عبدالله الجعيدي
مايدور في كل محافظات الجنوب لهو أهون بكثير مما ينتظر حضرموت التي يدّعي البعض أنها أمنة وستبقى أمنة.
فالجميع يتحيّن ساعة الصفر للانقضاض على تلك الأرض التي تعتبر بالنسبة لهم الهدف الاول والاستراتيجي، لما لها من أهمية جغرافية وتاريخية وثقافية واقتصادية كبرى.
وكل تلك المطامع يخطط لها الجميع في ظل غياب شبه كامل لأبناء حضرموت وكذا الجيران في المملكة العربية السعودية، الذين إلى الآن لم يدركوا أهمية حضرموت والحضارم بالنسبة لهم، ولن يدركوا تلك الأهمية، للأسف الشديد، حسب ماتشير إليه الدلائل الأنية، وأخشى أن لا يدركوا ذلك والأخطار التي تهددهم إلا بعد فوات الأوان…
فهناك العديد من القوى الداخلية والخارجية تتصارع على أن تظفر بحضرموت وقد تكون تلك القوى متّفقة في مابينها لأن تجعل تلك الجغرافياء أمنة لو موقتاْ، أي إلى ما بعد انتهاء العمليات العسكرية في المناطق الملتهبة. لتكون المعركة الفصل والحقيقية هي على الأرض الحضرمية حيث سيسعى الجميع إلى النصر مهما كلّف الأمر.
لذلك نقول إن الخطر المحدق بحضرموت كبير وكبير جداً. فهناك خلايا مؤتمرية وأخرى إصلاحية وأخرى حوثية متواجدة على التراب الحضرمي، تنتظر الإشارة من مركز القرار لتنفيذ المهام التي انيطت بها.
وعلى سبيل المثال ألوية المنطقة العسكرية الاولى التي يقدر تعدادها، حسب تقارير عسكرية، بخمسة عشر الف جندي وضابط، تلك الالوية التي لايريد الكثير من أصحاب الشأن معرفة حقيقتها او حقيقة هدفها العسكري وانتمائها السياسي وما تشكله من خطر، إن لم نتداركه اليوم لن يكون بمقدورنا تداركه غداً.
أما مايسمى بتنظيم القاعدة فهو من صنيعة حزبي المؤتمر والإصلاح، فلكل حزب من تلك الأحزاب الانتهازية والفاسدة ذراعه العسكري القاعدي الخاص به، والذي صنعه للقيام بأعمال إرهابية معينة نيابةً عنه، وتحت مسمى القاعدة، ذلك البعبع الذي تلوّح به أو تحركه تلك الأحزاب في الزمان المناسب والمكان المناسب، بغرض تحقيق أهداف ومطامع سياسية، وقد يكون بعض أعضاء ذلك التنظيم يجهلون أنهم تابعين لأي من تلك الأحزاب، وتلك هي عملية استخباراتية شيطانية محكمة تدار بأيدٍ متخصصة لاتترك أي بصمة تدينها في كثير من الأحيان.
ولكن في هذه المرة تركت العديد من البصمات لا بصمة واحدة. وماسقوط المكلاء خلال ساعات معدودة دون أي مقاومة تذكر لأكبر دليل على ذلك.حيث تبخرت كل القوات وأصبحت مناطق تمركزها خاوية على عروشها، وسقطت كل المرافق الحكومية والمواقع العسكرية، وأطلق سراح المساجين، وتم الاستيلاء على البنك المركزي، ونهبت مليارات الريالات اليمنية والعملات الاجنبية الأخرى منه على مرأى ومسمع من الجميع، من دون أن يحرك أحد ساكناً أو ينطق ببنت شفاة… ولو نعود بالذاكرة قليلاً إلى ليلة سقوط المكلا بالذات بأيدي مايسمونه تنظيم القاعدة، لاتضح لنا أن تسليم المكلا تم باتفاق معين، البعض قد لايجهل اطراف ذلك الأتفاق.
وردت أخبار في تلك ىالليلة أن هناك معركة حامية الوطيس تدور في كل أحياء مدينة المكلا، وذلك من خلال سماع سكان المدينة إطلاق النار وبكثافة شديدة وبالاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وتوقع الكثير أن تكون المدينة دمرت وتضررت كثيراً وستصبح اثر بعد عين من شدة المعارك، ولكن عند شروق الشمس اتضح ان المكلا كما هي، لم يتأثر فيها باب أو شباك أو جدار فيماعدا أضرار بسيطة جداً لاتكاد تذكر حينها. أدرك الكثير من العسكريين بالذات أن معركة البارحة في المكلا ماهي الا قنابل صوتية تخفي خلفها عملاً مرتباً ومدروساً لإيهام الناس بأن سقوط المكلا كان نتيجة معركة حامية الوطيس مع تنظيم القاعدة.. ولو نقارن بين عدد الذين سقطت المكلا بأيديهم وبين عدد القوات الموجودة في المنطقة العسكرية الثانية، فلا أعتقد أن هناك أي مجال للمقارنة في العدد والعدة والاستعداد، ولكن هناك مخططاً جهنمياً يراد به خلط الأوراق في حضرموت استعداداً لما بعد ذلك…
فهل سندرك جميعاً الخطر المحدق بنا وبأرضنا، أو سنبقى ننتظر الكارثة القادمة إلينا من دون أن يحرك أحد ساكناً؟
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد…