يوحنا العاشر أطلق المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للإعلام جريج : معكم في رفضكم للفدرالية في لبنان وكل أشكال الدول الطائفية أو المذهبية

أطلقت بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس “المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للاعلام”
majmaa intaki 1خلال حفل حاشد اقيم في اوديتوريوم الزاخم حرم جامعة البلمند.

 حضر  الحفل البطريرك يوحنا العاشر يازجي، وزير الاعلام رمزي جريج، البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وممثل عن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي المطران انطونيوس الخوري، ممثل عن بطريرك السريان الارثوذكس، نائب رئيس مجلس النواب السابق عصام فارس ممثلا بالعميد وليم مجلي، والنواب فادي كرم، نضال طعمة ورياض رحال، والنائبة السورية ماريا سعادة، ورئيس الهيئة العليا للتأديب مروان عبود، ومحافظ بيروت زياد شبيب، وممثلي الاحزاب والقوى السياسية، مطارنة الابرشيات الارثوذكسية وكهنة، السفير اليوناني تيودورس باساس، ورئيس جامعة البلمند الوزير السابق ايلي سالم والمطارنة والأساقفة المشاركون في المجمع الأنطاكي المنعقد حاليا في البلمند، وعدد من السفراء اللبنانيين والاجانب ومجلس امناء جامعة البلمند، وقادة امنيين، ورهبان وراهبات وحشد من المدعوين وشخصيات سورية ولبنانية.

 بداية النشيد الوطني اللبناني التي عزفته أوركستر أورفيوس السورية، ومن ثم ألقى الأسقف غريغوريوس خوري كلمة باسم المركز تطرق فيها إلى رسالة الإعلام الكنسي وسط عوالم وفضاءات الإعلام.

 جريج

 ثم القى وزير الاعلام رمزي جريج كلمة استهلها بالقول :”يسعدني أن اخاطبكم من البلمند، هذه التلة الجميلة التي تحتل حيزا كبيرا في وجداننا الوطني، وتختزن، ديرا وجامعة ومقرا بطريركيا، كل امجاد انطاكية وتألقها الروحي والحضاري”.

 وقال :”مسيرة الصروح البلمندية، القديمة منها والجديدة، تختصر في رسوخها وانطلاقها أفاق هذه الأرض التي فيها اولا دعي التلاميذ مسيحيين، منذ ما يقارب الألفي سنة. ولأنه لا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، فلقد كان ينبغي للنور البلمندي أن يضيء لجميع الذين في البيت، قياما بدور الكنيسة في أداء رسالتها الهادفة إلى أن يعم الخلاص الناس أجمعين. وهي أصلا لم توفر جهدا في نقل البشارة إلى المسكونة كلها، انطلاقا من هذه الأرض المشرقية، شاهدة حتى الدم لإيمانها، ومقيمة في الوقت نفسه جسور تواصل ومحبة مع غيرها من الأديان السماوية.majmaa intaki 2

 إن اختطاف المطرانين الجليلين دليل مؤلم على معاناة كنيستنا، وايمانها، رغم ذلك، بالأخاء والعيش معا”.

 نقيم اليوم هذا الاحتفال من أجل إطلاق العمل بالمركز الأرثوذكسي الأنطاكي للإعلام، وهو الإنجاز الجديد الذي يضاف إلى الإنجازات المتعددة التي شهدها الكرسي الأنطاكي خلال العقود الأخيرة، والتي باتت تشكل شواهد أساسية على فاعلية الحضور المسيحي في الشرق. من هذه الانجازات مركز الدراسات المسيحية الاسلامية في جامعة البلمند، الذي اسسه المثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع، ليكون مساحة حوار بين هاتين الديانتين، ومجالا للشراكة القائمة بين ابنائهما، باعتبار انهم، في ظل هذه الشراكة، عاشوا معا خمسة عشر قرنا، وسيبقون هكذا، ولن يستطيع احد تشويه ماضيهم وتدمير مستقبلهم، لأن الشر مهما امتلك من ادوات لقتل الجسد، فهو عاجز عن ان يخمد الروح او ان يطفئ النور.

 المركز الارثوذكسي للاعلام، الذي تطلقونه اليوم، يا صاحب الغبطة، هو تتويج للحركة الثقافية النشيطة في البلمند وتحقيق للعهد الذي اعلنتموه في رسالة التنصيب وتأكيد لالتزام الكنيسة بقضايا الانسان والمجتمع واقتناعها بدور الاعلام، بكل وسائله، في نشر العقيدة المسيحية وتعميم القيم الاخلاقية المستمدة منها. وهو، في الوقت عينه، مساحة للحوار بين ممثلي جميع الديانات، التي يتشارك ابناؤها في العيش معا وفي مواجهة المشاكل الانسانية والاجتماعية ذاتها.

 ولأجل مواكبة مقتضيات العصر، لا بد للمركز الارثوذكسي للاعلام من اعتماد وسائل الاتصال الحديث للتعبير عن نظرة الكنيسة الى القضايا المطروحة بشكل يجعلها في متناول كل الناس بيسر وسهولة، ذلك ان استعمال تكنولوجيا الاتصالات المعاصرة اصبح شرطا لازما وضروريا من اجل مخاطبة الاجيال الطالعة وتقريب الفكر الكنسي اليهم.

 كيف لهذا الاحتفال في البلمند أن يعبر دون الالتفات إلى قامة صحافية شامخة كانت أول من ترأس هذه الجامعة، وتركت بصمات واضحة في الاعلام والسياسة، هو الراحل الكبير غسان تويني، الذي دعا من على هذا المنبر في 14/10/1993 الى تجاوز الخوف واعلن بثقة المؤمن أن بعد كل زمن رديء يجيء زمن غفران وتصافح وتبادل محبة. ولكم نتذكر مقالاته اليوم، ومؤسساتنا الدستورية معطلة بسبب استمرار شغور رئاسة الجمهورية منذ اكثر من سنة، وهو امر تدينه جميع القيادات الروحية، المسيحية والاسلامية، معبرة في ذلك عن موقف وطني جامع.

في السياق ذاته كم أفرحنا، يا صاحب الغبطة، رفضكم في مؤتمركم الصحافي الاخير الفدرالية في لبنان وكل اشكال الدول الطائفية او المذهبية، وتأييدكم قيام دولة واحدة جامعة للكل وحاضنة للجميع، وتمسككم بثوابت العيش المشترك.

 لم أنظر يوما إلى الإعلام إلا كأفضل تعبير وأسمى تجسيد لقيمة الحرية، وخصوصا حرية المعتقد، حتى إنني دعوت عند تسلمي هذه الوزارة إلى أن يصبح اسمها: وزارة الحريات الاعلامية. ولكنني في محطات كثيرة أيضا دعوت إلى أن تمارس المؤسسات الإعلامية رقابة ذاتية على أدائها ليبقى تحت سقف القانون وملتزما بأخلاقيات المهنة، إذ لا يجوز أن تكون الحرية بابا إلى الفوضى؛ كما لا يجوز أن يسخر القانون لقمع الحرية. هذه المعادلة شائكة وضرورية في آن معا، ولا يستطيع تركيب عناصرها إلا من كان صاحب رسالة لا باحثا عن سبق صحافي فقط. ذلك ان الاعلام مهنة ذات بعد رسالي، يفرض على من يمارسها التحلي بمزايا عديدة اهمها الصدق في نقل الخبر والموضوعية والرصانة في ابداء الرأي، والتحرر من الضغوطات السياسية والمادية، وما اكثرها في هذه الايام.

 هل هناك رسالة أسمى وأقدس من تلك التي سوف يؤديها المركز الأرثوذكسي الأنطاكي للأعلام، وهو صوت الكنيسة الصارخ في برية هذا العالم، ومجال حر للتلاقي في حوار دائم، ينتشر من خلاله الفكر الأرثوذكسي المنفتح على سائر الديانات والأفكار.

 تحية تقدير واحترام الى صاحب الغبطة، يوحنا العاشر، المؤتمن، في هذه الظروف العصيبة، على كل تراث الكرسي الأنطاكي وعلى الوزنات التي سلمها اليه السيد المسيح فثمرها واغناها بكل ما اؤتي من حكمة واقدام”.

 يازجي

 ومن ثم أعطيت الكلمة للبطريرك يوحنا العاشر الذي بدأها طالبا من الحضور دقيقة صمت على روح المثلث الرحمة نرسيس بدروس التاسع عشر بطريرك الأرمن الكاثوليك، وقال:

” أنطاكيا الروح رسالة تواصل وإنجيلها رسالة لقيا، وهي اليوم اذ تفتتح المركز الأنطاكي الأرثوذكسي للاعلام تستظل بفيء إنجيل ربها الذي مشح المسكونة بنوره ومشح قلوب الأنطاكيين باسمه القدوس، فخرجوا إلى الدنيا وقدموا إليها ذخر ذخائرهم ربا محبا ويسوعا مخلصا، لن أطيل في الكلام عن حدث اليوم ولا عن رسالته. لكني أكتفي بالقول أن رسالة كنيسة أنطاكيا رسالة تواصل ورسالة لقيا.

قبل حوالي ألفي عام برهن هذه المقولة القديس لوقا الانجيلي الأنطاكي فتوسل الحرف ليخبر محب الله ثيوفيلوس وعبره كل محبي الله عن الأمور المتيقنة عنده والتي خطها إنجيلا، بشارة حسنة لكل المسكونة، فكانت البشارة المكتوبة.

 قبل ألف وثلاثمائة عام جاءنا الدمشقي يوحنا ابن كنيسة أنطاكية فرسخ وتوسل الصورة، أي الأيقونة، لتكون معينة الحرف للولوج إلى قلوب الناظرين ولينظر منها إلى عالم القداسة عبر اللون والظل ويظلل به العالم المنظور، فتثبتت البشارة المصورة. واليوم تنطلق أنطاكيا في رسالتها الإعلامية لتلاقي حرف مار لوقا والأيقونة العزيزة على قلب الدمشقي وعلى قلوبنا، تنطلق لتقول للعالم أن رسالتها هي بشرى العالم بالفرح وأن إعلامها مستقى من كنه وجودها إذ هي كنيسة البشرى الحسنة وكنيسة لقيا القلوب على مزود المحبة.

 أتوجه بالشكر العميق لكل من تعب ليخرج هذا المركز إلى النور، وأشكر أيضا الإخوة في كورال الكنارة الروحية وأوركسترا أورفيوس الذين سيتحفون مسامعنا بأصداء لغة الملائكة. فقبل ألفي عام توسلنا الحرف ومن ثم الأيقونة واليوم نخوض عباب المرئي والمسموع. ونحن لا نهاب العباب لأن شراعنا يسوع المسيح ومجدافنا شفاعة العذراء القائدة شفيعة هذه التلةالبلمندية المباركة، التي نسألها أن تحفظكم جميعا وتديم عليكم وعلينا وعلى لبنان وعلى سوريا وعلى هذا المشرق والعالم مراحم ابنها له المجد إلى الأبد آمين”.

 أحيا الحفل كورال الكنارة الروحية وأوركستر أورفيوس، وضم أناشيد وتسابيح كنسية في جو صلاة وتأمل تناوبت فيه الفرقتان.

اترك رد