ريــحُ الغَـريبَـة

الشاعرة نَدى نعمه بجاني

nada nehme bejjani 11

سَهَوتَ ساكنَ الطَّرفِ خَليلَ الفؤادْ
وَذَهَبتَ بقَلبكَ إلى سِوايْ
تُخالِفُ العَهدَ .. تَخونُ الودادْ
فَكانَتْ في سَهوِكَ صَحوَتي
وَكانَ أَنَّ حُبَّكَ قَدِ احْتَضَرَ
وَانتَزَعْتُ مِن فؤادي هَواكْ
فَها لَكَ الآنَ تَتبَعُهُ وَمِن مُهجَتي تَرحَلُ
وَها الفؤادُ في قَفرِهِ يَزهو
ما عادَ في أسرِكَ يَأتَمِرُ
وَما عادَتْ مُتعَةُ الشَّوقِ فيكَ تُقْتَصَرُ..
هَلُمَّ فُكَّ أغلالَكَ وَحَرِّرْ سَواعِدَكَ
أشِحْ بوَجهِكَ فَقَد مَلَّكَ البَصرُ
وَارحَلْ بذِكراكَ كَما الزّائِلُ
فَأخرُجُ مِن لَيلِكَ وَأَسْتَتِرُ
أُفلِتُ مِن زَمَنِكَ وَيَهْدَأُ العُمرُ
لأَجدَ الحُلُمَ أمامي يَسهَرُ
وَأراكَ مُعَلَّقًا فَوقَ صُبّارِ البَراري
بقَمْحٍ مَهجورٍ وَصَهيلٍ مَقهورٍ تَستَعِرُ
مُسْتَسْلِمًا لِغَريبَةٍ أوْمَأتْ
فَعَدَوْتَ بُغيَةَ أنْ تَرثَ السَّماءْ
تَتَأبَّطُ ناياتِكَ.. تَقودُ أقْواسَكَ
لِتَجدَها في مَخدَعِها تَنتَظرُ
وَأجدُكَ كَما عَرَفتُكَ
تَجثو مِنْ خَدرٍ.. تَتَوسَّلُ
وَحينَ يُطارِحُ الأرضَ المَطَرُ
تَشهَقُ كَما يَشهَقُ الصَّقرُ
” يا امرَأةً شاطِريني دِفئَكِ ” ..
وَتَصُبُّ في بَحرِها قَوافِلَ المِلحِ..
فَأُدرِكُ أنَّكَ مِنّي تُفْلِتُ
تَقودُكَ امْرأةٌ
تُشْعِلُ النّارَ في الغاباتْ…
وَأمْضي أنا مِرْآةً لِلعاشِقاتْ
أُسَرِّحُ تَجاعيدَ شَعري
أَطْلي الهَجانَ بَشرَتي بمَزيجٍ مِن كَوثَرٍ وَرُخامِيّاتْ..
أتَزَيّا شَأنَ جَميعَ النِّساءْ
وَأنتَظرُ برُؤًى غَيرِ اعْتِادِيَّاتْ
لأسْتَقطِبَكَ مِنْ يَدِ غَيمَةٍ،
وَأُدْخِلَكَ كَونًا قُصِيَتْ مِنْهُ أنظِمَتُهُ
أتَشَبَّثُ بكَ بُرْهَةً مِنْ سُكونٍ
وَأُوَيْقاتٍ مِنَ السَّعاداتْ .

******

(*) مِن ديوان ” قادِمَةٌ مِنَ الصَّفاء”

One comment

  1. يقول د محمّد محمّد خطّابي/ إسبانيا.:

    جميل جدّا،بل رائع شاعرتنا الرّقيقة،وأديبتنا الأنيقة، ذات الكلمات الرّشيقة..الصديقة الرائعة، والمبدعة اللامعة ندى نعمه بجاني حفظها الله ..كعادتك فى إجادة فنّ القول والإبداع ..النتيجة …مشاعر مُرهفة ،وأحاسيس مُترفة ، كلمات تندّ منها قطراتُ النّدى، والشّذى، والرِقّة والعذوبة، والشفافية،والصفاء، والعفّة، والنّقاء، والنّبل، والوفاء، والطهارة والرّجاء… خيالٌ مجنّح يحلّق بنا فى الأعالي السّامقات …ولغة طيّعة ،سلسة، مَرنة،حُلوة ، طليّة ، جليّة،بلّوريّة صافيّة، شفيفة نقيّة، لا هي بالحوشية الشاذة الشّاردة، ولا هي بالهابطة المُسفّة.. بل لغة راقية ، دانية،رانية، تدخل القلبَ بدون إستئذان لتدغدغ عواطفَنا ،وتوقظ حواسّنا ،وتشبع ظمأَنا، وتروي غليلَنا،وتُنعش أرواحَنا،وتَسكنُ جوارحَنا، وتقطنُ ثنايا ،وطيّات، ومخادع أضلعنا، …الشّعر عندك أختاه الفاضلة همسٌ ، ولمسٌ ، وبزوغُ شمسٍ،وطلوع قمرٍ، وإنتشار نجومٍ لجينيّةٍ، فضّيّة،قد أثقلتها حمولاتٌ من مسكٍ، وعنبرٍ،وسِحرٍ،وعِطرٍ،عبقٍ فوّاح ..وهو عندكِ إشارةٌ، وإثارةٌ ،وإستخارةٌ، وهو ورقيٌّ، وسموٌّ ،وعلوٌّ بالذّوق الرّفيع، والأدب البديع،والفكر المستنير من عذبِ الكلام وحلوه…لله ذرّك شاعرتنا الصادحة،ومُبدعتنا الرّاجحة، وبارك المولى تعالى فى حِبرك المُزن،وجَلمك الأعلى،ويراعك الأسمى، ويُمناك المباركة.أكتب لكِ هذه الكلمات وأنا أمام ألبوم شعريّ آخر منقوشٍ بأحرفٍ من ذهب عسجد، على أحد جدران الحمراء لشاعرها المُجيد،ومُبدعها الفريد إبن زُمرك الهائمُ،والآيّمُ، والمُتيَّم في الأندلس، وماضي الأندلس، وشِعر الأندلس، وأدَب الأندلس، وموسيقى الأندلس،ومُوشّحات الأندلس،وخَرْجات الأندلس، وتاريخ الأندلس، وعُمران الاندلس،وعقيان الأندلسن، وقلائد الأندلس، ورفاهية، وشفافية، وترف الأندلس، وقصور،ودور، وحصون الأندلس، خطّتْ أشعاره على حاشيةِ مرمرٍ مَسْنون، وذهَب مَوْضون ببهو الأسود…وأنا أقرأ….إنّه يقول فيها :
    يذوبُ لُجَيْن سال بين جواهر
    غدا مثله في الحُسن أبيض صافيا
    تشابه جار للعيون بجامد
    فلم ندرِ أيّاً منهما كان جاريا
    ألمْ ترَ أنَ الماءَ يجرى بصفحها
    ولكنّها سدّت عليه المجاريا
    كمثلِ مُحبٍّ فاضَ بالدَّمع جفنُه
    وغيض ذاك الدَّمعُ إذ خاف واشيا .
    صفيّكِ المخلص د محمّد محمّد خطّابي.غرناطة/ إسبانيا

اترك رد