إحلم، يا رجل! (12) … ولا تنسَ الرّؤيا!

الأديب إيلي مارون خليل

elie… ويا رجلُ! إحلم!
تعبتَ؟ ألَّلجوجُ لا يتعب. ويجبُ ألّا!.. حزنتَ؟ ألطَّموحُ لا يحزن. ويجبُ ألّا!.. يئستَ؟ ألمؤمنُ لا ييأسُ. ويجبُ ألّا!.. انطفأتَ؟ ألمُشرقُ لا ينطفئ. ويجبُ ألّا!…

مَن يَلُجُّ، أو يُلِحُّ، حقًّا، لا ينتبه! ذلك، من طبعه، يكون، وفي طبعه. والطّبْعُ ثابتٌ، ويُعمَلُ على ثباتِه، خصوصًا إذا كان إيجابيًّا! والثّابتُ على رأيٍ، موقفٍ، غايةٍ، إتّجاهٍ، رؤيا… لا يتراجعُ، ولا تحدُّه حدودٌ، مهما امتدّت؛ ولا يَلجمُه مَدارٌ، مهما اتّسع. وعليه، يبقى عنيدًا، مُعانِدًا، لا تقهرُه صُعوبةٌ، لا يُعيقُه شيءٌ، ولا أمرٌ، ولا امرؤٌ!

والّلا يتعبُ، دائمُ الحركةِ، العملِ، الأداءِ. ألحركةُ مبدأُ الحياة. والعملُ شريعةُ “أهلِ الأرضِ”! والأداءُ يُميِّزُ بين المتحرِّكينَ، العاملين، المجاهدين، الواصلين، حتْمًا، إلى تحقيق الأحلام.

ومَن يحزنْ، أو يكتئبْ، يسقطْ في سِباق الحياة. ألسّاقطُ في السِّباق، يتجاوزه الآخرون، يسحقونه. تُدمِّرُه الحياةُ نفسُها، فهي لا تُحبُّ إلّا الفرِحين المُخاطِرين، لأنّهم، في سبيلها، أفضلَ وأكثرَ رقيًّا، عاملون، مُجَلّون في عملهم. والعمل للفرد وللجماعة، معًا، يكون. عملُ الجماعةِ أضمنُ نجاحًا من عملِ الأفراد. ألمتسابقُ في سبيل الحياة، يعمل بإيجابيّةٍ خلّاقة، هي هي جوهرُ الحياةِ: حلوةً، مُلَوَّنةً، مُلَوِّنة، غنيّةً، مُغْنِية.

والّلا يطمحُ، مُقعَدٌ. مقعَدٌ بإرادته والرّغبة. يحذف نفسَه من فِهْرِسْتِ النّجاح، فِهْرِسْتِ الفرح. إذًا لا تطيبُ له الحياةُ، وتاليًا لا فائدة، منها، تُرْجى.

ومَن ييأسْ، أو يتطيَّرْ، يمتْ، وترذله الحياةُ. فهي لا تُباركُ، أو تُهَلِّلُ، أو تسعد، أو تنفتحُ، إلّا لذوي الفرح، مَن هم فَرِحونَ يُفرِحون. ألفرحُ ذاتيٌّ ينتشرُ، كالعَدوى، ينقلُها الهواءُ إلى المجتمع، وفيه، فيضحى جَماعيًّا. والفرحُ الجَماعيُّ، بدوره، ينمو، يُنمي، يُبدِعُ، يَخلق، لا إلى نهاية. ألفرحُ عاملُ نجاح، حيٌّ مُحيي. ما يُساعد في العملِ، في تحقيق أهدافِ الذّات: إفراديّةً وكونيّة. وأهدافُ هذه الذّات الفَرديّة ــ الجَماعيّة، هي أحلامُ الأفراد والجماعة. ألفردُ جَماعةٌ، والجماعةُ فَرْدٌ، في حركةٍ تَشابُكيّةٍ، انسِجاميّة، مُتَغلغِلةٍ، في نُسْغِ الحياةِ، نافذٍ، بدقّةٍ، منها وإليها.

صحيحٌ! إنّ المؤمنَ لا ييأس. ألمؤمن راجٍ أبدًا. رجاؤه سليمٌ، صائبٌ، لا يَخيب. وعليه، يقترنُ الإيمانُ بالعمل بالفرح بالرّجاء، انطلاقًا من الحلم. ألمؤمن حالمٌ يُهَنْدِسُ أحلامَه ليحقِّقَها بدرايةٍ وثِقة.

ومَن يُشرِقْ، أو قُلْ: مَن يَشعُّ إيمانًا وفرحًا ورغبة وعملًا، أيعرفُ ألّا يحلمَ له ولجماعته: مجتمعِه ووطنِه وأمّتِه؟ والحالمُ المميَّزُ المميِّزُ، يتدفّقُ أحلامًا لا تني تنبثقُ بعضُها من بعضٍ، على رجاء اكتمالِها، فتَحَقُّقِها، بهذا تكون، أنتَ، نعم أنت، مسؤولًا عن تحقيق الأحلام الّتي هي، جِدِّيًّا، مستقبَلُ العمر، مستقبلُ الإنسان، في أيّ مكان، في أيّ زمان.

توكّل على إرادتك والطّموح، يا رجل، واحلم!

ورؤياك! لا تنسَ الرّؤيا!

إحلم!

ألسّبت 13- 9-  2014

اترك رد