“نار المياه” عنوان المعرض الذي تنظمه “غاليري جانين ربيز” للمؤلف الموسيقي والرسام التشكيلي زاد ملتقى (1 حزيران- 12 تموز). بموازاة نشاطه كمؤلف موسيقي، شغل الرسم مساحة واسعة في حياة زاد ملتقى، طبعته الحرب التي عصفت بلبنان ببصمة عميقة: تمزق، عودة إلى الجذور… تماماً كما طبعت الخرب موسيقاه. على مدى سنوات، بقي الرسم عند زاد ملتقى مخبئاً في حنايا محترفه، سارقاً بضع لحظات من وقت الكتابة الموسيقية ليبثه مكنونات قلبه وروحه… عام 2011، عرض لوحات له في “مركز بيروت للفن”، واليوم تنظم “غاليري جانين ربيز” أول معرض فردي له في بيروت.
ولد زاد ملتقى في لبنان عام 1967، أجرى على مدى سنوات بحثاً خاصاً حول اللغة الموسيقية، دامجاً أساسيات الكتابة المعاصرة الغربية (الهيكليات، الاتجاهات، العائلات، العلامات)، إلى مميزات معينة في الموسيقى العربية ( مونودية، تغاير الصوت، شكل، إيقاعات، صوت…)، وطاول هذا البحث مجالات اختبارية … وقد ولد هذا النضج للشكل التعبيري ابتداء من 2003، مجموعة من الأعمال، من موسيقى الجوقة إلى موسيقى الحجرة إلى موسيقى صوت السولو، إلى الكوريغرافيا…
انبثقت فكرة المعرض عندما لاحظ زاد ملتقى وهو يرسم على مساحة واسعة من الكرتون أن الماء يثقل المادة فتنكسر بين يديه. عنف هذا الحدث ألهم مجموعة “نار المياء”، ذلك أن الماء قد يكون من العنف بمكان بحيث يحدث انفجاراً ويجرف كل شيء في طريقه.
منذ زمن يحتل الرسم مكانة مهمة وحميمة لدى زاد ملتقى، ولطالما لجأ إليه في أوقات واجه فيها صعاباً وشكوكاً في ما يتعلق بالموسيقى. إنهما لا ينفصلان في عقله وموهبته الفذة حتى لو كانت الموسيقى تأخذ معظم قته.
منذ سنوات يهتم زاد ملتقى بفن الجداريات الذي يحفز أولى الطاقات الخلاقة، ويثير أسئلة تروي بحثه الموسيقي. لإتمام هذه المجموعة من النار والماء، عمل في وسط صخري في مرتفعات جبال تنورين. تدافعت لديه الأفكار، وترجمت لوحات ومؤلفات موسيقية…
مجموعة اللوحات المعروضة تكشف القيم المتأصلة في الخلق مثل التناقض والأضداد والازدواجية. ففي أعماق الليل والصمت في مرسمه، انبثق تغيير مفاجئ في مسار رسمه، فأضحى بوحاً متسلسلاً يحوّل بالتتابع عملية الخلق، فالماء والنار من رموز التطهير والخصب وأيضاً من رموز الهدم، ومع كل ثنية وكل تمزق على المساحة الجاهزة للرسم يكتشف حدود المادة، ويختبر الهشاشة والتجزئة.
كلام الصور
1- من المعرض: Leger turquoise
2- من المعرض: Ocre