د. عماد عبد اللطيف
“كانا يسيران على شاطئ البحر ذات صباح باكر. الشمس حنون، والهواء يلف الخطى المتأنية.
صوت الأمواج يدغدغ سمعهما، بينما يتحدثان بصوت كالهمس الخجِل. حين مرا أمامي، أبصرتُ نضارة الشباب في عنفوانها. لم يُعيراني انتباهًا، أنا الجالس وحيدًا على الشاطئ الفسيح، كأنما يسيران داخل فقاعة بلورية مغلقة.
كنتُ أرى المسافة بينهما تضيق كلما أوغلا في الرمال المبتلة. تتلامس الأصابع مع وقع الخطوات الرهيفة. وحين تشابكت في لحظة مختلسة، كدتُ أُحلق من الفرح، تمنيت لو أنني أتلاشى من الوجود لأصير موسيقى كونية يتراقصان على وقع أنغامها.
وددتُ من كل قلبي أن أغدو ملاكهما الحارس صد ألاعيب الزمن. لكنهما ابتعدا وتباعدا، كنقطتين في الأفق البعيد، ثم تلاشيا؛ فاتكأتْ يدي المرتعشة على عكازي، ورحلتُ.”