يستضيف معهد العالم العربي في باريس معرض “نظرية نفرتيتي“ (يستمرّ لغاية 8 أيلول/ سبتمبر 2013) الذي يأتي انعكاسا لرغبة المسؤولَين عنه سام برداويل وتيل فيلراث في مساءلة الطرق المعتادة لعرض الأعمال الفنية، بل والتشكيك بها.
يتمحور هذا المعرض حول مصر ويقدّم قطعا من العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية، وأعمالا حديثة نفّذها: هونوريه دومييه، موريس دينيز، وكيس فان دونغن، ممدوح محمد فتح الله، فرانسيس فريث، ألبرتو جاكوميتّي، جورج هيناين، إيدا كار، بول كلي، فان ليو، أرمان (أرميراك أرزروني)، لي ميلر، أميديو موديغلياني، محمود مختار، آني نمر، جورج حنا صبّاغ، رمسيس يونان.
كذلك يتضمن المعرض وثائق أرشيفية وأعمال فنانين معاصرين مثل غادة عامر، آدم برومبرغ، أوليفييه شانارين، محمد سعيد بعلبكي، طه بلال، توماس ديماند، جيلبير، جورج، كانديدا هوفر، إيمان عيسى، جيه أند كيه (جين شيفر وكريستين آغرغارد)، إيميلي جاسير، ويليام كينتريدج، سوزان كريمان، ليتل فارسوفي (بالينت هافاس وأندراس غاليك)، مهى مأمون، فيك مونيز، يوسف نبيل، كزينتيا نيكولسكايا، لورين أوغرادي، غريسون بيري، نيدا سينوكروت، توماس ستروث، دافيد جي. تريتياكوف، آي واي واي، علاء يونس وباسم يسري.
ثقافات قديمة ومعاصرة
يدعو القيّمان على المعرض الجمهور إلى التحلّي بنظرة نقدية تجاه المعارض على وجه العموم، والتفكير بعملية سحب العمل الفني من سياقه ووضعه في إطار زمني مكاني مختلف، ولمساءلة ظاهرة تحريف الغاية منه، أي أن المعرض يتمحور حول طموح ومفاهيم قادرة على إثارة شغف الذوّاقة من الخبراء واجتذاب الهواة من الجمهور العريض في آن ، إذ يتنقل بين الثقافات القديمة والمعاصرة: بين بطليموس وجاكوميتّي، وبين فان دونغن واللوحات الفرعونية الملوّنة، مرورا بجيلبير وجيل. بالإضافة إلى العلاقات المعقّدة بين العمل الفني والفنان والمؤسسات.
ما هي نظرية نفرتيتي هذه وفق منظّمَي هذا المعرض؟ هي أولا مجموعة آليات وظروف تؤدي إلى تغيّر وضع قطعة فنية ما أو أي قطعة بسيطة، عندما تُعرض وتخضع للنظر والتأمّل والإعجاب في متحف أو صالة عرض أو مجموعة مقتنيات، لتصير تحفة فنية وتُكرّس رمزاً.
ثمة عملية سحرية في عرض قطعة ما والمباهاة بها، أي أن مجرّد عرض القطعة والنظر إليها ومراقبتها يغيّر من طبيعتها، كما أن الظروف التي تُعرض فيها القطعة تعدّل من النظرة الاستعابية لها. تخضع القطعة المعروضة لمؤثرات كثيرة كالقطع الأخرى المجاورة والبطاقات التوضيحية والنصوص المرافقة والإضاءة إلخ..
تتغيّر عين الناظر واستيعابه بتغيّر الزمان والمكان، هكذا تسعى “نظرية نفرتيتي” إلى قياس هذه المتغيّرات، مما يعيدنا إلى مارسيل دوشان الذي استحوذ على مَبوَلة ليضفي عليها بمجرّد وضع توقيعه صفة العمل الفني، لأن الفنان جزء لا يتجزأ من الآليات المذكورة آنفا، إلى جانب مكان العرض والسينوغرافيا والجمهور أيضا الذي له دور مهم في هذا الصدد. هكذا يتضمن المسار المقترَح أمام الزائر ثلاثة أقسام مخصصة بالترتيب للفنان والمتحف والجمهور.
دور الزمان والمكان
يركّز القسم الأول المخصص للفنان على التوجهات الشكلية لديه والتي يمكن استنتاجها واستنباطها من طريقة عرضه لأعماله. وفي هذا الإطار ينبغي التساؤل حول دور الزمان والمكان حيث يحصل العمل الفني، لفهم عملية البحث والتفكير التي تدور في خلد الفنان الباحث عن طريقته المفضّلة في التعبير عما يجول في داخله.
أما القسم المخصص للمتحف فينكبّ على سياق عرض العمل الفني بغية تحليل العمليات البصرية والنصّية التي تسمح للمؤسسات باختطافه، في محاولةً منها للاستحواذ عليه من خلال معان ووظائف تنسبها إليه، ربّما لم تكن موجودة في نيّة الفنان الأصلية.
يعود القسم المخصص للجمهور إلى الفترات المعروفة التي اكتسبت الأعمال الفنية في سياقها أبعاداً مادية وايديولوجية تتجاوز كثيراً محيط محترَف الفنان والمتحف لتصل إلى الجمهور العريض.
وقبل معهد العالم العربي زار معرض نظرية نفرتيتي متحف الفن الحديث في الدوحة بعنوان “فنجان شاي مع نفرتيتي”، كتبت دورية “يوميات الفن” عنه: “وإذ انطلقا من مصر، لم يقع القيمان على هذا المعرض في فخ النزعة الاستشراقية والهوس بمصر الفرعونية وكليشيهات الربيع العربي.. يقلب هذا المعرض بكل رهافة الكليشيهات الغربية رأسا على عقب ويقدم مرآة للمطالبات والمفارقات التي تعتري العالم العربي”.
كلام الصور
1- ملصق المعرض
2- عمل لمحمد سعيد بعلبكي
3- من المتحف المصري
4- قطعة تجمع بين العصر النيوليتي والعصرنة