“مغاور الوادي : حكاية المسيحيين الشرقيين للعالم” فيلم هو الأول من نوعه في لبنان لجهة المضمون الذي ينقل إلى العالم تراثاً ثقافياً فريداً يتمحور حول وادي قنوبين، كي لا يندثر، ولجهة التقنيات الفنية للتصوير، تنتج هذا العمل الثقافي الكبير “رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث” بتمويل من مؤسـسة عصام فارس وسيعرض في آب/ أغسطس المقبل.
العرض الأول للفيلم سيكون في الكرسي البطريركي في الديمان في آب/ أغسطس، بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يعطي دفعاً إيجابياً لمشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي المقدس، والبطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي المؤتمن بوفاء على زمن قنوبين، والكردينال مار نصرالله بطرس صفير وشخصيات مهتمة بهذه المسيرة… تأمل رابطة قنوبية أن يشارك الرئيس عصام فارس داعم هذا العمل الكبير الذي دعاه البطريرك الراعي إلى المشاركة في السنوية العاشرة لحديقة البطاركة هذا الصيف.
كشف متطوعو رابطة قنوبين للرسالة والتراث، ضمن مشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي المقدس، أكثر من مئة مغارة ومحبسة كائنة في الوادي باجزائه الثلاثة: الشرقي ناحية مار ليشع، والمتوسط في وادي قنوبين، والغربي ناحية سيدة حماطورة ودير قزحيا.
تتنوع هذه المغاور- المعالم بين مغاور لها طابع استغواري أي عميقة الأبعاد فيها صاعدات وهابطات من ترسبات مائية متحجرة، كمغاور العتم والحبيس وبرزو والشمعة والقنطرة … ، وبين مغاور محابس عرفها النساك والحبساء كمحبسة مار اسطفان التحتا والمحبسة وموربو وشوتحيت وبروحيت، وبين مغاور مدافن تحتضن عظاماً وهياكل بشرية كمغارة العبد والمحبوس وسيدة الكرم ومار سمعان، وبين مغاور تحفظ آثاراً عمرانية كالجدران على مداخلها والأجران في داخلها، مؤكدة أنها عرفت حياة بشرية في الماضي كمغاور نعامة والشمس ويوسف بك كرم وحفافي القصب، وبين مغاور تتميز باللوحات الطبيعية الرائعة المتمازجة الألوان النادرة، كمغاور الحليان والزنبقة البيضاء والفضة وقرنة الحريقة والملاك والغفران وسواها من المعالم الفريدة التي تروي حكاية الوادي المقدس، والروحانية النسكية التي تألقت فيه، والارث الثقافي الذي يحتضنه، وهو إرث وتراث مشترك بين كل الكنائس.
مواصفات فنية.
يقول مخرج الفيلم ومدير التصوير ميلاد طوق: “استعملنا تقنيات مميزة حديثة خاصة بتصوير المغاور والكهوف المضيئة والمظلمة الجافة والمغمورة بالمياه، من نوعيات عدسات الكاميرات والإضاءة المعتمدة في “ناشيونال جيوغرافي”، المستوفية تقنيات الأفلام العلمية المعتمدة عالمياً”.
يضيف: “استغرق عمل فريق التصوير المتخصص أكثر من سنة كانت بمثابة مغامرات مضنية وخطرة للوصول إلى هذه المغاور المنتشرة في مختلف أرجاء الوادي ونطاقه. يتطلب هذا العمل المضني إرادة وعزماً وصلابة وإيماناً لتحقيقه وسط ظروف طبيعية قاسية، وفي أرض وعرة محفوفة بالمخاطر. انتظرنا تعاقب الفصول للتصوير المتنوع، وفي أوقات كنا ننتظر انخفاض منسوب المياه لنتمكن من دخول بعض المغاور… أنجزنا التصوير ليغطي الفيلم عينات من أنواع المغاور الاستغوارية أو تلك ذات طابع روحي أو مدافن أو ذات خصوصية جمالية طبيعية فريدة، أو التي سكنها أهل الوادي.
يؤكد طوق أن هذا الفيلم هو الأول من نوعه في لبنان يستوفي هذه التقنيات الفنية الحديثة، ويوثق حضارة مفقودة مندثرة بمرور الزمن وعوامل الطبيعة وإهمال البشر، ويحول ماضينا وثيقة سمعية بصرية للمستقبل، مطلقاً صرخة لحاضرنا المظلم ، بالقيمين عليه ، لنستعيد بهاء الماضي بروح المصالحة والايمان والسلام .
يشير طوق إلى أن الفيلم سيعرض في مهرجانات الأفلام المماثلة التي تقام في فرنسا وإيطاليا وأميركا وسواها، بعد انجازه وتقديمه إلى مسؤولي هذه المهرجانات وموافقتهم بالطبع على عرضه.
المضمون والرسالة
المنسق التنفيذي لمشروع المسح الثقافي لتراث الوادي، كاتب سيناريو الفيلم، الصحافي جورج عرب يحدد مضمون الفيلم والرسالة المرجوة منه، يقول: “يعتبر كشف مغاور ومحابس ومعالم الوادي المقدس من أصعب برامج مشروع المسح الثقافي، وقد تحقق، محفوفاً بالمخاطر، بصبر وارادة وعزم وتسلح بالايمان لكشف صفحات مغمورة من تاريخ عابق بروحانية نسكية قشفة، هي أساس هوية الكنيسة الروحية، وإبراز، من خلال الأثر العمراني، مسيرة شعب الوادي المقدس ودعوته القائمة على عيش الفقر والصلاة”.
يضيف: ” في هذه المغاور نقرأ فصول هذه الدعوة كاملة، إذ نجد فيها أجراناً محفورة في الصخر لاستجماع مياه الدلفة الشحيحة المتساقطة من سقف المغارة لتلبية حاجات أهل المغارة، ونجد شجرة زيتون معمرة واحدة تؤمن موارد عيشهم، او تينة برية في جل مطحون من الصخر لا يتجاوز عرضه نصف المتر في أسفل الجبل. تروي هذه الآثار حكاية شعب اكتفى بهذا اليسير من خيرات الدنيا ليحافظ على الأغليين الإيمان والحرية. وهذه رسالة الفيلم الموجهة إلى العالم بالعربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية”.
يشير إلى أن هذا الفيلم ينقل إرثاً ثقافياً كبيراً يتمثل، وفق التعريف القانوني الدولي للمواقع المصنفة، بأنه يجمع فرادة خلق الله في طبيعته، وفرادة انماط الحياة التي شكلها إنسان الوادي المقدس . وقد ثبت بصورة حاسمة أن هذا التراث الفريد هو مشترك بين كل المسيحيين.
يوضح أن الفيلم ينطلق من مغارة سيدة حماطورة الأرثوذكسية إلى سائر مغاور الوادي المارونية، جامعاً صور الحياة الروحية المستمرة في هذه المعالم ، كظاهرة نسكية فريدة في العالم . وليس دعم الرئيس عصام فارس لهذا العمل إلا الترجمة العملية لإيمانه بالعمل المسكوني على طريق وحدة المسيحيين، هذا البعد الذي ينادي به البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ، ويعطيه أولوية .
يكشف أن في بداية الفيلم كلمة البطريرك الراعي ورسالة فارس الهادفتين إلى تعزيز هذا البعد وتعميق الالتزام به، وفي ختامه خلاصة الرسالة البعيدة لمشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي، وهي ان يدرك المسيحيون فرادة هويتهم، وعمق ارثهم الروحي… وهذا الإدراك هو شرط بقائهم وجوداً ودوراً وحضوراً، وأن يصغوا دوما إلى أجراس الوادي المقدس التي قرعت لأول مرة سنة 1112 في دير قنوبين ولا تزال، ويعوا أن التحدي الأكبر أن يحفظوا هذه الأجراس تقرع بصوت مسموع ولا يكتفوا منها بالصدى …
كلام الصور
1 ـ فريق العمل التصويري الى احدى المغاور .
2 ـ المخرج ميلاد طوق يخرج من أحد الكهوف بعد تصويره .
3ـ من مغاور الوادي المقدس .
4ـ رسالة فيلم المغاور إبراز الهوية الروحية إلى العالم