الشيخ سامي أبي المنى
في زمن العولمةِ يدعوك غاندي بو ذياب للدخول إلى عالم التراث والفن، في ما يتقاتلُ الناسُ على أيديولوجياتٍ فارغة ومصالحَ ماديةٍ وكراسٍ وأوهامٍ دنيوية، ينقُلك غاندي إلى رحابِ الطبيعةِ والتاريخ والبساطةِ، في رحلةِ سلامٍ مع الذات ومع الآخر، لتعيش التآلفَ والمحبة، في كهفٍ أراده تحفةً فنيةً، تتكلم ذوقاً وتتلوّن حِسّاً وترتسم في البالِ أغنيةً تُطربُ الروحَ وتُنعشُ الخيال، أطلق عليه اسم “كهف الفنون”.
في زمن التجاذبات المفرطة في الانقسام والعبثية، يجذبك غاندي بو ذياب إلى الوحدة الانسانية، تتمثّل إنساناً سويّاً واحداً، حيث الكرامة لا تتجزّأ، والحقيقةُ لا تتقسّم وان اختلفت مظاهرها، والمرايا المتقابلةُ تعكسُ وحدةَ الوجوه والوجودِ، وحيث الفنُّ وسيلةً للتعبيرِ، أتقنها المرهَفونَ المبدعون، شعراً ورسماً لحناً ونحتاً وحركةً، وحيث الفنُّ رسالة من خلالها يتبلور الحق والخيرُ والجمال قصيدة أو لوحة أو تمثالاً أو نشيداً أو رقصةً مُعبِّرة.
وهل أروعُ وأبدعُ من يدٍ تخُطُّ وترسمُ، وتنحت وتعمِّر، ومن شفَةٍ تنطقُ حكمة وتُغنِّي للحياة، ومن عينٍ ترى عظمة الخلق والابداع في كلِّ مشهدٍ صغيرٍ أو كبير، ومن أُذنٍ تسمعُ الحنينَ والصخبَ في آنٍ، ومن روحٍ تفعلُ وتنفعل بما يُمليه العقلُ وتتلقّفُه النفسُ.
إنسانية بلا حدود
ثنائيّةُ لا تنتجُ إلا الخيرَ ولا تُقضي إلا إلى السلام، على يدِ فنانٍ متعدد المواهب كغاندي بو ذياب أو شاعر أو أديب كمثل هذه الكوكبة الجميلة، ممن يمتلكون من رجاحة العقل ما يردعهم عن مزالق الشرِّ والأذى، ومن صفاء النفس ما يرتفعُ بهم إلى مراقي الإنسانية، إنسانية بلا حدود، لا تخدشها السياسة ولا تُغرقها الأطماع، ولا تشتتّها العولمة المتوحشة، إنسانية لا تتحكّم بها أصابع الفايس بوك إغواءً وإغراءً وفساداً وتمويهاً، إنسانيةٍ تقوم على الصّدق والأخوة، لا فرق فيها في الدين والمذهب والانتماء، بل الفرق كلُّ الفرق، في ناسٍ يتعولمون فيبتعدون عن القيم والأصالة والوطنية والإنسانية، وناس آخرون، متجذّرون في الإيمان والفضيلة والمحبة، وأولاءِ هم الفنانون الخيّرون أمثال غاندي بو ذياب، الذين بهم نعتزُّ وعليهم نعوِّل، وأولاء هم عناصر الجمال في المجتمع الذين يتحدّون الكراهية والعبثية والإحباط والظلم والفساد والآفات، ويقدّرون ما وهبهم إيّاه الله تعالى فنقدّرهم ونعتزُّ بهم وبما في كهوفهم وقصورهم يُبدعون.
“مرقوق ومحَمَّص”
في إحدى رسومات بو ذياب الشهيرة الناطقة بكل الألوان والفصول نرى في زيتية “مرقوق ومحَمَّص” بعداً ثلاثياً يوازي العالمية بفرادة إسلوبه وجرأة لونيَّته، التي تكاد ان تجذبك وتُمَسْمِرك أمامها لوقت طويل، إضافة إلى رسومات أخرى مشهورة أيضاً: “جارة وجرَّة”، “العِدّة تِلتَينْ المعَلِّم”، “زمان يا خدود الرِمَّان”، “يا حسرتي”، “العمر منشار”، “صفنة غروب”، “يا بارك الله”، “دِشَشْ”، “عمق التأمل”، “شدّ الهمة”، “راجع رايح”، “نقطة عَرَق وتراب”، “الإيدين الخُضُر”، “وسنين يا جدّي”، وغيرها الكثير في مواضيع التراث والخيل العربي.
علماً أن الفنان يقوم حالياً بالتحضير لإقامة معرضٍ تشكيليٍ في دبي أواخر السنة، فيما يؤكّد بو ذياب أن زيتية “مرقوق ومحَمَّص” بصورةٍ خاصة قد تم استنساخها وطبعها ورسمها وحذف اسمه ونشرها في لبنان والخارج في كتبٍ وأفلامٍ وثائقية إضافة إلى لوحات أخرى عائدة له دون إذن مسبق.
ويقول إن ليس لديه أي مشكلة في وضع أي لوحة على أي صفحة من مواقع التواصل الإجتماعي وغيره عبر إشارة share وذكر اسمه. وأي عمل يحصل خلافاً لذلك يُعَرِّض صاحبه للملاحقة القانونية وتغريمه أضعافاً مادية أمام المحاكم المختصّة، وهو ما زال يقوم بالتمحيص والتدقيق لكشف المتورطين وقد عيَّن محاميا لهذه الغاية.
كلام الصور
1- من أعمال الرسام التشكيلي.
2- الفنان/الشاعر غاندي بو ذياب.
3- 4- 5- 6- 7 من أعمال الفنان.
******
(*) بالاشتراك مع aleph-lam
www.georgetraboulsi.wordpress.com