لقد خذلوكم (1)

mouannes

البروفسور الأب يوسف مونس

لقد خذلوكم وخذلونا واحبوهم بالرغم من كل ذلك.

يا سيدي البطريرك،

لقد خذلوكم وخذلونا، وانتم تعرفونهم بأسمائهم كما انتم أبقوا على سموكم ومجد كرسيكم وابقوا صوتا صارخا في برية وصحراء قلوبهم.

ابقوا كما انتم يا سيدي على حبكم لهم وعلى الباب المفتوح لاستقبالهم وقول الحق والحقيقة لهم.

اعرف انكم تصلون لهم ليفتح الروح القدس قلوبهم وعقولهم على مسؤوليتهم تجاه وطنهم وأهل وطنهم، وتوق شعبهم الى السلام والخير والاطمئنان والعيش الكريم بعدل ومساواة ورفاهية، يدفعون فاتورة مرضهم وقسط اولادهم وايجار بيوتهم باحترام بكرامة لسخطهم البشري وبحرية ابناء الله.

تعرفون يا سيدي ان قلوبنا اشتاقت الى رئيس هو رمز وحدتنا ووحدة وطننا يقود شعبنا الطيب معكم الى واحة الخير والبركة والسلام.

كما ناديتهم يا سيدي ودعوتهم ولم يسمعوا الاّ صراخ مصالحهم وأطماعهم وطموحاتهم فلهم آذان ولا يسمعون ولهم عيون ولا ينظرون وكما قال المسيح للاصم الاخرس افتّح فتح فانفتح سمعه وصار يتكلم نحن نصلي معكم ليفتح الله آذانهم وقلوبهم وضمائرهم وعيونهم فيبصروا ماذا صنع بنا وبوطننا الفراغ وأي مصيبة وبرص وقع عليه بسببهم.

نمد يداً لهم ونصالحهم ونصلي لكي يحبونهم بالرغم من كل ذلك.

نعرف انكم تستثنون بعضاً منهم لكن الناس لا تستثني احداً منهم كما يقول أحمد الصراف في قصيدته:

وانتم ايها الاساقفة والاحبار والاجلاء

وانتم ايضاً يا اباءنا واحباءنا الاساقفة ، لقد خذلوكم وخذلوا شعبكم ورعاياكم. ناديتمونهم وصرختم لهم. لكن ليس في الدنيا اسوأ ممن لا يريد ان يسمع وممن لا يحب ان ينظر، سمعوا فقط لمصالحهم ولتمديد ولاياتهم ورفع مرتباتهم ومصالحهم وزعمائهم. ونصلّى لكي يحبونهم بالرغم من كل ذلك.

 ـ يا شهداءنا خذلوكم ـ

وانتم ايضاً يا شهداءنا وأبطالنا خذلوكم، يا من سفكتم دمكم لأجل وطن لم يحافظوا عليه كالرجال وأنتم ايضاً خذلوكم وباعوا دمكم لتبعياتهم أنتم يا شهداء الحرية والكرامة والسيادة والعنفوان يا شهداء مجد لبنان العظيم وترابه المقدس الذي هو أغلى من ذهب الدنيا، لقد خذلوكم وخذلوا دمكم الطاهر.

يا طيّبي القلوب خذلوكم، يا مساكين الله ومساكين الارض والسماء الحاملين مسابحكم ومعاولكم في ايديكم والرافعين توابيت الابرار وابناءكم والصدّيقين والشهداء الأحباء على اكتافكم والحاملين طرحات العرائس على أكفكم والراقصين امام توابيت اولادكم او في عرس ابنائكم.

يا جميع آبائي وأمهاتي يا جميع اخوتي واخواتي انتم ايضا خذلوكم ووعدوكم بوطن حر كريم مزهر لأبنائكم فأطعموهم اليأس والهجرة.

أنتم القديسون المجتمعون حول طبق الخبز لتأكلوا من عرق جبينكم وتشربوا من عرق دواليكم

انتم الرافضون احلامكم وريشتكم ومعاً ولكم لأجل عظمة لبنان الابداع والريادة.

أنتم ايضاً خذلوكم ايها القديسون الذين تموتون بشرف لاجل لقمة العيش وتعليم اولادكم وثقافة بناتكم وتقفون اجلالا لعباقرتكم وفنانيكم والملهمين المبدعين عندكم.

خذلوكم فجعلوا الوطن مجداً للزبالة والنفايات بدل ان يكون مجد الأبجدية والعبقريات ولكن احبوهم بالرغم من كل ذلك ولا تمشوا وراءهم بعد الآن.

كفى! لأنكم اليوم تحصدون في براميل الزبالة ما زرعتم بالأمس في صناديق الاقتراع.

يا جميع ابائي وامهاتي يا جميع اخوتي واخواني انتم ايضاً خذلوكم ووعدوك بوطن حر كريم مزهر لابنائكم فاطعموهم اليأس والهجرة والغربة وتراب الارض وشهوة والخجل الرحيل عن هذا الوطن المزرعة وكر حيات وافاعي وقد حولوه، هو وطن الجمال والكرم والعنفوان مغارة للصوص والقتلة وتجار المخدرات والسلاح وبائعي الجنس والاعراض والسرقة والنهب والكذب والزحف والنزول في مجارير الايام بدل الاغتسال بعطر الجبال ورياحين الوديان والورد وبخور الارز وشجر الغار وزهر الزيزفون. خذلوكم انتم ايضاً ودعوكم للزحف على ابواب الدول والركوع امام ملوك النفط والغاز… ولكن احبسوهم بالرغم من كل ذلك.

 ـ يا ملائكة رياض الاطفال خذلوكم انتم ايضاً ـ

اتركوا لعبكم الحلوة الصغيرة والحقوهم بالحجارة، اتركوا قصة القبعة الحمراء وحبيبة الثلج البيضاء اقرأوا فقط قصة الاقزام السبعة والحلوة الوجه وسلسلة الشعر الاسود الجميل لانهم اقزام هذا الوطن الجبار الآتي من كرم الله وجمال الطبيعة في سهله وجبله وبحره وكروم العنب وحقول الزيتون والتين والتوت والرمان وسهول القمح والخير والخضار وايقاع الموسم للحياة والموت.

ايها الرهبان والراهبات والكهنة والشيوخ لقد خذلوكم وانتم يا اصحاب العمائم والطرحات خذلوكم واحبوهم بالرغم من كل ذلك قدمتم لهم مسابح صلواتكم ودعاء كتبكم المقدسة وترانيم وتسابيح كتب وصلواتكم ودعوتم لهم ليوفقهم الله في حفظ الوديعة المقدسة لبنان.

فاذا الوديعة اكبر من ايديهم وقد خانوا الامانة وخانوا العهد والخدمة والرسالة والتكريس للعطاء والتضحية وحمل هموم الناس اهلكم وشعبكم ولكن احبوهم بالرغم من كل ذلك.

يا جميع الذين هم تحت التراب

خذلوكم ليجدونا نحن الذين فوق التراب لقد قلنا لنفوسكم الحجور واقمنا جنازاتنا اللائقة بطلعتكم وانشدنا لكم اناشيد المراهقة والدموع وسكبنا الدموع على فراقنا.

ورفعنا امام توابيتكم ولبسنا الحداد وقرعنا اجراسنا حزناً وفرحاً واقمنا لبعضكم عرساً وزلاغيط وزغاريد انجدوهم ليقوموا من نومهم انجدونا انتم الذين تحت التراب لنستطيع نحن الذين فوق التراب ان نعود من هجرنا عن وطننا الذين زرعوا فيه اليأس والخراب وحولوه الى مزرعة وليس وطننا للحرية والانسان انهضوا يا جميع من في القبور لان الذين هم فوق الارض ماتوا وانتم نعوشكم عروشكم وهم عروشهم نعوش!…

يا بليبل، يا غانم، يا طربيه، يا ابو سليمان، يا نعمان، يا قسيس يا قزي يا ثابت يا خوري، يا بشير، يا جنبلاط، يا معروف سعد يا الياس سركيس، يا حريري، يا سلام

الرجاء الرجاء رجاؤنا فانجدوننا يا حنا مارون يا اريما العمشيتي يا تيّان يا حدشيتي يا عاقوري، يا عواد، يا دويهي، يا حويك، يا عريضه، يا معوشي، يا خريش، يا صفير، يا راعي انتم يا جميع من اعطي لكم مجد لبنان

اين انتم يا جميع آبائي واجدادي الذين صنعوا لي مجداً وكللوني بالغار

تعالوا وانظروا الدلع واشهدوا على الغنج والمهزلة والانتهازية والسرقة والرقص على حافة الموت في صفقات بلا حياء وشركات وهمية اغرقت الاوادم وفاقدي الضمائر، فراغ حقيقي من القادة الاوادم والزعامات والرجالات الحقة الا القلة الباقية من لبنان العظمة والمجد والعنفوان.

اترك رد