افتتاح محاضرات التدرج في نقابة المحامين// الجميل: نعيش انقلابًا دستوريًا تحوّل انقلابًا على النظام \\ ريفي: انتخاب رئيس ينقذ الجمهورية

mouhamin

افتتحت نقابة المحامين في بيروت برئاسة النقيب جورج جريج، محاضرات التدرج بعد ظهر اليوم، في حضور الرئيس أمين الجميل ووزراء: الاعلام رمزي جريج، العمل سجعان قزي، الاقتصاد الان حكيم والعدل أشرف ريفي، ممثل عن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، الرئيس الاول الاستئنافي القاضي طنوس مشلب، رئيس مجلس القضاء الاعلى شرفا القاضي غالب غانم، نقيب المحامين في طرابلس فهد المقدم، ممثل عن المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمديرة العامة لوزارة العدل ميسم النويري. كما حضر وزراء ونواب سابقون وعدد من نقباء المحامين السابقين في بيروت وطرابلس وقضاة ومحامون ومحامون متدرجون.
بعد النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين عزفتهما فرقة الموسيقى في قوى الامن الداخلي، قدمت المحامية أمل تقي الدين المتكلمين وهم على التوالي: رئيس محاضرات التدرج المحامي ناصر كسبار، نقيب محامي بيروت، القاضي فهد، وزير العدل والرئيس الجميل.

كسبار

قال كسبار: “هي لحظة تبادل الشرف، شرف مشاركة المحامي أمين الجميل في افتتاح محاضرات التدرج لهذا العام، وشرف ارتداء فخامة الرئيس أمين الجميل روب المحاماة الذي حمله بجدارة محاميا متدرجا في مكتب الاستاذ جوزف شادر ثم في مكتب الاستاذ البير لحام، ومحاميا بالاستئناف قبل ان ينصرف للسياسة، نائبا فرئيسا للجمهورية. لعل بطاقة المحاماة التي يحملها فخامة الرئيس ترمز برقمها الى العظيم العظيم، بل الى الاعظم: 1943، ولا ادري ان هي صدرت في الثاني والعشرين من تشرين الثاني. حقا الرئيس الجميل رمز للاستقلال اللبناني، ويجسد عائلة محامين، المحامي النائب سامي الجميل، والمحامي النائب الوزير الشهيد الشيخ بيار الجميل، رحمات الله عليه.

لتدرج في دنيا المحاماة عالم قائم بذاته، فهو المدخل إلى رسالة المحاماة، وبقدر ما يكون هذا التدرج بقدر ما يعطي ثماره لاحقا. والمحامي المتدرج لا يطلب أكثر من رعاية في بدء حياته المهنية، ومساعدته على تخطي مرحلة التدرج الصعبة. فساعدوه، وخذوا منه ما يدهش العالم.

من خلال علاقتي المباشرة مع المحامين المتدرجين في محاضرات التدرج منذ العام 2006 اكتشفت خلال المحاكمات الصورية، والندوات التي يشاركون فيها كمحاضرين، والمؤتمرات، انهم ثروة علمية واعدة ويشكلون طاقة فكرية. وقد صح فيهم قول الشاعر: أولئك ابنائي فجئني بمثلهم إذا ما جمعتنا يا جرير المجالس. مرحلة التدرج لا تقتصر على قراءة الملفات واجراء المعاملات في الدوائر على اختلاف أنواعها، بل تتعداها إلى اكتساب المعرفة عن طريق المحاضرات وفي معهد المحاماة الذي أنشىء في عهد معالي النقيب رمزي جريج. وبرأينا يجب التشديد على مواد تتعلق بقانون تنظيم المهنة ونظامها الداخلي وآداب المهنة ومناقب المحامين. وكذلك على تعليم اللغات الأجنبية وبخاصة اللغتين الفرنسية والإنكليزية. فالعالم اصبح كرة كونية والعلم يركض ونحن نواكبه وأحيانا نلحق به. ولا يمكننا ذلك إلا عن طريق اكتساب اللغات الأجنبية وتشجيع أبنائنا على إكمال تخصصهم حسب الإمكانيات المتوفرة أو التي يمكن توفيرها.

المحامون المتدرجون ينظرون إلى كبارهم على انهم المثل الأعلى لهم وهم يعلمون جيدا أن النقابة هي الأم الجامعة وبقي شملها وشمل المنتسبين إليها ملموما حتى في أصعب وأحلك الظروف. فهي تجسد الديموقراطية البناءة التي يجب على الآخرين الإقتداء بها”.

جريج

وألقى جريج كلمة توجه فيها الى الجميل بالقول: “غدا ستحاضرون في المحكمة الخاصة بلبنان، وبالامس لبيتم دعوات من أميركا وأوروبا ومن كبرى الجامعات ومراكز الابحاث في العالم من الأمم المتحدة في نيويورك إلى الأمم المتحدة في جنيف، ومن هارفرد إلى بيت المحامي، وذلك للإفادة من تجربتكم السياسية ومن قدراتكم الاكاديمية، ولا ننسى التأسيس الاول لبيت المستقبل الذي شكل في حينه صدمة ايجابية في الحالة الثقافية في البلاد قبل أن يعود الى العمل ثانية، فمن باب اولى ان تستفيد نقابة المحامين من خبرات أحد أعضائها”.

والى المتدرجين قال: “سلوكان لا تتقنهما نقابة المحامين، التراجع والتردد في القضايا الوطنية، واذا ما فعلت، تكون قد فقدت أحد مكوناتها الوجودية.

في هذه الايام القاسية على لبنان، تحضرنا مشهدية وجدانية، نتعلق بها خوفا من أن يرحل الوطن، قوامها اثنان:

مطرقة الدستور في مجلس النواب، يسمع صداها في كل مكان وتكون آذنة باكتمال النصاب وانتخاب رئيس للجمهورية.

ومطرقة القانون يحملها القاضي على قوس المحكمة لينقذ بها العدالة المهددة بكل الاوباء من أبسطها الى أخطرها، من مجرد مخالفة قانون السير الى جنايات الهدر والفساد وصرف النفوذ وشراء الضمائر.

لم أعتقد يوما أن المسؤول يجب أن يكون مديرا يتعامل مع الأزمة تأجيلا، بل صانع حل وخادم قضية.

فلنمح من كتابنا معادلة أن كل ماروني يريد أن يكون رئيسا، وأن كل من هو غير ماروني يريد أن يصنع رئيسا. فلنمح من كتابنا ان الدستور وجهة نظر، فلنمح من كتابنا ان رئاسة الجمهورية فرع لا أصل. فلنمح من كتابنا أن إلغاء رئاسة الجمهورية ممكن، وممكن أيضا توزيع عائداتها الى السلطات الاخرى.

ان نقابة المحامين ستبقى منبرا حرا تصدر موقفها الوطني دون استئذان، موقف يستعجل حراسة الجمهورية وترشيدها، فالجمهور في حالة ذهول لان الجمهورية مهددة، وكل مظاهر الدولة تغيب تباعا: جمهورية من دون رئيس، دولة من دون موازنة، وطن مكشوف من كل الجهات، شعب اختار الهجرة ولو على قوارب الموت، جغرافيا ترزح تحت أطنان القمامة، وديموغرافيا أصبح فيها اللبناني أقلية في وطن الأقليات، نعم جمهوريتنا مهددة وهي بحاجة الى دم لبناني من كل الفئات، والى محميات تقيها القنص الآتي من كل جهة، وهذا لن يكون الا بنصاب ينقذ الديمقراطية بإعادة الاعتبار الى مبدأ تداول السلطة والاحتكام الى ارادة الناخب.

لا تستعجلوا الاجابة، ادرسوا ملفكم باتقان، عالجوه من كل الزوايا، بدءا بالشكل والمهل، واعطوا جوابكم بثقة العارف، وأحجية العالم، وعبقرية المحامي. المحاماة سعي دائم، وليست وصفة للحفظ.

لبنان المفطور على الديمقراطية، يستحيل عليه أن يغير هندامه السياسي. ان خلع البزة الديمقراطية مستحيل في لبنان. ان الفراغ الرئاسي لن يتحول عرفا مهما طال زمن الشغور.

نعم نحن المحامين سنبني لبنان الدولة، نعم هي الجمرة التي تحرق كل لبناني، ففي كل واحد منا فيض من السيادة لا يحد، وجرف من الحرية لا يرد، وفائض من العنفوان لا يعد.

أنا لا أعذر الحكومة، ولا أعني هذه الحكومة ولنا فيها أصدقاء ناشطون فاعلون عاملون، بل كل الحكومات، ولا أعذر المجلس النيابي، ولو كنت مكانهما لقلت: أنا السلطة اللبنانية الموقعة أدناه، أقر وأعترف بتقصيري في حفظ لبنان، وصون سيادته وحماية حدوده والزود عن شعبه.

أقر وأعترف بأنني فشلت في بناء الدولة المدنية، فشلت في اقرار الموازنات، فشلت في وضع قانون عصري للانتخابات، فشلت في حماية الامن الاجتماعي، فشلت في مواجهة مد النزوح واللجوء، فشلت في الديمقراطية الفشل الذريع، ونجحت في حياكة عباءة الفراغ وثوب التمديد النجاح الباهر، هذا السلوك يا كرام لا يشبه نقابتنا.

لكن لن نيأس، سنبقى الرافعة ليستمر البلد مداوى ومعافى، سنواجه لوقف اللعنة الحالة على الوطن، هذا اللبنان الباحث دوما عن ذاته، سينتصر بذاته، وليس بوكيل أو بكفيل.

سينتصر بالدولة المدنية التي تبقى الضامن الأكيد لنظامنا المجتمعي وقيمنا الإنسانية، إن الدولة المدنية تبقى الضامن الأكيد ليس لإستقرار على القطعة بل لسلام دائم ومستدام. هذا حلم اللبنانيين. هذا ما استشهد من أجله اللبنانيون، وأحدهم المحامي النائب الوزير الشهيد بيار الجميل الذي تصادف ذكرى غيابه التاسعة في الحادي والعشرين من هذا الشهر عشية عيد الإستقلال الذي استشهد من أجله. لبنان ليس قاصرا يا سادة، لبنان راشد يا ناس”.

فهد

ثم تحدث رئيس مجلس القضاء الأعلى، فقال: “المحاماة خصال ومروءات وتضحيات. وهي توحي من لفظها ومادتها بصفات وشمائل ومناقب ترفع صاحبها إلى المستوى الخليق بها، وتشيع في نفسه معاني الكرامة والشجاعة. وهذا ما نأمل، أيها الأحبة المتدرجون، أن تتحلوا به فتسيروا سيرة المقاوم الشجاع الذي يضحي بالغالي والنفيس لإعلاء كلمة الحق والجهر بالحقيقة، خدمة للعدالة.

وأستعيد هنا قولا للعلامة ألبيانوس الشهير ابن صور، ومنارة الحقوق في بيروت وروما، جاء فيه: “إن لا خير في القانون ما لم يتوخ المحامي العالم، عن طريق تطبيقه، إحقاق العدالة، ولا يكون رجل القانون محاميا عالما لمجرد أن يعرف القانون، بل عليه أن يطبق في تعاطيه القانون فضيلة أسمى هي فضيلة الحكمة. وأنتم معشر المحامين، إمتهنوا العدالة صنعة ورسالة، وميزوا بين ما هو عدل فأرشدوا إليه وبين ما هو ظلم فنبهوا منه”.

أضاف: “إن التحلي بالانضباط والمثابرة أساسي في تأمين النجاح في العمل، بالإضافة إلى مراكمة الخبرات والتجارب والصبر على الصعاب والعزم والتوثب الدائم لمواجهة التحديات. وهذه صفات تسعى نقابة المحامين جاهدة إلى زرعها في نفوس أبناء معمورتها، وفي مقدمهم أنتم، فاسعوا الى أن تنهلوا ما استطعتم، واعلموا “أن ليس للإنسان الا ما سعى” وأن “طالب العلم يسعى إليه أما العلم فلا يسعى إلى أحد”.

أوصيكم بالاعتدال فكرا وعقيدة وقولا وعملا، وبأن تنبذوا التطرف المقيت، وبأن تمرسوا النفس على قبول الآخر رغم اختلافه عنكم في فكره أو عقيدته أو قوله أو عمله.

“أنصفوا الناس من أنفسكم…واتقوا الله”، والإنصاف يستلزم الاستقامة، خلقا ونهجا، فلا نركن معه الى نزواتنا ومطامعنا وغرائزنا، ولا نخدع المحاكم بما نعرفه كاذبا أو مصطنعا أو ملفقا، ولنحرص على راحة ضميرنا، ولا نبادر إلى إخفاء حقيقة ناجعة أو حق مرجو… كونوا حاضرين، للتنديد بالاستبداد والظلم والتعسف وصرف النفوذ، ولكفكفة دمعة، ولمؤاساة مسكين، وللمساهمة في إعلان براءة.

أيها المحامون المتدرجون، أنتم تتهيأون لحمل مشعل الأمانة، مشعل المحاماة وتأديتها تأدية لائقة بما تفرضه من أخلاق وعلم ومعرفة ومسؤولية. فالتدرج ليس عملا روتينيا نظريا في النص والنقل والاستنساخ والتبليغ، وليس مرحلة زمنية تمر، وليس وظيفة في مكتب وحمل دفاتر وأوراق في حدود ساعات الدوام، وإنما التدرج مدرسة ثانية، وإعداد للممارسة الفعلية لمهنة المحاماة، يدخلها المحامي المتدرج ليختزن زادا يغتذي منه، ممارسة وصقلا واكتسابا للمواهب والكفاءات ؛ إنه العب من مناهل علم القانون في مختلف المصادر، والعمل على امتلاك القدرة على البحث والمناقشة، والانفتاح على حقول التقدم والتفوق ومواكبة التطور.

ويسرنا أن تؤمن إتفاقية التعاون بين معهد الدروس القضائية ومعهد المحاماة مساحة تنشئة مشتركة بين القضاة والمحامين طالما أن ثمة أهدافا سامية تقودهم ومبادئ عليا توجههم، ولقاء شبه يومي يجمعهم، وتعاونا حتميا يحكم عملهم.

فالقضاء والمحاماة جناحا طائر واحد.

نحن من جهتنا في مجلس القضاء الأعلى نعمل من أجل قضاء لا قيود تكبل قراره الحر، من أجل قضاء مثال في البذل وفي الفاعلية، من أجل قضاء يبني دولة القانون. هذا ما نصبو إليه، ولو كان الطريق شاقا وعرا كثير المطبات. إن قلبنا منفتح لكل نقد بناء ونتصدى للجور والتضليل والفساد والتعدي، ولكل ما يخرج عن الصراط المستقيم. وإن لم نكن كذلك، فلماذا القضاء؟ ولماذا المحاماة؟

هذه هي رسالة العدالة التي ينشرها القاضي، كرياحين الورود العطرة، على منصته وفي أحكامه، وينشرها المحامي في لوائحه ومرافعاته، مسكونين كليهما بالرزانة، بالضمير الحي، بحفاوة العلم فتصدر بعد ذلك “الأحكام العبرة، التي لا تعقبها عبرة.

فيا أيها المتدرجون، أدخلوا دار المحاماة آمنين مطمئنين، وسيروا على درب التدرج بثبات ووعي ومسؤولية، واحرصوا على ألا ينتهي بكم هذا الدرب الا وقد أضحيتم فرسانا نذروا لوطنهم أسمى القيم، وللقضاء ألمع الأخلاق، وللعدل أرفع الهمم”.

ريفي

أما وزير العدل فقال: “لسنا بحاجة لشرح أهمية محاضرات التدرج للمحامي، إذ أنه وبعد أن ينهي طالب الحقوق سنوات الإجازة يتكون لدى البعض شعور وكأنه إكتفى علميا بعد أن شعر أنه حصل ما يتوجب من المعرفة في مجال القانون وأنه أبحر في درس القواعد القانونية وفي بحث إختلاف الشروحات والتفسيرات لها وإجتاز بنجاح الإختبارات المطلوبة.

قد يكون هذا الشعور مبررا لدى البعض إذ أن الطالب وبعد إجتيازه للإختبارات نتيجة الدراسة لسنوات عديدة يكون قد إستعرض محطات قضائية كرسها الإجتهاد إضافة الى أراء فقهية أضحت بفعل عمقها وجدية حججها بمثابة النص غير المكتوب.

بيد أن هذا الشعور بفائض المعرفة، قد يسقط أحيانا على أرض الواقع إذ يتبين أن الدراسة النظرية وعلى أهميتها لا تكفي لمواجهة مصاعب ووقائع العمل الميداني، فلقد أثبتت التجارب في كل حقول المعرفة والعلم، أن الممارسة التطبيقية تبقى المعيار الموضوعي والإختبار الأصعب الذي على أساسه تقاس درجات النجاح، ولهذا تبنى قانون تنظيم مهنة المحاماة مبدأ التدرج لسنوات ثلاث بعد إجتياز إمتحان الدخول الى نقابة المحامين كبوابة إلزامية لإكتساب صفة محام بالإستئناف.

يجمع التدرج بين الممارسة الفعلية للمهنة من خلال نشاط المتدرج وعمله اليومي في مكتب المحاماة وحضور الجلسات أمام المحاكم، وبين رفع مستوى الثقافة القانونية، بحضور المحامي المتدرج المحاضرات التي ينظمها مجلس النقابة، ومن يتابع عن كثب المستوى النوعي لهذه المحاضرات سواء في إختيار المواضيع أو في إنتقاء المحاضرين يتلمس بوضوح مقدار المعرفة التي توفرها، خصوصا أنها تعتمد في طرحها لمواضيع البحث أسلوبا مبتكرا، يضع المتلقي في موقع متقدم من المعرفة والإلمام بالمواضيع المستجدة، ويقدم له غزارة في المعلومات وصورة واضحة عن التطبيقات العملية.

يا ليت بعض أهل السياسة ينتهجون النهج نفسه فينتقلون من الكلام النظري عن إحترام القانون والمؤسسات، وعن إحترام حقوق الإنسان والمواطنة، الى التطبيق العملي فيقرنوا القول بالفعل، ويزيلوا الهوة بين ما ينطق به لسانهم، وما تقترفه أياديهم.

وقد يكون مفيدا أن تفرض عليهم نقابة المحامين بما لها من حضور على مستوى الوطن وبما تتمتع من مصداقية، سلسلة من محاضرات التدرج في حب الوطن والحفاظ على أمنه وإستقراره، لعلهم يستيقظون من سباتهم ويعودون الى رشدهم فيعيدون الاولوية لوطنهم
ونقترح عليكم أن يكون عنوان المحاضرة الأولى: “لا وطن بلا رئيس”. والمحاضرة الثانية: “وحدتنا الوطنية تتقدم على كل إعتبار”. والثالثة: “الدولة هي الضمانة الوحيدة لعيشنا المشترك، فلا أمان ولا مستقبل لأولادنا إلا في ظل الدولة ومؤسساتها الشرعية فقط”. والرابعة: “الدولة التي نحلم بها هي دولة النزاهة ومحاربة الفساد.

البعض بلغ حد التعاطي مع الفراغ الرئاسي بمزيد من الإستهتار وانعدام المسؤولية الوطنية. في الحقيقة، بعضهم معطل، والبعض الآخر أداة للتعطيل. وجميعهم يتجاوز كل القيم والاعراف ويضرب بعرض الحائط المصلحة الوطنية ويعرض لبنان لكل أنواع الأزمات والمخاطر، لهم نقول: إن الفراغ الرئاسي هو علة العلل، ولا شفاء للبنان الا بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن وأي خيار آخر، هو خيار ترقيعي لا يمكن أن يؤدي الى انتظام الحياة السياسية والدستورية، فأزمة لبنان الحالية تفاقمت بالشغور الرئاسي وانتخاب الرئيس هو بداية الحل.

لطالما كان لبنان القلب النابض في هذا المحيط لقد كان هذا الوطن في موقع الريادة دائما. فلا يجوز أن يهتز على وقع الأزمات المفتعلة التي باتت تضرب إقتصاده، وأمنه، واستقراره، وصورته وإنسانه.

كفى عبثا بمصيره، كفى تلاعبا بحياة الناس وأمنهم. إنها لحظة للمسؤولية التاريخية، إنها ساعة للمسؤولية الوطنية. فلنسرع بانتخاب رئيس للجمهورية لننقذ الجمهورية”.

وإذ أشاد بنقيب المحامين، أشار الى أن عطاءاته “لا تحدها ولاية أو زمن”، وقال: “هذا الرجل المميز، حجز لنفسه مكانا مرموقا في قلوب أهل العدالة، وزرع خيرا في هذه النقابة، ستبقى ثماره ظاهرة لزمن طويل. لقد كان، وما زال، بحضوره، وشفافيته، وشجاعته وقربه من الناس، مرشحا دائما للنجاح وأهلا للثقة”.

وتوجه الى جريج بالقول: “تحية تقدير وامتنان لك على ما قدمت ولكل أعضاء النقابة التحية على ما قدمتم خلال ولايتكم. وفق الله هذه النقابة لتبقى منارة للعلم والفكر وحصنا منيعا للعدالة”.

الجميل

أخيرا، تحدث الجميل فقال: “منذ زمن أتحين هذه المناسبة. فاللقاء مع المحامين، والمتدرجين منهم، يعيدني إلى ماض عابق بالحنين البهي والذكريات الجميلة، إلى زمالة الروب وعشرة قصر العدل وألفة النقابة. هنا نشأت محاميا أؤمن بالحق والعدالة، فكانت قيم النقابة امتدادا لتلك التي تربيت عليها في عائلتي وبيئتي الوطنية.

لذا، أي مجتمع أولى من مجتمع المحامين لأتحدث أمامه عن الوطن والحق والقانون والدستور؟ إن ندوات التدرج التي تنطلق اليوم، هي التربة الصالحة التي تنبت فيها كلمات المنطق والدستور في زمن العيش خارج قواعد المنطق وأحكام الدستور. فيا أيها المتدرجون الجدد، كونوا مستقبل الحق في لبنان، كونوا النجم الساطع، لتكسبوا شرف الانتماء إلى هذه النقابة العريقة والمميزة.

عبر تاريخها، ظلت نقابة المحامين في بيروت، بل في لبنان، جبهة الدفاع عن الحريات وكرامة الانسان، ومعقل الحق والقانون. فمن الأجدر منكم، أيها الزملاء الأعزاء، بإطلاق حراك وطني لتطبيق الدستور وإنقاذ مؤسسات الدولة ونصرة القانون؟ من أجدر منكم بإطلاق حملة ضد الفساد والزبائنية؟ فهذه النقابة التي خرجت كبار رجالات لبنان في الإدارة والسياسة والحكم، مدعوة اليوم أن تقدم للبنان طاقما سياسيا جديدا لقيادة مؤسسات الدولة في وقت تترنح الطبقة السياسية الحالية أمام الأزمات المتنوعة.

من البداية إلى النهاية، ما تعرض لبنان لخطر إلا حين كانت مجموعة من مكوناته تخرج على الدستور والقانون. وما تحولت أزماتنا السياسية والاقتصادية والقومية والطائفية حروبا إلا حين أبينا حلها انطلاقا من منطق الدستور وبنوده، وذهبنا بعيدا نراهن شرقا وغربا، ونحلم بانتصارات عبثية ووهمية.

أفهم أن تحتكم شعوب أخرى في هذا الشرق إلى العنف لتحقق مطالبها، فدساتير هذا الشرق “بلاغات رقم واحد”، لكن الشعب اللبناني حظي بدستور هو الأعرق في العالم العربي: وضع سنة 1926، والأفضل: يفصل بين السلطات، والأمتن: لديه مناعة ضد الانقلابات، والأجود: يضمن الحريات الفردية والجماعية، والأجرأ: ينحو نحو اللامركزية والمدنية، والأسمى: يستلهم الشرائع والقيم والدساتير العالمية الديمقراطية، والأصلح: يفسح المجال أمام إدخال تعديلات عليه، وقد عدلنا دستورنا مرتين: سنة 1943 في الاستقلال، وسنة 1989 في الطائف. وفي المرتين حصل التعديل وفق الأصول الدستورية.

ليس الدستور نصا أدبيا نأنس به أوقات الفراغ، بل هو راعي وناظم الحياة الانسانية والوطنية والدولية في كل لحظة. الدستور هو ما يبقي في الدولة ومنها بعد أن يزول كل شيء. إذا سقطت دولة وبقي دستورها يعاد بناؤها على أساسه، فكم دولة اجتيحت واحتلت فحافظت على شرعيتها لأنها صانت دستورها؛ وكم دولة اضمحلت من دون احتلال لأنها أسقطت دستورها ففقدت شرعيتها ووحدتها.

وضعت الدساتير لنقل الانسان من نظام الطبيعة إلى نظام الدولة، والجماعة من واقع الحروب إلى واحة السلام. لذا إن الاعتراف بالآخر، وهو فعل سلمي، يمر حتما بالدستور، فيما عدم الاعتراف بالدستور، وهو فعل عدائي، يلغي حسن العلاقة بالآخر. إن الولاء للدستور هو الولاء الوطني. وخلافا لما كان سائدا، ليست الوطنية محبة الوطن بالمطلق، بل احترام الدولة والتقيد بقوانينها. وبالتالي، إن كل تضحية خارج الدستور والدولة هي تضحية عبثية، وكل مشروع سياسي خارج الدستور والدولة هو مشروع مشبوه.
واللافت، أن كل مكون لبناني انحاز إلى الخارج واستجار به لتغيير الواقع الداخلي عسكريا لمصلحته، انتهى به الأمر بالعودة إلى الحوار والاحتكام إلى الدستور والقوانين لإحداث التغيير الوفاقي. هكذا حصل بعد أحداث سنة 1958، هكذا حصل بعد حرب السنتين، وهكذا حصل بعد المعارك الانتحارية بين سنتي 1988 و 1990 ما أدى إلى اتفاق الطائف، وهكذا سيحدث قريبا.

أمام هذه الوقائع، لماذا لا نعتبر من التاريخ القديم والحديث؟ لماذا ننتظر سقوط الضحايا وخراب البلد قبل الاتفاق؟

لا ننتظرن فرجا من حل الحرب السورية، أو من الاتفاق النووي، أو من التقارب الإيراني الخليجي، بل من منطق الدستور وبنوده وروحه، من تقاليدنا اللبنانية وأعرافنا والتراث، فنبني دولة القانون والحق والمساواة.

هناك دول لديها دساتير مكتوبة وأخرى لديها أعراف شفوية. أما نحن فلدينا الاثنان، لكننا لا نحترم لا هذا ولا ذاك. نحسد على ما لا نقدر، ونشتهي ما لا يحسد الآخرون عليه.

لماذا نعلق مصيرنا ومصير الأجيال الآتية بصراعات المنطقة والعالم، وهي صراعات لامتناهية، خصوصا أن كل اللبنانيين متفقون على ضرورة تطوير النظام وابتداع هيكلية وطنية مناطقية ولامركزية تحترم وحدة الدولة من جهة، والخصوصيات الثقافية ونمط الحياة من جهة أخرى. لكن يفترض بهذا التغيير أن يحدث من خلال الآلية الدستورية، وليس بالقوة وبالتعطيل وبدفع الدولة نحو الانهيار وكأن هناك من ينتظر سقوطها ليبني مكانها دولة أخرى لا تشبه اللبنانيين ولا تعدديتهم الحضارية، ولا انتماءهم العربي، ولا نمط حياتهم النموذجي.

الدستور اللبناني يلحظ تطبيقه وتعديله، لكنه يحظر تعطيله وتعليقه. وبالتالي، كل ما هو خارج التطبيق والتعديل هو حالة انقلابية. ومن يفتعل هذه الحالة يستهدف تغيير لبنان لا تعديل الدستور لإصلاح الدولة. وهذا بالضبط ما نعانيه اليوم. لا يجوز أن نستغل بنود الدستور في اللعبة السياسية، بل يجب أن نستفيد من بنود الدستور لحل الاشكالات التي تفرزها الصراعات السياسية. غير أن هناك من يخترع إشكالات سياسية بغية إظهار الدستور اللبناني عاجزا عن حلها ليبرر لاحقا انتهاك الدستور ونسف مقومات الدولة اللبنانية. حبذا لو يعرف هؤلاء البديل من الدولة اللبنانية ودستورها وميثاقها وصيغتها، وحبذا لو يملكون الضمانات بأن ما يريدونه أفضل مما هو موجود. إنها الملاحة السياسية في المجهول. إنها المغامرة بالبلد والذات!

نحن نعيش انقلابا دستوريا موصوفا تحول انقلابا على المؤسسات والنظام. والانقلاب على الدستور لا يقل خطرا من الاعتداء على السيادة والاستقلال والأرض، لأن الدستور يصون هذه القيم لا هي تصونه.

إننا نشهد انتهاكا للدستور وتجاهلا للقانون عبر نقل الخلافات إلى الشارع أو عبر طرح تسويات لها من خارج نص الدستور وروحه، في حين أن الدستور قادر على إعطاء جواب لكل قضية في حال كان الهدف إصلاحيا. الدستور يتقبل الاجتهاد لكنه يأبى البدع. وما أكثر البدع هذه الأيام. وكم من هرطقات دستورية ترتكب باسم تسويات سياسية.

من خارج الدستور والقوانين تطرح تسوية لسد الشغور الرئاسي، وتسوية للتعيينات العسكرية والأمنية، وتسوية لآلية عمل مجلس الوزراء، وتسوية لتأخير التسريح في الجيش، وتسوية للتشريع في المجلس النيابي، وتسوية للسلاح غير الشرعي، وتسوية للأحكام القضائية، وتسوية للسجناء الإرهابيين، وتسوية للرواتب والأجور، وحتى تسوية للنفايات، وكم هي متنوعة. والأنكد، أن من يرفض هذه التسويات العشوائية المناقضة للدستور والقوانين يتهم بالعرقلة، ومن يروج لها ويقبلها يوسم بالوفاقي؛ وكأن الدستور أصبح عائقا أمام الحلول، فيما هو الحل. وأساسا ما كانت هذه التسويات والمساومات والمحاصصات لتطرح لو احترم الدستور وانتخب رئيس للجمهورية.

انتخاب رئيس الجمهورية هو استحقاق دستوري ذو طابع وطني، وليس استحقاقا سياسيا يحتم حصول تسوية دستورية لكي يتم. وبالتالي، نرفض أن نعيد النظر بالحالة اللبنانية كلما حان موعد انتخاب رئيس جمهورية جديد. وإذا كان من نية لإعادة النظر بالدستور أو بالنظام، فبعد انتخاب رئيس وليس قبله. الرئاسة خط أحمر، وهي بالنسبة لنا بمستوى وحدة الكيان. فكما ربط الدستور في مقدمته بين التقسيم والتوطين، نربط أيضا بين الرئاسة ووحدة لبنان. لقد ناضلنا وقاومنا وكافحنا طوال 1400 سنة لنشهد ولادة الدولة اللبنانية، ولنرى أول تعددية دستورية وميثاقية ومدنية في هذا الشرق. وإذا كان لبنان رسالة فرئيسه يجب أن يكون رسولا.

ما يجري على الصعيد السياسي يجري مثله على الصعيد الاداري والرقابي والمالي. فالدولة تجري مناقصات خارج لجنة المناقصات العامة لتمرير صفقات بمنأى عن الشفافية. والدولة تصرف الأموال من دون موازنة توقف الانهيار المالي المتواصل. والدولة تخفض القدرات البشرية والتقنية لأجهزة الرقابة من مجلس خدمة مدنية، وتفتيش مركزي، وديوان محاسبة، والهيئة العليا للتأديب، ذلك ليستمر الفساد بعيدا عن الرقابة وللحؤول دون نهج النزاهة واعتماد معيار الكفاءة ومبدأ الانتاجية. والدولة تخلق أيضا إدارات رديفة للإدارة الرسمية وجيوش مستشارين بموازاة كبار الموظفين لحماية المحاصصة والزبائنية. والدولة تنشر ثقافة المصالحات الطائفية والعشائرية للهروب من عدالة القضاء.

لا يستطيع لبنان أن يستمر على هذا المنوال. لا تستطيع دولة لبنان أن تحيا وفيها أكثر من دستور، وأكثر من إدارة، وأكثر من جيش وأكثر من شعب. ولا تستطيع دولة لبنان أن تحيا وفيها أقل من حدود، وأقل من سيادة، وأقل من ولاء، وأقل من أخلاق وطنية. هذه مواد سقوط الأمم والمجتمعات.

وأبرز تجليات الانقلاب الحاصل هي: رهن لبنان للخارج، ربط الدستور بالسياسة، تحويل الانتخاب إلى تعيين. والشعب معلق بحبال الهواء.

هناك قرار اتخذه أطراف لبنانيون وإقليميون، متعددو الاصطفافات، بتعليق النظام، بل كل الجمهورية اللبنانية إلى حين وضوح أسس الحل النهائي في سوريا وسائر دول الشرق الأوسط الملتهبة والمجهولة المصير. لن يفرج هؤلاء الأطراف عن الاستحقاق الرئاسي قبل معرفة حصتهم ودورهم في التسوية الإقليمية، وهي، على ما يبدو، تسوية معقدة وطويلة، وهي أقرب إلى مشكلة إضافية منها إلى حل حقيقي. وما يزيد الاستهجان، أن يصر هؤلاء الأطراف على أن يسبق الانتخابات تفاهم لا على اسم الرئيس العتيد فحسب، بل على سياسته وملبسه ومأكله ومشربه. بمعنى آخر إنهم ينزعون عن الاستحقاق الرئاسي صفته الدستورية، ويحولون الانتخابات الديمقراطية تعيينا، ويربطون التعيين باسم محدد، وبالخضوع لشروطهم. فعدا أن هذا الأمر هو انتهاك للديمقراطية حتى بمفهومها التوافقي، فإنه يفوق مساحة صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث أن سلطة القرار السياسي باتت مجلس الوزراء وليس رئيس البلاد.

 الخروج من هذه الفوضى القاتلة، يكون بالعودة إلى ينبوع الخلاص الوطني الذي هو الدستور، حتى للقوى التي لديها ملاحظات على الدستور وترغب بتعديله. هذه هي تقاليدنا، وهذه هي ثقافتنا منذ خمس وتسعين سنة، ولم نخرج عنها لا في زمن الانتداب، ولا في زمن الوصاية، ولا في زمن الاحتلال.

لقد أظهر تاريخ لبنان القديم والحديث أن القوة تستطيع تدمير لبنان لكنها عاجزة، مهما تجبرت، عن بنائه. وأظهر تاريخ لبنان القديم والحديث أن القوة تتحول نقطة ضعف لدى المستقوي بها حين يعتمدها معيارا للتعاطي مع الآخر. لا يتحمل لبنان منطق السيطرة بل منطق المصالحة، ولا منطق التحدي، بل منطق الوفاق. المصالحة تعني المشاركة والعدالة والمساواة.

في ظل هذا الوضع القاتم في البلاد، تعالوا نجد حلا لمشاكلنا وطموحاتنا وأحلامنا عبر نظامنا الديمقراطي، وباستلهام القيم والأولويات الوطنية والمسارات الدستورية. تعالوا نوفر على بلادنا الانزلاق في فوضى الشرق الأوسط، وفي ربيعات عربية تحولت عواصف هوجاء، فأضافت على الاستبداد إرهابا.

إن العالم اليوم يتجه نحو حل قضاياه وتحديث مفهوم الحكم من دون تعديل الأنظمة، وذلك من خلال الحوكمة الرشيدة التي هي عمليا: كيفية إدارة الحكم والنظام والمجتمع بحيث تصبح كل الأفعال والمبادرات في الشأن العام خطوات تعزز الاستقرار والسلام.

الحوكمة الصالحة هي فن استباق الازمات ومعالجة المشاكل وطرح الحلول الوقائية حينا والجذرية حينا آخر. الحوكمة الصالحة هي حضارة الاعتراف بالآخر في زمن العولمة. والآخر هذا ليس بالضرورة من نراه ويشبهنا، بل من نعيش معه في الوطن والعالم ويشبه نفسه أولا. الحوكمة الصالحة هي القدرة على استخراج كل طاقات بنى النظام، فينشأ تنسيق ذكي بين المركزي واللامركزي، بين العام والخاص، بين السياسي والأمني، بين الاجتماعي والاقتصادي، وبين الجماعة المنتخبة والمجتمع المدني. هكذا تتفاعل كل مكونات الحكم والسلطة والدولة والشعب عبر قيم الأخلاق والمسؤولية والحرية، فيزول القهر والغبن والتفرد والاستقواء. إذا كانت الحوكمة في الدول المتقدمة وفرت أزمات وحروبا وثورات اجتماعية، فلما لا نعتمدها في لبنان لتطعيم إدارة الحكم والخروج من مشاكلنا عوض الاحتكام إلى العنف وتعطيل الحياة الدستورية؟

الاحتكام إلى الحوكمة الصالحة أو العنف تمر به اليوم دولتان عربيتان جارتان: تونس وليبيا. تونس التي خرجت من ربيعها الدموي إلى الديمقراطية من خلال الانتخابات الحرة والحوار الاجتماعي والمصالحة الوطنية، اعتمدت مفهوم الحوكمة فنال صانعو سلامها جائزة نوبل للسلام. وليبيا التي لا تزال تتخبط بحربها وينتشر الارهاب في إرجائها وتصدره.

أي نموذج نختار وقد كنا النموذج والخيار؟ وأي نوبل نختار؟ نوبل بناء الدولة أم نوبل إسقاطها؟”، لم يفت بعد الأوان لننقذ لبنان.

أعتقد أن مجموع هذه الأفكار يمكن أن تشكل نهجا واقعيا ودستوريا وفانونيا ووطنيا لإنقاذ لبنان. الحلول موجودة من خلال الدولة والدستور والمؤسسات. الحلول موجودة من خلال الحوكمة الرشيدة والحوار الصادق والإصلاح التقدمي. الحلول موجودة من خلال الولاء الحقيقي والمنطق الميثاقي. الحلول موجودة من خلال الأمن الشرعي والاستقرار الاجتماعي والحياد الإيجابي. الحلول موجودة تنطلق من انتخاب رئيس للجمهورية. الحلول موجودة ما دامت نقابة المحامين هنا، وتخرج كل سنة متدرجين يحملون لبنان بعين والعدالة بعين أخرى”.

اترك رد