارتفعت الأرض الى السماء.. وفاض النور وتوزّعنا داخل “نيرفانا” الحقّ والخير والجمال.
ولكن.. ولكن… وهذا يكفي الآن!
ما يُرى وما لا يُرى
عمّ تبحث الآن، بعد كمٍّ من الابداعات؟
أنا مشّاء سرمديّ نحو مضامين المعرفة الاشراقية. باحث أزلي أبديّ عن كل ما يُرى ولا يُرى، وناثر كلماتي ومعارفي على دروب التنقيب عن الأسئلة الوجوديّة الكبرى التي أشرنا اليها، ولولا ذلك، لكان مَرّي المترهّل في هذا العالم، لا يشكل سوى عُصافة لا فُسحة لها في دفاتر الأيام التي تطوينا.
إذا توقّفت عن البحث، هذا يعني أن نُسُوغي قد توقفت عن مدّ شرايين شجر التصوّرات التي في الظنون، بمِداد الدمّ السماويّ الذي يقطر من قلمي، وهو عندي يشكّل أحقيّة نبؤاتية في خريطة ما نتراءاه عبر العقل الباطن، ورغم هذا كلّه، فهذا وحده لا يكفي.
كمٌ من الابداعات؟ أجل ولكنّ “سمفونيّي” لا تزال ناقصة. الذي يدّعي أنه وصل.. يعني أنه انتهى ولا تأثير لافتاً له في تواريخ الأزمنة التي تكتب “أوِناتَها” بحبر كوني ينثرنا أزاهير بلون شمس التجليّات في حدائق الأبد.
سائرٌ. صائرٌ. وثائرٌ على كل الغباوات والبشاعات والتفاهات… وبخاصة، على هؤلاء المجرمين السفّاكين السفّاحين… الذين يبعيون أشعّة الشمس، ليُطفئوا في العالم أعراق القناديل والأسفار الى جُزر النايات والبهاءات التي تولّد فينا غبطة البحث عن “شيء ما”.. وقد تكون أحياناً لذّة اللاًوصول، أبهى من “الوصول الى حقائق الإلهيّات”.
سأظلّ أبحث وأبحث.. وأتراكم، مدماكاً فوق مدماك، مثبتاً البناء بشكل لا تقذفه الأعاصير الى قيعان الحلول في جهنّم الأرض.
أعيش في “الهنالكات”.. ونادراً ما أكون “هنا”
المغلقات السرمديّة
كلماتك وأفكارك وكتاباتك مسكونة بالوعد الروحيّ والمواعيد الآتية والانتظار والاستبصار والاختيار. ماذا تريد أيها العرّاف المتشاسع في الزمان والمكان؟
أتصوّر أن أرواحاً كونية آتية من لازمان ولامكان، تتساكنني، وتحثّني على القيام برحلة الكشوفات عن المغلقات السرمديّة التي لسنا سوى أصفار وشحوبات خارجها. إنني مسكون بروح لا وصف لها ولا ضفاف لصهيلها داخل أزمنة الترائي والتخيّلات.
أعدكم.. ثم أعدكم بأنّ “هذا العالم”، ليس هو العالم الحقيقي، وبأن حلوليّة ما، ستتوزّع في مدائن العقول والنفوس، مبشرّتنا بفجر جديد آتٍ مع سموات الهيّة، شموسها غير هذه الشمس، وبهاؤها غير البهاءات التي ألفناها.. وما أريده، أنا “العرّاف” فعلاً، المتشاسع في الزمان والمكان، هو أن آتيكم بالمعرفات.. لتصيروا لأنكم الى الغبار السديميّ سائرون.. سائر هذا العالم برمّته، ولن يعود الى الاشتعال إلا عبر أبجديات كونية تفجّر لغات المصابيح الآتية من جزر اليواقيت وبحار البال وسُفُن التحوّلات عبر كيمياء العقل والرّوح، لتشتلنا في أرض جديدة غير هذه الأرض التي قذّرها قطّاع طرق الابداع وسنابل الوعود المتألقة.
لا أحيد في كتاباتي عن الوعد، فهو الذي ينتظرنا ويبشّرنا بملكوت الأرض قبل ملكوت السماء.
محطة الوصول.. الى اللاّوصول!
ما هي المحطة التي تنتظرها الآن في مسافة الريح وأرَق الانتظار والأسئلة الصعبة؟
انتظر. وأنتظر.. وأنتظر… “فالآتي”، قد يأتي في لحظة غير منتَظَرة.. وقد لا يأتي.. ولكنني أظلّ احترف الانتظار والشغَف الى التعمّق، لا في تشاسعات الكون، بل في ذرّات الرياح التي تسجّلنا في دفاتر الجلجلات والعذابات.. الدافئة، وعندها، قد تصير الأسئلة الصعبة.. سهلة المنال بالنسبة الى تفكّراتنا الهادفة الى فكّ الألغاز وأبواب الرَصَد الذي، ربما، يراقبنا ونحن لا ندري!
آه.. كم هي مرتسمة داخل أعماق ذواتي المتداخلة في وجع البال، تلك “المحطة” محطة الوصول الى اللاوصول، وها أنا أساكن حروفي ولغتي.. بل ولغاتي وناياتي التي من قَصَب الريح وبهاء الروح، باحثاُ عن تلك “المحطة” لكي أستريح ولو قليلاً، من العناء.. الجميل.. الادهاشي.
“أفلاطون” انتظر محطته، وكذلك فعل “الفارابي” والقديس “أغسطينوس”… أما نيتشه، فقد كان هو المحطة، التي لعن من خلالها المافوقيًات… وجميع هؤلاء وسواهم، ظلوا ملفوحين برياح “سقراط” الذي عرف أنه.. لا يعرف، وان محطّته ظلت في الغياهب، فتمرّد عليها، حتى ولو ظلّ في أفياء الارهاق ذي المرارات المدمّرة.
أنا الآن على “محطة ما”.. وسأظل منقّباً عن محطات ومحطات… لأصل الى “المحطّة” الاخيرة الحقيقيّة.. وقد أستريح!
أجمل من الوصول.. هو غبطة اللاّوصول
جماليّة الموت!
الموت حقّ، كيف تفلسفه وكيف تنظرإليه؟
اهلاً بالموت ساعة يشاء.. او يُشاء له. إنه مزعج، ولكنه مريح عبر التصوّر الالهي. أنا صادقته عالِماً أنه “موت”، وكتبتُ له فلسفة وشعراً: “قصائد الى السيد الموت”.. وهو يفتقد الى لغة الحوار، ويحطّ رحاله امامنا وفي دواخلنا لحظة يشاء، والسرّ كلّه: هل يستطيع احد ان يقبض على سرّ تلك اللحظة إلا خالق الموت وفارضه على الكائنات؟
سيتفاجأ الناس اذا قلت ان هنالك جماليّة في الموت. وفي احد كتبي الفلسفية “لماذا لا أعرف” فصلٌ عزيز عليّ، وهو عن “تمويت الموت”، ثم، وكذلك، أُسهِب: “الموت، يُميت كل شيء، إلا الحياة”. وفعلاً، كل شيء الى موت، ولكنّ الحياة مستمرّة.
تساؤل صافع لا بدّ منه: ولماذا الحياة ما زال هنالك موت؟ الفنائيّة، هل تكون عبر الموتيّة، أم أن الموتية تنتصر على الفنائية، وآنها، يتحوّل الموت الى حتميّة: مزعجة او مريحة… لا يهمّ، يصبح ضرورةبشرية “تكمل” حياة الكائنات وبينها الكائن (الإنسان).
أنا موتيٌّ بقدر ما أنا حياتيّ. ولكنّني أبحث عن الأسرار.. عن الموت أيضاً ماضٍ في البحث.. ولن أتوقّف.
الفلسفة مرض.. نبيل!
تقول في احد كتبك: الفلسفة داء أم دواء؟ هل انت الطبيب؟ ما الحكاية؟
لأنّ الفلسفة.. بل تعمّقي في دراسة الفلسفة، بِنِسب مختلفة، طبعا، بل في الابحار في بحارها ومحيطاتها وأوقيانوساتها… كل ذلك جعلني أتوسّع ثقافياً،ـ وأكأَب بشرياً، ما دفعني الى القول، بل الصراخ في موسوعتي الفلسفية (“أبعد من الفلسفة”): “أيّها الناس، أعلن لكن نهاية الفلسفة”/ أيّها الناس، أعلن لكم بداية الفلسفة”. ماذا يعني هذا كلّه؟
أولاّ، ان تعمّقي بالاطّلاع على الفلسفة، وتياراتها ومدارسها، منذ ما قبل سقراط، حتى ما بعد جان غيتون وميشال فوكو، بالاضافة كما اشرت، أنه زاد اطلاعي على هذا العالم المرعب.. الرائع، ولكنه جذّرني اكثر وأكثر ضمن مقولة :”كلّ شيء هباء وقبض الريح”.. و”كلما ازددت علماً، ازددت كرَبا”.. (وتعني اليأس الشديد).
من هنا، وصفي للفلسفة بأنها داء.. أي، بالأوضح، مرض كباقي الأمراض.. ولكنه مرض نبيل، وربما تكون هي الدواء أيضاً.. بل، بالأصح، انها تتنزّه بين كونها داء ودواء، وتقوم بتأدية الدورين معاً على خشبة الحياة التي هي، بحدّ ذاتها مجموعة – اذا شئتم – من الرّؤى.. بل الترائيات الفلسفية المتوهّمة.
أما عن ارتجال نفسي طبيباً، فأنا، بالمعنى الفلسفي الميتافيزيائي – طبيب فلسفي ميتافيزيقي بامتياز، لأن حكايتي مع التشاسعات الفلسفية طويلة جدا، ولا نهاية لها، لان شمولية الفلسفة (حتى) لم تقدم لي حلاً ما، بل ثقّفتني – كما أشرت- وزادتني “جهلاً” حضارياً في بعض الأحيان!
إنني مُدمُن فلسفة. أغبّ من ينابيعها ما استطعت، رغم ان ماءها – على عذوبته – موحل جداً بعض الأحيان.. وربما من ههنا شغفُنا به الذي يتحدّى المستحيلات.
جماليّة الموت.. أنه لا يستطيع إماتة الحياة
العالم مشروعٌ فاشل!
ما هي المعرفة المطلوبة، ماذا تقصد بها؟
اولاً محاولة الوصول الى مُطلقيّة المعرفة التي بدونها، ليس الكائن (الانسان) سوى غبار هيُولاني لا يستطيع ان يؤدي اي دور على الصعيد الانساني الشافي.
وثانية الجهات، المعرفة المطلوبة.. هي طلبنا الدؤوب سعياً الى معرفة تجعلنا نستحق شرف العيش على هذا الكوكب، لا أن يستوطن عقولنا الغباءالمتمادي في اسقاطنا الى اسفل وهاد الجهل والتخلّف.
العالم مشروع فاشل جداً حتى الآن. ساقطة كل الانظمة وكل العقائد.. ما زالت العدالة الاجتماعية ليست هي التي تحكم العالم.
الشهوات، على اختلافها، تعمل على تدمير العالم، واذا لم يتم التدارك – وقد لا يتم – فالهُوى تنتظرنا لُقَماً سائغة في ثقوبها السوداء الهائلة كما في الفضاء الخارجيّ.
حاولوا ان تعرفوا.. حاولوا ولا تيأسوا، لأنّ بعيداً عن ذلك، فلن يعود الكوكب يتّسع للانسان – الجيفة، وكوكب آخر حتى الآن ما زال في ظنون الغيب!
العالم مدنَّس. والمعرفة هاجسي الأكبر
جدار اللغة
قاموسك اللغويّ الجماليّ يشير دائماً اليك من منبع الهامك اللغويّ الفَيْضي الخاص، ما حكايته؟
اللغة.. ثم اللغة.. وألف ثم… لقد أقلقتني حروفها ومضامينها وأسرارها وكل ما لديها من أدوات تحرّك الكَلِم وتوثّبهُ نحو الابداع. هذه ناحية، أما الاخرى الأحدّ والأٌقسى، فهي أنني ياما وياما اصطدمت بجدار اللغة وكنت اسيرها كما كل الآخرين، منذ الجاهلية حتى اليوم، فأدركتُ بما لا يقبل الشكّ ان اللغة كائن حيّ يولد ينمو يكبر ويرتحل الى الهنالكات. كما ادركت كم أن الكبار والصغار.. وحتى الأقزام يتناسخون بعضهم البعض، فخطر لي ان اتوقّف عن الكتابة اذا لم استطع ان افجّرها من اعماق الداخل، وأنتشلها من القاع وأجعلها مغايرةعمّا كانت عليه، كا دفع بكثير من الأدباءواللغويين والباحثين عبر دراساتهم ومباحثهم عن شعري وفلسفتي ان يعلنوا، كأحدهم، من الكبار، مثلا (أندره بركات عقل): “جعلتَ – مخاطباً إيّاي – اللغة العربية لغة كونيّة”.
ما أودّ قوله وإيضاحه ان قاموسي اللغوي مغاير للقواميس كلها، وأنني على هذا الصعيد كتبت manifeste، بياناً ، عن اللغة تحوّل الى مرجع جامعي يدرّس في اكثر من مكان. هذا يعني ايضاً، ان اللغة ليست كامنة في الجمالية فقط التي تعشّش داخل اعراق كلماتي وحروفي، بل هي التي تنبع من ينابيع الأعماق اللازورديّة وأبعاد جُزُر اليواقيت ومخابئها، حيث يتجلّى جديد اللغة، النابع اولاً من التراث، ولكن الحامل هذا التراث الى مستوى الهنالكات الالهية.
صرخت مرة على غلاف احد كتبي (العصيان -1996): “أعطوني لغة جديدة، كلّ لغات الأرض لا تتّسع لأفكاري”.. وهكذا كان، أن – وبتواضع.. او.. لا -، ابتكرتُ أبجديتي الخاصة، لغتي الخاصة ورحت أسيح في الكتابات.
آه.. ثم ألف… كم يؤرّقني الابتكار في اللغة.. وقد حقّقت الكثير، وأنا ماضٍ لتحقيق الأكثر.
.. الى الهنالكات
في حال الانخطاف الروحي الذي يشعّ في معظم كتاباتك، ما الذي تشعر به وعلى ماذا تقبض؟
أنا كائن متوهّم كما أردّد دائماً، بامتياز. ولبّ الحقيقة يعلن أنني لست “هنا” إلا نادراً، لأنني مخطوف الى “الهنالكات”، وهذا ما ينعكس بشكل جليّ في مجمل كتاباتي: شعراً، فلسفة… واذا شئنا: علماً ولاهوتاً.. والبقية تأتي.
هذا عالم السُفَليّات. مقذّر هو على مختلف الصُعُد: سياسياً، اجتماعياً، واذا وصلنا الى الأدب.. فهو عالم “بلا أدب” مبدع، الا بشكل نادر.
الصغار.. المتطفّلون في الأدب والفن وسوى ذلك، عهّروا القيم الجمالية، كما كل شيء، وهم بحاجة الى ضبّ او كبّ في الأماكن التي يستحقّونها!
لولا الانخطاف الروحي.. لكنت تلوّثت، ولو عبر قليل القليل، لكنّني أنا أحيا داخل الجوانيّات تاركاً البرانيّات للقطعان المسيّرين المعهِّرين نقاوة هذا الكوكب الادهاشيّ.
إنني أقبض.. إنني أحاول باستمرار ان أقبض على نكهات الأسرار الكونيّة. محاولاً تخطّي المألوف الى اللامألوف. العادي الى سواه. الأقذار الأرضية الى رحابات الفيض الإلهي. لو كنت “هنا” ، باستمرار، لكنت انتهيت من زمان. وكما في أول ديوان شعريّ لي (“سنوات الحزن” -1968- ) صرخت: ما انتهيتْ/ أنا ريحٌ ما انتهيتْ/ تنبتُ الأشواكُ في دربي/ تعرّيني الرياحُ/ أنا يا عمري صداحُ/ أنا صوتٌ بُحَ فيه الصوتُ/ لكن…/ ما انتهيتْ/.. ولن أنتهي لأنني أقتاتُ من نُسوغ الروح العليا، تاركاً للسُفليّين أن يتسلّوا بالتفاهات المعتبرينها انجازات لا تُجارى!!
لستُ من هذا العالم
تعيش في عوالم صوفيّة مشرقة. كيف تجمع بينها وبين الفلسفة؟
بدايةً، لولا هذه العوالم الصوفيّة المشرقة، لكنت تحوّلت الى كائن هجين لا درب توصلني الى الابهار.
عوالمي هي صوفيّة بامتياز. عوالمي.. ليست من هذا العالم.. يعني – شخصياً أعتبر ذاتي أنني لست من هذا العالم المدنّس بالقتل والجرائم وكلّ المحرّمات.
فلسفتي أيضاً، تتداخلها خيوط ومضامين صوفيّة اشراقية، رغم واقعيّتها. لست فيلسوف التحليل الترابيّ، بل مضاميني الفلسفيّة لصيقة ببهاء السماويّات، والمواضيع المبتَكَرة التي نادراً ما تطرّق اليها فكرٌ فلسفيّ، أو سواه، بعد.
أنا غريبٌ أصيل داخل أي مجموعة او ما يسمّونه حضارة.. هي للتدمير، طبعاً، وليست للتعمير. أقتات من عُشْب البراءات الاولى، النقاوات الاولى… وكلّ ما هو نقيّ في المخابئ الحميمة لهذا العالم.
لستُ في “الهُنا” الا عبر زيارات عابرة، الهنالكات ملاذي، ملجأي الذي أتنزّه فيه بين شمس التفرّد وقمر الابتكار… والمجد، كل المجد، للصوفيّة المشرقة.. الاستشرافيّة التي تنتشلنا من القحط والشحّ، الى الرقيّ السماويّ الذي بلا انتهاء.
بداية التكوين.. الى الأبد
ما هي خصوصيّة كتاباتك؟
أشرتُ اليها في سياق الحديث. وأستعيد ههنا قولاْ للأديب الراحل محمد علي موسى: “روبير غانم شاعر عظيم خطير.. متمرّد متفرّد”، وهذه كلمات مقتطعة من بحث ضخم.
انا لست اي أحد. منذ البداية بزمن الكتابة الذي لم تحدّد تواريخه الصحيحة بعد، حتى هذه اللحظة بالذات. صرخت مرّة: “كتبتُ ما لم يكتبِ “الأحدْ”/ من بدء تكوينٍ الى الأبدْ/… ورغم هذا، ورغم ما وصفوني ووسَمُوني به: الأدباء، المفكّرون، النقّاد، الباحثون… من أوصاف لم تُقل في أحد إلا نادراً جداً، فما زلت على الأرض.. والخَفَر يسوّرني من الجوانب كلّها، لأن الكتابة العظيمة بحاجة الى خَفَر عظيم.
خصوصيّة كتاباتي، بالمجمل، هي أنني لا أشبه احداً، بل يشبهني كثيرون – وهذا مجال اعتزازي – وكلماتي نابعة من قاموسي الخاص، ومن دواخلي الغائرة في أزمنة الفيض والتجليّات، او كما وصفها سعيد عقل: “روبير غانم، يكتب كلمات إلهيّة”. ولنعد الى الخَفَر.. فانه، أيضاً، يدخل ضمن الكتابة العظيمة التي تحيي.
إبداع.. وارتحال
في زمن جميل مضى، كنت من كبار كتّاب “ملحق الأنوار” بعضهم رحل. هل تتذكّرهم؟
آه.. ما أروع ذلك الزّمن الجميل، الفيّاض نِعًماً من الابداع، المقروء والمضيء من محيط الى خليج.
لم أكن فقط من كتّاب “ملحق الأنوار”، فقط كنت رئيساً للتحرير فيه 4-5 سنوات، وهي فترة ذهبيّة في حياتي (1966- 1971)، حوّلنا.. حوّلت و.. مع الرفاق، فيها “الملحق” الى حَدَث لبنانيّ عربيّ مستمر “يُنتظر صباح كلّ أحد كرغيف الخبز”، او مطلع قصيدة عن تجليّات السماء.
أذكر؟! أجل أذكر جداً، رفاقاً وأصدقاء وكتاباً وزملاء… حفظ الله الباقين ورحم الله المرتحلين (مع حفظ الألقاب): الشيخ خليل تقي الدين، جورج جرداق، غسّان كنفاني (رفيق عمر ودرب)، جوزف فاخوري، ديب درغام، نجيب صالح… فذكراهم، فعلاً، لا تُمحّى.. ولن تتصاعد إلا الى الإشراق البهائي.
“ملحق الأنوار” شكّل قضية ثقافية ابداعية فكرية.. وأحياناً كثيرة: سياسية كبرى، في لبنان والعالم العربي” ننتظره كما ننتظرالخبز اليومي…”، وهنالك الأكثر والأكثر عن “الملحق” وعني، كما عن مقالات ودراسات نشرت فيه، من كافة أقطار العالم العربي.
تيبس الوردة، ويبقى العطر. توقّف “الملحق” عن الصدور، لكنّ عطره الابداعيّ باقٍ حتى اليوم…
.. ولن يغيب.
.. لن يغيب، رغم “الخربطة” و”الفَشلَكة” ولعبة الثلاث ورقات… التي تقصّدها الراحل علي أمين، فمسَح “الملحق” ومسَخه.. ولن أنقاد حالياً الى اكثر، وكان مني “ذاك” الموقف التاريخي…
المهم، الحقيقة، مهما تأخرت، هي التي تبقى في نهاية الامر.
أرفض هذا العالم المخرّب
ماذا يقول روبير غانم في العالم الذي يغلي؟
أشرنا في سياق الحديث والأجوبة عن تفاهة “هذا العالم” . وأقول.. اقول إنني – لو خُيّرت، لرفضت الانتماء الى مثل “هذا العالم” الذي فقد هُويّته وقيمه ومضامينه النورانية وبهاءاته التي من إشراق واستشراف، وتحوّل في السياسة والأدب والاجتماع والفكر… الى زرائب لحيوانات كاسرة، تتحايل للانكباب على فرائسها.. ليتكاثف الالتهام.
فالناسوت مخرَّب.. واللاهوت مخرّب. والفلسفة السكولائية (المدرسيّة) مخرّبة.. وكذلك الفلسفة بعامّة، وهكذا السياسة والادب والاقتصاد والاجتماع والفن… والانسان قبلَ القَبْل.
لا.. وألف لا… مثل هذا العالم أنا أرفضه حتى الثُمالات. فحكّامه (في كلّه) أقزام بلباس كبار. وأممه المتحدة.. متحدة على تكثيف سياسات المهاوير والمجارير.. وكل ما يضمّه محشو بالكذب والأحقاد.. النووية التي تدمّر هذا العالم.. ما قبل.. والبَعْد.
أرفض. أرفض.. أرفض… بشراسة مثل هكذا عالم، يسيطر على مقدّراته هكذا تفهاء، معقّدون نفسيا، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا… انه عالم الموت، ولا أثر فيه لحياة ترتدي ثوب الرقيّ وقيم الحقّ والخير والجمال.
في أحد كتبي الفلسفية (كتاب الاشكالات) صرخت: “لو خُيّرت في مجيء، لما كنتُ أتيت”. وفعلاً، عندما وعيت على هكذا عالم، تأكدت من أن عدم المجيء كان أفضل جداً من المجيء. فما غليان هذا العالم، سوى غليان ملوّث لا تطهّره مساحيق وأدوية الكوكب الأرضي برمّتها، لأنه تحوّل أسير العهر والزندقة وعبادة الاوثان، وطليعتها: المال والسلطة والجنس.
التساؤل الكاوي الآن: هل يستطيع الخيّرون بعد – وهم قلّة القلّة القليلة النادرة-، ان يعيدوا تأهيل هذا العالم العاطل عن التفكيروالخَلْق؟ أنا أشك. وساقطة الأنظمة كلها، والعقائد كلها، والمؤتمرات كلها، و”الحلول” كلها. والحقيقة ان “قايين” عاد ليحكم هذا العالم المتّفّه، وكم نحن بحاجة الى يد سماوية تعيد العالم الى اشراقه وقيمه العظمى والمبادئ.
سؤال، بحاجة الى كتاب خاص. ولكن، أكتفي مشدّداً على أن هذا العالم سائر الى زيادة في التقذّر والتقزّم والانحدار والانهيار الى قيعان الرّعب والقَتَامات. انه عالم التراب، ونحن بحاجة الى عالم السماء. فهل تفيض علينا السماء بعالم جديد آخر؟!
ما علينا سوى الانتظار.
نحن نعيش في عالم المقابر، ونريد ان “نحيا” في عالم المحابر التي تُغَطّ فيها الرَياشُ، كاتبةً.. وراسمة عالماً جديداً يحوّلنا صوب مدائن الهواء والشمس والسماء.