الأب كميل مبارك
أيها الشباب
تحملون على كواهلكم مسؤولية خطيرة ومباركة ليس لأنكم تخرّجتم من الحكمة بشهادات مُزيّنة بأسمائكم وبتواقيع المسؤولين عنكم الذين أحبّوكم ورعوكم وسهروا على الّا تكونوا إلّا كما يحلم بكم ذووكم ونحلم.
تحملون مسؤوليات جسام لأنّكم أعطيتم وطنًا لم يحظَ بمثلهِ كثير من شعوب الارض.
• هذا الوطن ليس جبالًا ووهادًا ولا أنهارًا وبحارًا ولا سهولًا وهضابًا، إنّما هو وطن الحرّيّة.
وما إن رآه البطريرك يوحنا مارون مؤسس الكنيسة المارونية حتى قال: “هذا الجبل مساحة حريّة” ومسؤوليتكم التشبث بهذه الحرّيّة وتعليمها وعيشها وزرعها، ليس فقط في قلوب ابنائكم بل في أرجاء هذا الشرق كله، الذي لم يفهم بعد معنى الحرّية لا كلامًا ولا عيْشًا، وفي بقاع الغرب الذي جعل الحرّيّة تحرّرًا من كل القيم والفضائل وانفلاتًا أخلاقيًّا وصل الى تشريع الخطأ والخطيئة وكل ما يُخالف الطبيعة.
• إنّه وطن الديمقراطيّة منذ آلاف السنين، وقد مررنا بسنين من الظلم والقساوة والقهر، والهدف محوَ هذه الديمقراطية، غير أننا حافظنا على روحها، واليوم انتم في زمنٍ تهدِّد فيه أحداث العالم هذه الديمقراطية، ومسؤوليتكم ان تحملوها في قلوبكم لكم وللعالم.
• إنّه وطن التلاقي بين الثقافات والحوار الفكري المسؤول. لقد أعطانا الله العقل واللسان لنتفاهم بالكلام والمنطق، ومسؤوليتكم الا تتخلّوا عن هذه الهبة الإلهية التي تميّز الناس عن سائر المخلوقات، إذ في التخلّي عنها تخلٍ عن شرف الانسانية وسقوط الى دركات الجهل والجهالة.
• إنّه وطن الايمان بعيدًا عن التديُّن المزيَّف والمزيِّف، وطن القداسة وهي أجمل هدايا الارض الى السماء. ومسؤوليتكم ان تعطوا للعالم كلّه هذه الصورة عن وطنكم لتمحوا بها صور التخلّف والعنف والانحراف الخلقي والرعب الارهابي.
ايّها الشباب،
تعتّقوا في خوابي الخير فكرًا وعطاءً ولا تنسوا أنّكم من وطن أوّل مَن فكّر للانسانية كلّها بالحرف والابجدية وبنى امبراطورية بالسلام واللقاء.
*****
(*) ألقيت في حفلة تخرج طلاب جامعة الحكمة- بيروت في دورة 140 سنة نوعيّة وتميّز 24 يوليو 2015.