الأديب ميشال معيكي
أُعيـد قبل أيام اطلاق العمل في “بيت المستقبـل” في مركزه الجديد في سرايا بكفيـا الأثريـة … هذا الحدث ، يعيدنا الى مطالـع ثمانينات القرن الماضي عهد الرئيـس أمين الجميّـل.
يومهـا لعب بيت المستقبل دوراً محوريّـاً في الحياة الثقافيـة والفكريّة اللبنانيـة… وبالرغم من ظروف الحرب الصعبـة حينها، فقد شكّـل بيت المستقبـل، موئـلاً لنشاطات فنيّـة–ثقافيّـة–أدبيّـة وامسيات للموسيقـى الشرق–غربية، ولسلسلة محاضرات وتكريـم قامات لبنانيـة في الأدب والفكـر، وصولا الى قضايا الشرق أوسطية والعالميّـة..
ومن سمـات بيت المستقبل في تلك الفتـرة، كانت التوجهـات التوثيقية – البحثيّة والدراسات داخل مركز الأبحـاث ، والذي واظب سنوات على إصدار مجلـة ” حاليّـات ” الفصليّـة، وكانـت ترصد وتوثّـق أحداث لبنان وكامـل دول الشرق الاوسط، عبر نشر اليوميات السياسية والتحليلاتْ، والمقالات المنشورة في صحف لبنان والعالـم ، يوم كان الوطـنُ شبه معزول عن العالم!!!.
ومن حسنات بيت المستقبل– يومذاك استقلاليته عن العَواصف السياسية والإنتماءات الحزبية المناطقيـة…
لكن ظروفـاً اخرى واحداثا أوقفـت المسار …
الكلام على عـودة النشاطات الفكريّـة والثقافيـة في هذه المؤسّسة، يطـرح الحاجة الوطنية الى قيام مراكز للبحوث والتحليـل وإبتداع رؤى وخطـط ستراتيجية تلائـم حاجات لبنان في التنميـة الشاملة للقطاعات كافة والمستدامـة…
حاجتنـا الى تخطيـط يستنـد الى البحـث العلمي القائـم على الإحصاء والإختبار والتصويب…
إن ما يحصـل حاليا في لبنان ارتجالٌ آنـي مصلحي ، على قدرْ فضفاض من الجهـل والغباء.
فيما مضى كان عندنا وزارة للتخطيط . وكان فيها خبـراء ودراسات وإحصائيات ومسحٌ للمناطق… هل نسينـا بعثة إيرفـد برئاسة الأب لوبريـه ، التي استدعاها الرئيس شهاب ، لمسح مناطق لبنان، ودراسات حاجاتـه الإنمائيّة ، في التربيـة والصحة والزراعة والصناعة والقضايـا الإجتماعيّة… أُلغيـت وزارة التخطيط بشطبـة رغبـات ومصالح سياسيات… وصار تعاقـب المسؤولين على مواقع القرار، سلسلة من إلغاء قرارات السلف لمصلحة رغبات الخلف… وتولد المشاريع وتموت بلا تنفيـذ ثم نفاجـأ ونتساءل عن أسباب تدهـور البلـد!
في بلاد العالم، تنشأ مراكزُ للأبحاث الستراتيجية والدراسات يستأنس بها قـادة الشعوب وتعتمـد في حالات كثيرة…
مراكز الأبحاث ، يستوطنها علماء وباحثون وأصحابُ اختصاص ومعرفـة وتجارب.. يسمونها في أميركا: ” خزانات الفكر”…
عندنا خزانات تولّـد زعامات متاريس للتشاتم والتخويـن…
ومعاقبة الجمهوريّـة!!!
*****
(*) إذاعة صوت لبنان برنامج “على مسؤوليتي”.