صرَّح ناجي نعمان، رئيس مؤسَّسة الثَّقافة بالمجَّان، بالآتي:
لا بدَّ أن يخضعَ وضعُ النُّصوص القانونيَّة لثقافةٍ ما تُسهم في تطبيق تلك النُّصوص من قبل المواطنين، وإلاَّ استحالَت حبرًا على ورقٍ في أدراجٍ، غيرَ مُحتَرَمةٍ، ولا مُطبَّقَةً، كما هي الحالُ بالنِّسبة إلى نصوص قانون منع التَّدخين في الأماكن العامَّة. ويأتي في رأس تلك الثَّقافة مبدأُ أنْ “إذا أردتَ أنْ تُطاع، فأمُر بالمُستَطاع”.
وإنَّ قانونَ السَّير العتيد الذي سيُطبَّق قريبًا مُرهقٌ مادِّيًّا، إذ لم يأخُذِ المُشَرِّعُ في الحسبان الحدَّ الأدنى الذي يقبضُه المواطن، ولم يسألْ كيف سيتمكَّنُ هذا الأخيرُ من دفع بدل مخالفة سيرٍ تُساوي أجرَه لأربعة شهورٍ مثلاً؟ وبالتَّالي، لم يسألِ المُشَرِّعُ عن كَمِّ المواجهات التي ستقومُ بين المواطن وعنصر تنظيم السَّير، وقد تتحوَّلُ داميةً، وعن الابتزازات الكثيرة الممكنة في هذا المجال، والفضائح التي ستَليها.
ثمَّ إنَّ المُشَرِّعَ عوَّدَنا، بعد أن يَنامَ كما أهلُ الكهف، أنْ ينشطَ ويخرجَ بشبه حلولٍ لمسائلَ أهملَها لعقود، فيضعُ المواطنَ في وجه المواطن، بإقراره قوانينَ مُبهَمَةٍ مِن مثل قانون الإيجارات الأخير الذي، في رأينا المُتواضِع، سيُحدثُ زحمةَ مُساءلاتٍ قانونيَّة، وسيؤدِّي إلى مواجهاتٍ قد تُفضي إلى جرائمَ بين المالك والمستأجر، لا قدَّرَ الله.
وعليه، نقترحُ لقانون السَّير، كيما يُطبَّقَ بالفعل:
أوَّلاً: تخفيض قيمة المخالفات المُقَرَّرة حاليًّا على نحوٍ مَلموس.
ثانيًا: تحديد المدن والبلدات التي سيُطبَّقُ فيها القانونُ، فترةً بعد فترة، بعد تأهيل طرقات تلك المدن والبلدات، وإزالة الحفَر منها، وتثبيت إشارات السَّير والسُّرعة فيها على نحوٍ عقلانيّ، وبحَسَب المَعايير الدَّوليَّة، وبحيثُ يُشارُ إلى أنَّ المدينة، أو البلدة، أو ربَّما الطَّريق العامّ السَّريع بين منطقة وأخرى هي “مُطابقة للمواصفات”، وأنَّ على السَّائق أنْ يتقيَّدَ بها، وإلاَّ استحقَّ المخالفة.
ثالثًا: تطبيق القانون جُزءًا بعدَ جُزء، وانطلاقًا من أولويَّة خطورة المخالفات، بعد عرض بنوده على المواطنين وتفسيرها لهم، وذلك من ضمن حملاتٍ إعلاميَّةٍ وإعلانيَّة، وكذلك بعد تأهيل عناصر شرطة السَّير لجهة كلِّ ما سبَق، كما لجهة طرائق تعاملهم مع المواطنين، وتقديمهم المِثالَ الحَسَنَ لهؤلاء بعدم تَعدِّيهم، هم، على القانون عينه!