الأديب إيلي مارون خليل
إحلم، يا رجل! واعرفْ أنّ الحلمَ الحقيقيَّ مقترِنٌ باثنين: الإرادة والطّموح! ومنهما إلى الإفادة، الخير، الحقِّ، الجمال: جسدًا ونفسًا.
فالإرادةُ رغبةٌ في تحقيق الحلمِ الّذي نُكوِّن. وهذه الرّغبةُ تقتضي القُدرةَ، وهذه تفترضُ الثّقة، وهي تُبنى على المعرفة. ألعارفُ، حقًّا، واعٍ، مسؤولٌ، مُخطِّطٌ لا يتراجع. يريد يبني حلمَه!
والطُّموحُ هدفٌ نخلقه لنا، نُهندِسُه، نُجمِّلُه، نَصقلُه، فنقع في محبّتِه. نُسَرُّ به، فنعمل على تحقيقِه، بعزم، باندفاع، بحماسة، بفرح. نعظِّم حلمَنا ليعظُمَ مستقبلُنا. نبني الحلمَ!؟ والحلمُ يَبنينا! نبني المستقبل!
وحين نُحقِّقُ، بالإرادة ومقتضياتها، وبالطّموح ومكوِّناتِه، الحلمَ الّذي به نحلم، ومن أجله نحيا، نستفيد ونُفيد. والإفادةُ فرديّةً تكون، وعامّة، معًا! وإلّا فليست بالفائدة. تبقى فائدة. هذه أنانيّة تُضِرُّ بالآخر، أيِّ آخر! والأنانيّةُ ليست حبّ الذّات، فحسْبُ، بل إنّها حبُّ الذّاتِ وكُرهُ الآخرين! صاحبُ هذه الميزةِ ذو حلمٍ مريض، حلمٍ مرضيٍّ!
ألخيرُ؟ صلاحُ الإنسان بالمطلَق، وليس فردًا مُحَدَّدًا. تحقّقُ حلمَك تُشعِرُ الآخر بسهولة الأمر. يريد يحقِّقُ حلمَه إزاءَ تحقيقِ السّوى أحلامهم. فيهُبّ الجميعٌ إلى طريق تحقيقِ الحلم. ينسى الجميعُ الحسدَ الغَيرةَ، يُلغى التّسابُقُ الأغبى، فلا يهتمّ المرءُ إلّا لذاتِهِ.
والخير؟ أن يكون الجميعُ بخير، بنعمة، فينتشر الرّفاهُ، الرَّخاءُ، الّسلامُ، السّكينةُ، المحبّة. وهو الأخوّةُ فلا نِزاع، والفرحُ فلا حزن، والمحبّةُ فلا كَراهية، والفضائلُ، جميعُها، فلا سيّئات… إلّا النّادر منها!
والحقّ؟ إقرارٌ بالآخر! وهذا بحقِّ آخر. وآخر بحقّ آخر. وآخر!.. إلخ. حين تعترف بحقّ الآخر، تكون اعترفتَ بالآخر: إنسانًا يُساويك. يُساويكَ أهمّيّةً. أهمّيّة أحلام. أهمّيّة إرادةٍ. أهمّيّة طُموحٍ. فيا لَسلامِكَ الدّاخليّ العميقِ، الصّادقِ، الغنيّ، القويّ، السّاحر… ويطمئنّ الكونُ، ويسكنُ على اسمِ القِيَمِ واسمِ النِّعَم!
والحقُّ؟ اعترافٌ بما هو للآخر. ما هو للآخر، أيّ آخر، من أيّ جنسٍ، أو بلد، أو لون، أو طبقة، أو دين، أو طائفة، أو مذهب… ألجميعُ سَواسية.
واحلم، يا رجلُ! إحلم بأنّ الجَمالَ مزيج تلك القِيَمِ ــ النِّعم! وبأنّه تحقّق! وبأنّه ثابتٌ، دائمٌ، لا يتخلخلُ، لا يزول، لا يتزعزع، لا يَحول… فأيّة نعمة كانت الحياة!؟
إحلمْ! تنسَ واقعًا مُزرِيًا، حقيرًا، تافهًا، جاهلًا مُدَّعيًا، غضوبًا أرعنَ، سخيفًا سَفيهًا… فترتاح! وإلّا، لظللْتَ في بؤس وجودِك، تنحدر نحو العدميّة الظّلاميّة… ولا مَن يُعين!
ألا تريد، يا رجل، شيئًا من راحة، من سَكينة، من طمأنينة!؟
إذًا، فامضِ في دروب الأحلام… إحلم!
ألأحد 31/8/2014